كيف أشعلت "نعمت شفيق" جامعات أميركا؟

بدأت الشرارة من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، حيث أقام الطلاب "مخيم تضامن" مع غزة في الحرم الجامعي، وتظاهروا على مدار خمسة أيام.

مطالب شبان وشابات كولومبيا كانت واضحة، وهي قطع العلاقات التي تربط جامعتهم بجامعة تل أبيب التي ترتبط باتفاق تبادل مع كولومبيا.

إلا أن نعمت شفيق، رأت في تظاهر الطلاب، بحسب وكالة فرانس برس، ما يخالف "قواعد السلامة والأمن داخل الحرم الجامعي" واستدعت الشرطة لتفريق المحتجين، وأُلقي القبض على أكثر من 100 منهم.

وقال رئيس دوريات شرطة نيويورك، جون شيل، للصحافيين إن الطلاب الذين تم توقيفهم كانوا "سلميين" ولم يقاوموا الشرطة بأي شكل.

لكن التخلص السريع من المحتجين لم يمنح الجامعة الأمن المطلوب، حتى أن الجامعة أعلنت الإثنين استئناف الصفوف الدراسية عن بعد.

إلا أن مشهد دخول أفراد الشرطة للحرم الجامعي لم يشكل رادعا للطلاب في الجامعات الأخرى، إذ اشتعلت موجات تظاهرات في جامعة نيويورك، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة يال وغيرها.

يوم الإثنين 22 أبريل، بعد أيام من تظاهر الطلاب، تأييدا للفلسطينيين، في ساحة بينيكي بلازا بجامعة يال، استدعت الجامعة الشرطة ما أدى إلى إلقاء القبض على ٦٠ شخصا، من بينهم نحو ٤٧ طالبا وطالبة، وذلك بعد أن رفضوا أمرا بمغادرة الساحة بشكل طوعي.

وقالت الجامعة في بيان، نقلته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية: "اتخذت الجامعة قرار توقيف هؤلاء الأفراد الذين رفضوا مغادرة الساحة، واضعة في اعتبارها أمن وسلامة مجتمع يال بأكمله، وإتاحة أمكانية الوصول لمرافق الجامعة لكل مجتمعنا".

بحلول مساء الإثنين 22 أبريل، كانت الشرطة ألقت القبض على مجموعة من داخل حرم جامعة نيويورك أثناء تظاهرة أخرى مؤيدة للفلسطينيين، من بين هؤلاء الذين أُلقي القبض عليهم، أعضاء من هيئة التدريس، بحسب موقع أكسيوس.

وقال جون بيكمان، المتحدث باسم الجامعة، أن الجامعة أقامت عددا من الحواجز في الساحة خارج كلية إدارة الأعمال لمنع تعطيل الفصول الدراسية، بعد أن بدأ ٥٠ شخصا في الاحتجاج "دون إشعار الجامعة، دون تصريح".

ولكن بحسب رواية بيكمان اخترق بعض المتظاهرين الحاجز، ممن يعتقد أنهم لا ينتمون لجامعة نيويورك، مما شكل انتهاكا "لقواعد الجامعة".

يقول بيكمان إن المسؤولين علموا أن المتظاهرين رددوا هتافات ترهيبية، كما تم الإبلاغ عن حوادث معاداة للسامية.

يمكننا أن ندع هنا، نعمت شفيق، تجيب بنفسها على السؤال، فرئيس الجامعة ترى أن حرم كولومبيا على سبيل المثال، شهد "أمثلة على الترهيب" و"سلوكيات قائمة على المضايقات"، كما وصفت في خطاب مفتوح إلى أسرة الجامعة.

وأضافت: "اللغة المعادية للسامية، حالها حال أي لغة أخرى تستخدم لإيذاء وتخويف الناس، غير مقبولة وسيتم اتخاذ إجراءات مناسبة".

كما أعلنت في خطابها تفعيل الدراسة عن بعد "من أجل خفض التصعيد في مشاعر الضغينة ومنحنا جميعا فرصة التفكير في الخطوات المقبلة".

لكن رئيسة الجامعة تؤمن أن هناك طرفا آخر في المعادلة، أو أطرافا خفية، تصفهم حسب وكالة فرانس برس بأنهم غير مرتبطين بالجامعة، لكنهم قدموا إلى الحرم "من أجل أجندتهم الخاصة" وضخموا التوترات.

حسنا، هناك مفارقة بسيطة في قصة رئيسة جامعة كولومبيا، وهي أصولها المصرية، فقد ولدت في الإسكندرية، وانتقلت مع أسرتها للولايات المتحدة في عمر ٤ سنوات.

ولكن يبدو أن السياسة تلاحق شفيق منذ البداية، إذ يقول موقع الجامعة إن أسرتها "هربت" من مصر على خلفية اضطرابات سياسية واقتصادية في منتصف الستينيات.

بعد دراستها للاقتصاد حققت شفيق الكثير من النجاحات على المستوى المهني، فبدأت العمل في البنك الدولي، وأصبحت أصغر نائب رئيس له في عمر ٣٦ عاما، وعملت أيضا نائبا لمدير عام صندوق النقد الدولي، ونائب محافظ بنك إنكلترا، وحصلت على لقب "بارونة" في مجلس اللوردات البريطاني.

على موقع صندوق النقد الدولي، يشيد بعض الأشخاص بسمات شفيق الشخصية، فيقول الرئيس والمدير التنفيذي لصندوق بيزوس للأرض، أندرو ستير، إن شفيق في شبابها تميزت بقدرتها على "الجمع بين الفطنة والتعاطف الاستثنائي والذكاء السياسي".

وتقول رئيس البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد إن شفيق تتمتع بأسلوب "القيادة اليقظة والشاملة" وتُضيف متحدثة عن زميلتها: "لا تصبر على تصرفات الحمقى، ولكنها ستمنح فرصة للجميع".