إشارات وعقبات.. هل اقترب موعد اجتياح رفح؟

أحد أبرز علامات قرب الاجتياح البري لرفح هو استدعاء الجيش الإسرائيلي ونقل كتيبة الاحتياط 2 وكتيبة 679 من الشمال لقطاع غزة، واطلاعهما على أبرز الدروس والعبر المستخلصة من تجارب الجيش القتالية والميدانية في غزة خلال الأشهر الـ٦ الأخيرة.

هذا بالإضافة لصور أقمار صناعية تظهر اتساع رقعة "مدينة الخيام" للنازحين بجوار خان يونس، وقول صحيفة معاريف إن الجيش بصدد توسعة المنطقة المصنفة "منطقة إنسانية" في المواصي لتستوعب تلك الأراضي الفارغة القاحلة نحو مليون نازح.

يضاف إلى ذلك طرح وزارة الدفاع الإسرائيلية عطاء لتوريد 40 ألف خيمة تتسع كل منها لنحو 12 شخص أي نصف مليون شخص بالمجمل.

هناك أيضا الميناء البحري الذي قال البنتاغون الأميركي، الإثنين، إن أعمال بنائه ستبدأ في القريب العاجل لإدخال المساعدات لغزة، وهو ما قد يكون بوابة بديلة لتلك المساعدات عن معبر رفح في حال دخول إسرائيل المدينة.

القناة 13 الإسرائيلية تقول إن اجتياح رفح سيحدث بعد انتهاء أعياد الفصح الجارية والممتدة حتى يوم 29 إبريل، وتضيف أن نتنياهو وعد ببدء عملية إجلاء النازحين في رفح خلال أسبوعين، ما يعني أن الهجوم قد يبدأ في بداية شهر مايو.

الجيش الإسرائيلي وافق على خطة محدثة لاجتياح رفح هذا الأسبوع وهي الخطة الرابعة التي يقدمها الجيش.

وستكون المرحلة الأولى في العملية العسكرية المرتقبة هي إخلاء المدينة من نحو مليون ونصف مليون شخص فيها خلال 4-5 أسابيع أو 2-3 أسابيع في تقديرات أخرى.

المحلل والباحث الأوروبي البارز، هيو لوفات، من مركز المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قال إن الطريقة التي ستتبعها إسرائيل في إخلاء رفح ستكون "نسخ-لصق من الأسلوب العنيف في الشمال".

وقال لوفات إن إسرائيل ستفعل ذلك من خلال رفع حدة القصف على المدينة وإلقاء منشورات تطالب السكان بالنزوح نحو المواصي، وتحميل مسؤولية ترتيب عملية النزوح للأمم المتحدة والمنظمات الدولية واعتبار كل من يبقى في رفح على أنه "من الكيان المعادي".

وبالفعل لا يوجد أي دليل ميداني حتى اللحظة أن الجيش الإسرائيلي سيقوم بنفسه بإنشاء مدن الخيام أو مناطق النزوح الإنسانية أو ترتيب إجلاء السكان.

بعد الإخلاء، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن الجيش الإسرائيلي سيدخل رفح بشكل تدريجي لمدة 6 أسابيع وسيقوم باستهداف مناطق يعتقد بوجود قيادات ومقاتلي حماس فيها.

وتقول صحيفة والا إن الجيش سيركز في رفح على مقرات حماس وحكومة غزة ومنصات إطلاق الصواريخ والأنفاق واغتيال كبار القادة.

وتضيف الصحيفة الإسرائيلية أن وزير الدفاع وافق على الخطة لكنها في انتظار موافقة الطبقة السياسية.

في شهر نوفمبر الماضي، أصرت إسرائيل أن قادة حماس ومقر القيادة والسيطرة التابع للحركة والعديد من الرهائن يتواجدون في مدينة أنفاق واسعة تحت مستشفى الشفاء.

لكن، بعد اجتياح الجيش للمستشفى، وتفتيشها بدقة شديدة، لم تعثر إسرائيل سوى على نفق واحد صغير به غرفة واحدة بسريرين صدئين ومطبخ وحمام، وقالت أسوشيتد برس إن ذلك النفق بدى خارج الخدمة ولا يثبت وجود حماس في المستشفى.

بعد تلك الحادثة، سارعت إسرائيل للقول إن قائد حماس في غزة، يحيى السنوار، والرهائن، ومركز القيادة والسيطرة، مركزهم في خان يونس، وقام الجيش باجتياح المدينة لأكثر من 120 يوما، ثم غادرها من دون العثور على أولئك القادة والرهائن.

الآن، تزعم إسرائيل أن الرهائن وقادة حماس موجودون في مدينة رفح وأن المدينة فيها 4 كتائب قوية وهامة لحركة حماس يجب القضاء عليها لتحقيق "الانتصار المطلق".

هذا رغم أن حماس ما زالت لديها كتائب نشطة في دير البلح والنصيرات لم يقم الجيش بمواجهتها بعد، بالإضافة لإقرار إسرائيل أنه ما زال هناك نحو 5000 مقاتل تابع لكتائب القسام في شمال غزة بعد كل المعارك التي خاضها الجيش هناك.

علاوة على ذلك، قالت صحيفة معاريف إن الجيش الإسرائيلي أصبح محط سخرية وسخط داخلي بسبب عودته لاجتياح مدينة بيت لاهيا مرة أخرى لمحاربة حماس فيها بعد زعمه بأنه "طهر" المدينة بالكامل في شهر يناير الماضي.

فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، قال الثلاثاء إنه "عندما نرى مستوى الدمار في المنطقة الوسطى وفي شمال غزة، ليس من الواضح لنا أين سيُنقل الناس.. حيث يمكن أن يحصلوا على مأوى لائق والخدمات الأساسية".

وأضاف "لذلك، اليوم، وبالمعلومات المتوفرة لدينا ومن حيث نقف، لا نرى أن هذا الإخلاء الجماعي ممكن".

تحذيرات كاربوني من استحالة إخلاء أكثر من 1.5 مليون نازح وساكن في رفح رددها العديد من المسؤولين الأمميين وقادة الدول الغربية الذين حذروا من أن احتياج المدينة الجنوبية سيكون "كارثيا" بكل المقاييس.

الولايات المتحدة كانت قد عارضت غزو الجيش الإسرائيلي لرفح من دون خطة واضحة لحماية وإجلاء المدنيين في المدينة، وعندما قدمت إسرائيل خطتها بهذا الشأن قابلها البيت الأبيض بالسخرية ما دفع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، للصراخ خلال الاجتماع.

وكذلك، كررت العديد من الحكومات الأوروبية بما في ذلك ألمانيا معارضتها لاجتياح رفح.

لكن بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل في شهر إبريل، كانت هناك تكهنات بأن البيت الأبيض أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لاجتياح رفح مقابل التنازل عن شن هجوم إسرائيلي قوي ضد إيران.

وعقد طاقم الرئيس بايدن اجتماعا آخر مع نظرائهم الإسرائيليين، الخميس الماضي، لمناقشة رفح، ومن ذلك الحين توقف بايدن وإدارته عن إصدار أي تصريحات تطالب بعدم اقتحام المدينة الجنوبية.

وتوقفت أيضا تصريحات ألمانيا المطالبة بعدم تنفيذ الاجتياح الوشيك، لكن الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيف بوريل دعا يوم الإثنين لتجنب غزو رفح.