ترحيل اللاجئين.. إسرائيل فشلت ودول تراقب "التجربة البريطانية"

في شهر أبريل 2022، وقعت الحكومتان البريطانية والرواندية على اتفاق "الشراكة في الهجرة والتعاون الاقتصادي" الذي نص على استقبال مبدئي لنحو 200 طالب لجوء من بريطانيا وفحص طلباتهم في كيغالي وإعطاء من يستحق منهم الإقامة الدائمة في رواندا ومنعهم من العودة.

في المقابل، تدفع الحكومة البريطانية مبلغ 120 مليون جنيه إسترليني لـ"صندوق التحول والتكامل الاقتصادي" الرواندي بالإضافة لإعطاء حكومة كيغالي مبلغ 20-30 ألف جنيه إسترليني عن كل طالب لجوء.

أول المرحلين سيكونون من فئة الرجال غير المتزوجين أو القادمين من دون زوجاتهم، وسيُطبق قانون الترحيل فقط على طالبي اللجوء من دول العالم الثالث لأن الترحيل يشترط دخول طالبي اللجوء لبريطانيا بطرق غير شرعية عبر القوارب مثلاً.

الحكومة البريطانية تبرر خطة رواندا بالقول إنها تهدف لردع طالبي اللجوء من المخاطرة بحياتهم للوصول لبريطانيا والوقوع فريسة في يد المهربين المتاجرين بالبشر.

لكن منظمات حقوقية عالمية فندت تلك المزاعم وقالت إن خطة رواندا لن تردع طالبي اللجوء، وإنما تجبرهم على سلك طرق أكثر خطورة والتخفي عن الأنظار ما يجعلهم أكثر عرضة للخطر والاستغلال.

لطمأنة الرأي العام، جهزت رواندا ملاجئ لاستقبال طالبي اللجوء المرحلين من بريطانيا وفي بعض الأحيان هيّأت تلك المنشآت على شكل "فنادق" بأسرة فندقية وطاقم خدمة وعبوات شامبو وصابون ومصاحف.

لكن قد يعوق مسار تطبيق الخطة تقديم طعون جديدة ضدها في المحاكم البريطانية أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

كما أن هناك عائقا آخر بشأن كيفية نقل المهاجرين لرواندا.. الحكومة البريطانية تقول إنها لن تشتري طائرة حكومية لهذه المهمة وستعتمد على شركات الطيران التجاري الخاص.

لكن تلك الشركات قد تخشى من الملاحقات القانونية أو الأضرار الجسيمة لسمعتها إذا اشتركت في هذا المخطط بحسب صحيفة بلومبرغ.

بحسب صحيفة تيليغراف، فإن وزارة الخارجية البريطانية أعدت قائمة بدول مرشحة لعقد اتفاقات مشابهة لاتفاق رواندا لترحيل اللاجئين.

الصحيفة قالت إن بريطانيا دخلت بالفعل في محادثات مع 4 دول وهي:

• أرمينيا.
• كوستا ريكا.
• ساحل العاج.
• بتسوانا.

وكشفت تيليغراف أن الحكومة البريطانية تواصلت مع العديد من دول أميركا الجنوبية، بما في ذلك الإكوادور وباراغواي وبيرو والبرازيل وكولومبيا، ولكن كان يُنظر إليها على أنها أقل احتمالاً للاهتمام بما تصفه الحكومة بـ "صفقة معالجة طلبات اللجوء في دولة ثالثة".

وأضافت وزارة الخارجية لقائمة الاحتياط دولاً أفريقية أخرى مثل الرأس الأخضر والسنغال وتنزانيا وتوغو وأنغولا وسيراليون سيُفتح حوار معها إذا فشلت المحادثات مع الدول الأخرى.

الدنمارك هي المرشح الأبرز للالتحاق ببريطانيا في خطة رواندا، فالحكومة الدنماركية تتبنى سياسية "الصفر لجوء" وتعتبر إحدى أكثر الدول الأوروبية تشدداً في مسألة اللاجئين.

في عام 2021 وقعت الحكومة الدنماركية مذكرة تفاهم مع حكومة رواندا للتشاور السياسي في مسألة اللجوء واللاجئين.

وإذا نجحت الدنمارك في تنفيذ هذه السياسة، فإن السويد قد تلحق بها.

في العام الماضي، أعرب رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون عن تأييده لخطة الحكومة الدنماركية لطرد اللاجئين لرواندا.

وقال أولف آنذاك "عاجلاً أم آجلاً، أعتقد أنه من الواضح تماماً أن اللجوء يجب أن يُنفذ بطريقة مختلفة عن إغراء الناس بخوض رحلات محفوفة بالمخاطر وقاتلة للوصول للمنطقة الأوروبية".

وقد تنضم ألمانيا قريباً لهذا التيار، إذ أعربت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر العام الماضي عن أن حكومتها تبحث إمكانية معالجة طلبات اللجوء في دول خارج الاتحاد الأوروبي.

الدنمارك قالت في بداية العام الماضي بأنها ستحاول الحصول على تأييد دول أوروبية أخرى قبل إرسال طالبي اللجوء لرواندا، لذلك يعد قرار بريطانيا دفعة للأمام في هذا الاتجاه.

بريطانيا ليست الدولة الأولى التي تحاول تنفيذ فكرة طرد اللاجئين لرواندا للتخلص منهم، وردع المزيد من طالبي اللجوء من التفكير في محاولة الوصول لأراضيها.

فقد سبقتها الحكومة الإسرائيلية بعقد صفقة مشابهة لترحيل طالبي اللجوء الأفارقة لرواندا سراً في عام 2015، إذ كانت تخيّر طالبي اللجوء بين الطرد للبلدان التي أتوا منها أو الترحيل لرواندا بالإضافة لمبلغ 3500 دولار لكل فرد.

واتفقت إسرائيل مع حكومة كيغالي على استقبال نحو 20 ألف لاجئ.

لكن أغلب من نقلوا لرواندا انتهى بهم الحال بمعاودة الكرة ومحاولة الوصول لإسرائيل مرة أخرى، أو التوجه نحو أوروبا، ما كان معناه فشل الخطة.

وفي عام 2018 أمرت المحكمة الإسرائيلية العليا بإيقاف ترحيل اللاجئين لرواندا.