رحل قيس وظل سكوتره.. إسرائيل تقتل "ديليفري العائلة" المتفرج

كان قيس ينهي فصله الدراسي الثاني في الصف الثامن الأساسي، وكان يحب اللعب جدا، وقالت أمه إن والده اشترى له "سكوتر كهربائي" فأصبح السكوتر "حياته كلها".

تتذكر والدة قيس، أم لـ4 أطفال آخرين، كيف كان يستيقظ باكرا خلال أيام العطلة، ويستخدم السكوتر و"يدور في الحارة يلعب ويمرح".

وكان قيس يشتري للعائلة والأقارب كل ما يحتاجون، نظرا لوسيلة النقل التي تعتبرها العائلة "سريعة" وممتعة لقيس. فكان الطفل "الشقي" على حد تعبير أمه، يشتري أغراض المنزل لها ولزوجة خاله ولزوجة عمه وبيت جده.

لم يقتل "الاجتياح الأكبر على مدينة طولكرم" قيس وحده، ففي 4 أيام تخللها منع للتجول في مخيم نور شمس، قتلت إسرائيل 14 فلسطينيا منهم 3 أطفال.

صباح يوم السبت 20 أبريل طلب قيس من أمه أن ينزل إلى دوار "الميغا لاند" المجاور لبيتهم ليرى شقيقه هناك ويتابعان سويا أخبار اقتحام مخيم نور شمس الذي يبعد عن الدوار قرابة الكيلومتر. رفضت الأم في البداية ذهاب قيس وقالت له "الله يرضى عليك لا تطلع".

وقالت الأم لبلينكس: "استغربت أنه يريد أن يخرج، لأن قيس يخاف من الجيش الإسرائيلي، ودائما ما يغلق نوافذ المنزل عندما يسمع عن اقتحام للمدينة".

لكن الأم وافقت على خروجه بعد أن طمأنها أنه سيكون مع أخيه، ولم تمر ساعة حتى سمعت الأم بخبر إصابة طفل فلسطيني على دوار "الميغا لاند" فشعرت سريعا أنه ابنها، لكنها لم تستطع التواصل مع أخيه ولا معه ولا مع أي ممن توقعت أنهم في المنطقة، وظلت هكذا حتى سمعت بخبر وفاته في المستشفى بعد أن نقل إليه.

تقول الأم إن شهود عيان أخبروها أن قناصا إسرائيليا أطلق النار على ابنها بينما كان الجميع حول الدوار وينظرون إلى جهة مخيم نور شمس.

أحد الذين تواجدوا في المكان وقت إصابة قيس قال لأهله، حسب ما روت الأم، إن القناص الإسرائيلي أخرج "طرف بندقيته من شباك المركبة العسكرية وأطلق النار على الدوار". فأصابت الرصاصة قيس ولم تمهله إلا قليلا من الوقت حتى مات.

يعمل فتحي نصر الله في بلدية طولكرم، ودائما ما يساعد في إسعاف المصابين وقت الاقتحامات، وتقول الأم إن زوجها "دائما يتواجد في مستشفى المدينة وقت الاقتحامات، ويساعد في التكفين وإسعاف المصابين".

لكن يوم السبت كان مختلفا في حياة الأب فتحي، لأنه تفاجأ وهو يساعد المصابين بابنه يدخل ويلفظ أنفاسه الأخيرة، فارتبك وشعر بأن "أطرافه رُبِّطت" حسب ما روت الأم.

ولم يمضِ وقت قصير حتى مات قيس، وكفنه والده وحمل نعشه في جنازة وسط المدينة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.

دفن فتحي ابنه قيس وفتحت العائلة بيت عزاء للطفل فيما ظل سكوتره وسط غرفته وخزانته ممتلئة بالملابس المرتبة، وما زالت الأم تخشى أن تتردد على الغرفة لأنها ترى صورة قيس ولا تراه وتشم رائحته ولا تجده.