سياسة
.
العام 2023 كان عاماً قياسياً في التعاون الأكاديمي للجامعات الإسرائيلية مع أوروبا، بحسب القناة 13، لكن جاءت الآن الحرب الإسرائيلية على غزة لتقلب هذه المعادلة، حيث سجل العام الجاري عزلة متزايدة لإسرائيل على الصعيد الأكاديمي بحسب تقرير لوزارة العلوم الإسرائيلية نقلته القناة.
وتقول صحيفة هآرتس إن الأكاديميين والباحثين الإسرائيلي اصطدموا بالواقع الجديد الذي خلقته الحرب لهم عالمياً منذ 7 أكتوبر، حيث تتم إلغاء دعواتهم لحضور مؤتمرات دولية وتجميد لتوظيف الإسرائيليين في مؤسسات بحثية وأكاديمية دولية ورفض لمقالات علمية وتعطيل لمحاضرات في الخارج.
"أنتم ترتكبون إبادة جماعية في غزة" هي عبارة يسمعها الآن الأكاديميون الإسرائيليون من أقرانهم حول العالم عند رفض إشراكهم في مشاريع بحثية أو علمية.
فما الذي يحدث؟ وما هي أبرز الدول التي تتنامى فيها مقاطعة إسرائيل الأكاديمية؟
القناة 13 قالت إن تقريراً جديداً لوزارة العلوم الإسرائيلية حذر من تنامي "أضرار جسيمة" للتعاون الأكاديمي المهم بين إسرائيل والمؤسسات الأوروبية.
وسجل التقرير انخفاضا بنسبة 38% في التعاون الأكاديمي بين جامعات إسرائيل مع المؤسسات الأكاديمية الأوروبية بسبب الحرب على غزة، بعد أن كان قد سُجل في العام الماضي ارتفاع قياسيا في التعاون الأكاديمي.
وتضيف القناة أنه بعد 7 أكتوبر، تم تخفيض تمويل الأبحاث المشتركة وقف برامج تبادل باحثين والحد من وصول الباحثين الإسرائيليين إلى البنية التحتية الأكاديمية الأوروبية وإلغاء مشاركة الباحثين الإسرائيليين في المؤتمرات.
النرويج، الدنمارك، فنلندا، السويد، أيسلندا، أيرلندا، إيطاليا وبلجيكا هم أبرز الدول التي ارتفعت فيها نسبة المقاطعة للأكاديميين والجامعات الإسرائيلية.
وتقول القناة 13 إن إيطاليا لطالما كانت شريكاً مهماً لإسرائيل في مجال الأبحاث بينما بلجيكا لها مكانة أكاديمية عليا في القارة العجوز.
وتشمل المقاطعات الأكاديمية لإسرائيل مجالات الطب، البيولوجيا، الفيزياء، أبحاث الفضاء وعلوم الكمبيوتر.
وختمت القناة 13 تقريرها بالقول إن إسرائيل ليس لديها خطة منسقة لمواجهة تلك المقاطعة، لكنها ستعمل على الأمر بعد انتهاء عطلات عيد الفصح يوم الاثنين القادم.
الأكاديميون الإسرائيليون يعتمدون بشكل كبير على اتصالاتهم الدولية للحصول على المنح البحثية وبرامج التدريب والبحث المشترك والتبادل ونشر المقالات العلمية، لكنهم الآن يجدون التعاون معهم صعباً بشكل متزايد بسبب الحرب على غزة بحسب صحيفة هآرتس التي تقول إن الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية دخلت بالفعل مرحلة جديدة كلياً.
الصحيفة حاورت أكثر من 60 باحثاً إسرائيلياً من مجموعة واسعة من التخصصات والمؤسسات الأكاديمية، بما في ذلك أكاديميين الشباب ورؤساء جامعات حول تجاربهم مع زملائهم في الخارج منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.
وكانت النتيجة أن جميعهم مروا بتجارب مقلقة، وهذه كانت أبرزها:
الصحيفة خلصت بأنه "لا يوجد مجال للشك، إسرائيل تشعر بوطأة مقاطعة أكاديمية غير مسبوقة، والتي تكتسب زخماً متزايداً".
وفي استطلاع رأي أجرته في يناير أكاديمية الشباب الإسرائيلية على 1000 من كبار أعضاء هيئة التدريس في كافة مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل، أفاد ثلث المشاركين في الاستطلاع بوجود تراجع كبير في علاقاتهم مع نظرائهم في الخارج.
وتنقل هآرتس عن البروفيسور فيريد فينيتسكي-سيروسي، عالم الاجتماع في الجامعة العبرية قوله "لقد قطع الناس علاقاتهم معنا، وتوقفوا عن الرد على رسائل البريد الإلكتروني واختفوا ببساطة"، بينما يضيف برفسور آخر بأن إسرائيل "على بعد دقيقتين من الحصول على نفس المعاملة التي تحظى بها روسيا بوتين".
أما نير ديفيدسون، أستاذ الفيزياء في معهد وايزمان للعلوم، فكان قد اقترح قبل بضعة أشهر على زميل إيطالي أن يحاولا معاً طلب منحة من مؤسسة بحثية تنافسية.
لكن زميله رد عليه مؤخراً "بسبب الفظائع التي ترتكبها بلادكم ضد المدنيين الأبرياء، وقع آلاف الأساتذة والباحثين على عريضة تطالب بحظر كل أشكال التعاون البحثي. أخشى أن ما فعلته بلادكم وما زالت تفعله لن يُنسى أو يُغفر له أبداً".
وتنقل هآرتس عن باحث آخر من جامعة بن غوريون في النقب أنه تم طرده من مجموعة دولية تقدم مقترحات بحثية للاتحاد الأوروبي في مجال الدراسات البيئية، وجاء في رسالة الطرد "أنا آسف حقاً، ولكن لن أختار إسرائيل كشريك للمشروع. في الواقع، بعض الشركاء لا يرغبون في المشاركة في المشروع إذا كانت إسرائيل شريكاً".
أما رافيت الفندري من كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حيفا فتقول إن زميلاً لها من إيرلندا عملت معه لأكثر من عام في دراسة عن العنف المنزلي، قرر التوقيع على عريضة تدعو لمقاطعة إسرائيل أكاديمياً، وقال لها "أكن لك احتراماً كبيراً، لكنني لا أنوي العمل معك مرة أخرى. هذا ليس شيئاً مؤقتاً. أنتم ترتكبون إبادة جماعية في غزة".
وفي التخنيون (معهد إسرائيل للتكنولوجيا)، قالت هآرتس إن برنامج تبادل طلابي مع جامعة دنماركية كان قد وصل لمرحلة متقدمة قبل الحرب، لكن تم إلغاؤه بعد هجوم إسرائيل على غزة وتوقفت المناقشات حول البرنامج.
أحد المصادر الرئيسية لخوف الجامعات الغربية من التعاون مع باحثين إسرائيليين هو الطلبة أنفسهم الذين باتوا يتبنون أفكاراً أكثر نقدية لإسرائيل من الجيل السابق.
الجامعات والمؤسسات البحثية الأوروبية تخشى أن تقوم بدعوة أكاديميين إسرائيليين لحرم الجامعة خوفاً من قيام الطلاب بتنظيم مظاهرات احتجاجية أو مقاطعة الفعاليات أو المطالبة بإقالة أعضاء من الطاقم التدريسي والإداري.
في شهر ديسمبر، أنهى باحث أدبي في جامعة KU Leuven البلجيكية مشروعاً مشتركاً مع باحث من الجامعة العبرية وكتب له "طلابنا يتحدثون بصوت عالٍ للغاية بشأن هذا الموضوع". وأضاف بأن أحد طلابه كتب على ورقة الامتحان "لوفين – توقفوا عن دعم الإبادة الجماعية".
أما البروفيسورة عينات متسل، رئيسة برنامج العلاج بالفنون في جامعة بار إيلان، فكان من المقرر أن تقوم بزيارة لإحدى جامعات لوس أنجلوس في إطار قيادة برنامج تدريبي مشترك في مجالها، لكن الزيارة ألغيت بسبب اعتراض طلاب على دعوة محاضر من إسرائيل.
وتخشى الجامعات والمجلات العلمية الغربية والأكاديميين من أن يتم شن حملات مقاطعة ضدهم إذا قاموا بالتعاون مع جامعات وباحثين إسرائيليين.
لذلك، يقول العديد من الأكاديميين الإسرائيليين إن مقالاتهم العلمية يتم رفضها بمجرد اقتراحها على المجلات الأكاديمية.
أحد أسباب الغضب الأكاديمي العالمي ضد إسرائيل هو ما يطلق عليه scholasticide أو "الإبادة الجماعية للتعليم" في غزة.
فالجيش الإسرائيلي قام بتدمير جميع جامعات غزة الاثني عشر إما بشكل كلي أو جزئي، وقام باغتيال 3 رؤساء جامعات وأكثر من 95 عميد كلية وبرفسور أكاديمي بالإضافة لتدمير أو إلحاق الأضرار الجسيمة بنحو 75% من المدارس والمرافق التعليمية في القطاع.
هذا الأمر دفع 1600 أكاديمي أميركي بارز لنشر عريضة تدين ما أسمته "الإبادة الجماعية للمنظومة التعليمية"، مطالبين بالوقف الفوري للحرب واستعادة الخدمات الأساسية في غزة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة