إسرائيل تعود "لنقطة الصفر" في شمال غزة

الأسبوع الماضي، قامت إسرائيل بإجبار سكان مدينة بيت لاهيا في أقصى شمال غزة على الإخلاء والنزوح قسرياً مرةً أخرى بينما قام الجيش الإسرائيلي بدك المدينة بالمدفعيات بشكل مكثف وتقدم نحوها بالأرتال العسكرية.

هجوم إسرائيل الجديد على بيت لاهيا جاء بعد أربعة أشهر على انسحاب الجيش منها وإعلان انتصاره فيها.

لكن بلدات سديروت وزيكيم وعسقلان تعرضوا لإطلاق صواريخ من قلب بيت لاهيا هذا الشهر وهو ما دفع الجيش للعودة للمدينة والبحث عن الأنفاق.

هذا الأمر اعتبره ضباط في الجيش الإسرائيلي أكبر دليل على الفشل الذريع في تحقيق أهداف الحرب المعلنة في القضاء على حماس.

ونقلت صحيفة معاريف عن مسؤول في الجيش الإسرائيلي قوله "نحن لا نتحدث هنا عن فشل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحرب فحسب، مثل القضاء على حماس وإطلاق سراح الأسرى. اليوم هناك فشل في تحقيق أي إنجاز تكتيكي محدود النطاق والتأثير".

بالتزامن مع معاودة الجيش الإسرائيلي اجتياح أنقاض بيت لاهيا ودكها بالمدافع، أعلنت إسرائيل تمكنها من اكتشاف وتدمير نفقين جديدين في مدينة بيت حانون في أقصى شمال القطاع أيضاً.

الجيش الإسرائيلي تفاخر أن الوحدة الهندسية التابعة لفرقة غزة استطاعت تدمير النفقين الهجوميين بعد "حملة مراقبة استخباراتية وتكنولوجية مستمرة" بحسب القناة 12 التي قالت إن أحد النفقين يتبع لحركة حماس والآخر للجهاد الإسلامي.

لكن اكتشاف النفقين بعد أكثر من 200 يوم على اندلاع الحرب واجتياح وتدمير مدينة بيت حانون بشكل شبه كامل، يثير الانتقادات للجيش الإسرائيلي حول عجزه في حل مشكلة الأنفاق في غزة بشكل جذري.

لذلك، حذر الجنرال يتسحاق بريك في مقال نشرته هآرتس، في ديسمبر الماضي، بأنه ينبغي عدم تصديق الجيش والمحللين الإسرائيليين عندما يتحدثوا عن حل مشكلة الأنفاق، وأنه لا يوجد فعلياً حل لتلك المشكلة.

صحيفة معاريف نقلت أيضاً عن خبراء ومهندسين إسرائيليين قولهم إن الجيش الإسرائيلي ليس لديه حقًا حل لمشكلة الأنفاق.

المشكلة مشكلتان، الأولى هي إخفاق الجيش الإسرائيلي في اكتشاف شبكة الأنفاق في غزة، والثانية هي الفشل في تدمير الأنفاق المكتشفة بنجاح وضمان عدم استخدامها مرةً أخرى.

الحلول التي يستعملها الجيش الإسرائيلي لا ينتج عنها تدمير الأنفاق المستهدفة بشكل كلي وانهيارها بالكامل، وإنما فقط تدمير بعض فتحات تلك الأنفاق وأجزاء منها يمكن لحماس إعادة إصلاحه لاحقاً.

علاوة على ذلك، تقول صحيفة معاريف إن أسلوب الجيش في تدمير الأنفاق غير مجدي وأنهم يلجؤون لطرق درماتيكية من أجل إبهار المشاهد الإسرائيلي.

القوات الإسرائيلية تقوم حالياً بتدمير الأنفاق المكتشفة باستخدام مادة هلامية متفجرة يتم ضخها عبر أنابيب متصلة بشاحنات أو عبر ألغام يتم وضعها داخل النفق.

الأضرار التي تلحق بالنفق المستهدف في هذه الحالة تكون غالباً مقتصرة على منطقة التفجير وليس مسار النفق بأكمله.

لذلك، تنقل معاريف عن خبراء إسرائيليين قولهم إن هناك حلول أرخص وأبسط قد تؤدي لنفس تلك النتيجة مثل ملء فتحات الأنفاق بالخرسانة أو ردمها بأنقاض المباني المدمرة، لكن الجيش يفضل "الحل السحري" الذي سيثير إعجاب الجمهور الإسرائيلي أكثر، وهو تصاعد أعمدة الدخان من الأنفاق عند تفجيرها.

بعد أكثر من 205 أيام على ملاحقة وتصفية وقصف واعتقال أي شخص تشك إسرائيل بانتمائه لحركة حماس، وقيام الجيش الإسرائيلي باجتياح شمال غزة، ما زال في نصف القطاع الشمالي أكثر من 5000 مقاتل مسلح تابع لكتائب القسام بحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين إسرائيليين.

الصحيفة تقول إن اقتلاع جذور مقاتلي حماس في غزة سيستغرق سنين طويلة وهو ما يعني أن إسرائيل لم تنجح في تحقيق أي من هدفي الحرب المعلنين وهما تدمير حماس وتحرير الرهائن.

وبالمثل، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من مدينة خانيونس قام بتدميرها على مدار أكثر من 120 يوم، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن حماس عادت للسيطرة على المدينة على الفور.

صور الفشل تلك تدفع خبراء للتشكيك في جدوى اجتياح وتدمير مدينة رفح الجنوبية إذا كانت نهاية ذلك الهجوم هو عودة حماس للظهور في المدينة بعد خروج إسرائيل منها.