نيويورك تايمز تواجه "اختبار مصداقية"

تفتتح نيويورك تايمز تحقيقها عن العنف الجنسي بحكاية بطلة القصة "غال أبدوش" التي قتلت خلال هجوم السابع من أكتوبر لتقول إنها توصلت عبر "مجموعة من الدلائل" أنها تعرضت وغيرها إلى الاغتصاب والاعتداءات الجنسية.

التحقيق دفع الممثلة الخاصة لأمين عام الأمم المتحدة لقضايا العنف الجنسي في حالات النزاع، براميلا باتن، بعد حملة ضغط إسرائيلية لإصدار تقرير توصل لعدم وجود دليل جنائي يشير إلى وقوع جرائم جنسية.

لكن ما كشف لاحقا، أثار التساؤلات حول مدى صدقية ما نشرته الصحيفة، فقد كشفت والدة غال خلال حوار مع يديعوت أحرونوت أنها لم تعرف بقصة الاعتداء على ابنتها إلا من خلال ما نشرته الصحيفة.

الأهم من ذلك ما قاله صهر غال، أخو زوجها ناغي أبدوش، نيسيم الذي نفى مرارا في حوار على القناة ١٣ الإسرائيلية ما قيل إن غال قد تعرضت له.

دعم كل ذلك تحقيق أجرته ذا إنترسبت، كشف فيه أن صحفيين في نيويورك تايمز شككوا في القصة، وأن البودكاست الخاص بالصحيفة ذا ديلي تراجع عن تحويل التحقيق إلى نسخة مسموعة.

أنات شوارتز، هي صانعة أفلام إسرائيلية، من المعدين الرئيسيين لهذا التقرير إلى جانب جيفري غتلمان وآدم سيللا، لكن زر "اللايك" على موقع إكس قد كشف أمرا آخر عنها، فقد أعجبت بمنشور يدعو إلى تحويل قطاع غزة إلى "مسلخ".

كانت شوارتز إلى جانب سيللا هما من جمعا الشهادات من إسرائيل في حين كان غيتلمان مسؤولا عن نسجها وكتابتها من المقر الرئيسي في الولايات المتحدة مع الأخذ في الاعتبار أنهما، شوارتز وسيللا، عديمي الخبرة في المجال الصحافي.

وقد ظهر إعجاب شوارتز بمنشور آخر يدعو إلى نشر سردية تشير إلى أن حركة حماس هي داعش.

وقد دفعت هذه الإعجابات إلى إجراء تحقيق لأنها تعتبر انتهاكات "غير مقبولة" بالنسبة للمؤسسة وفقا لمتحدث باسم نيويورك تايمز لإنترسبت.

ورغم أن ذا ديلي بودكاست قد علق حلقة شوارتز، فإن صانعة الأفلام كانت ضيفة على القناة ١٢ الإسرائيلية فحكت كيف حققت في الأمر، وحين سألت في المستشفيات كان الرد أنه "لم تكن هناك أي شكاوى بشأن اعتداءات جنسية".

من هنا بدأت عملية بحث أخرى كان من ضمنها التواصل المكثف مع مسؤولين من "زكا"، وهي منظمة إنقاذ خاصة يهودية متشددة، عرف عنها أنها هي من روجت للقصص الكاذبة المتعلقة بقطع رؤوس الأطفال.

وحين تحدث مسؤولو زكا لشوارتز فإنهم لم يأكدوا بصورة قاطعة حدوث عمليات اغتصاب بحسب ما نقلت إنترسبت.

في رسالة موقعة من 50 أكاديميا متخصصا في الصحافة في جامعات الولايات المتحدة، جاءت المطالبة بـ"تكليف مجموعة من خبراء الصحافة على الفور بإجراء مراجعة شاملة ومستقلة كاملة للتقارير والتحرير".

ويضرب الأساتذة في رسالة المثل بريك براغ الذي استقال من نيويورك تايمز في عام 2003 بعد أن تبين أنه اعتمد بشكل كبير على صحافي مستقل أقل خبرة في إعداد التقارير.

ويستدلون في ذلك بفعل غيتلمان الذي قال في تقرير إنه لا يريد استخدام كلمة "دليل" لوصف تفاصيل معينة في القصة لأنها "تشير إلى أنك تحاول إثبات ادعاء أو إثبات قضية في المحكمة".

ويشير الأساتذة إلى أن ذلك يتناقض مع القصة التي استخدمت كلمة "دليل" في عنوان فرعي، بحسب واشنطن بوست.

ويشير البروفيسور ساندي تولان الأستاذ في جامعة جنوب كاليفورنيا وأحد الموقعين على هذه الرسالة إن توقيت نشر القصة له أهمية إذ نشرت في توقيت كان الرأي العام في الولايات المتحدة يتحول لانتقاد أفعال إسرائيل في غزة.

وانتهت الرسالة إلى أن المراجعة الفورية هو الأمر الوحيد الذي ينبغي القيام به.

كشف في فبراير 2024، أن الصحيفة أرسلت تعليمات للصحافيين الذين يغطون الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعدم استخدام مصطلحي "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" و"تجنب" استخدام عبارة "الأراضي المحتلة" عند وصف الأراضي الفلسطينية، وفقا لمذكرة داخلية حصل عليها موقع إنترسبت.

وتطلب المذكرة أيضا من المراسلين عدم استخدام كلمة فلسطين "إلا في حالات نادرة جدا" والابتعاد عن مصطلح "مخيمات اللاجئين" لوصف مناطق غزة التي نزح إليها الفلسطينيون.

وتقول المذكرة "إن كلمات مثل "مذبحة" و"مجزرة" غالبا ما تنقل مشاعر أكثر من المعلومات. فكر مليا قبل استخدامها بصوتنا".

وبينما قدمت الوثيقة كمخطط عام للحفاظ على المبادئ الصحفية الموضوعية في تغطية حرب غزة، قال العديد من العاملين في الصحيفة للموقع إن بعض محتوياتها تظهر دليلا على انحياز إدارة الصحيفة لإسرائيل.

قال المتحدث باسم الصحيفة، تشارلي ستادتلاندر، إن "إصدار توجيهات كهذه لضمان الدقة والاتساق والفروق الدقيقة في كيفية تغطيتنا للأخبار هو ممارسة معتادة. في جميع تقاريرنا، بما في ذلك الأحداث المعقدة مثل هذه، نحرص على التأكد من أن اختياراتنا اللغوية حساسة وحديثة وواضحة لجمهورنا".