سياسة
.
مع ارتفاع فرص إحداث اختراق إيجابي في صفقة التهدئة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، وتفاؤل الحكومة المصرية والإدارة الأميركية بهذا الشأن، يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بين نارين تهددان مستقبله السياسي سواء في حال رفضه أو قبوله بالصفقة.
فقد وصلت لرئيس الوزراء الإسرائيلي تحذيرات حازمة من شركائه اليمينيين المتطرفين في التحالف بأن إنجاز هذه الصفقة قد يعني انهيار الحكومة والإطاحة به من منصبه.
في نفس الوقت، حذر وزراء مجلس الحرب أيضا من أنه لا يوجد سبب لبقاء حكومة نتنياهو في حال فشلها في إنجاز صفقة تؤدي لتحرير الأسرى.
نتنياهو الآن في نهاية الطريق أمام خيارين كلاهما يحمل مخاطرة شخصية كبيرة له. فأيهما يختار؟ وهل يمكنه البقاء في منصبه إذا اختار أحدهما؟
بحسب القناة 13 الإسرائيلية، فإن هناك تفاؤلا لدى الجانب المصري بشأن احتمالية إحداث تقارب في وجهات النظر وتحقيق اختراق إيجابي في ملف التهدئة في غزة.
ونقلت صحيفة هآرتس عن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قوله إن العرض الأخير الذي قدّم لحماس يعتبر "عرضا سخيا" وعليها اتخاذ قرار بشكل عاجل.
تفاصيل الصفقة نفسها غير معروفة بشكل رسمي حتى اللحظة، لكن الوكالة الفرنسية للأنباء نقلت عن مصدر في حماس قوله بأنه "لا توجد لدى الحركة خلافات جوهرية مع العرض المقدم".
الحديث يدور على أن المرحلة الأولى من الصفقة سيفرج فيها عن 20 إسرائيليا مقابل 500 فلسطيني، وهدنة لمدة 3 أسابيع يتخللها انخراط إسرائيل في محادثات جدية حول إنهاء الحرب.
وأما المرحلة الثانية، فستتضمن هدنة لمدة 10 أسابيع وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الشريط الذي يقسم قطاع غزة لنصفين في منطقة مدينة الزهراء والمغراقة والسماح للنازحين بالعودة للشمال.
وزيرا الأمن والمالية الإسرائيليان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش حذرا من أن عدم اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة قد يدفعهما للانسحاب من التحالف الحاكم ما يعني انهياره والتوجه لانتخابات جديدة.
فرئيس حزب الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، وجه تهديدا ضمنيا بالاستقالة من الحكومة، إذ قال "لقد توسطت مصر في صفقات أنهت الجولات السابقة عندما كانت حماس على قيد الحياة وسمحت لها بتعزيز قوتها مرارا وتكرارا وذبح المواطنين الإسرائيليين كما لم يحدث منذ المحرقة".
وأضاف الوزير المتطرف "الموافقة على الصفقة المصرية هي استسلام مهين. وهي تمنح النصر للنازيين على ظهر مئات من جنود الجيش الإسرائيلي الذين سقطوا في المعركة، وتصدر حكم الإعدام على الأسرى الذين لم تشملهم الصفقة، وفوق كل شيء، فهي تشكل خطرا وجوديا مباشرا على إسرائيل".
"إذا قررتم رفع الراية البيضاء وإلغاء أمر احتلال رفح فورا لغرض استكمال مهمة القضاء على حماس، وإعادة الأمن لسكان الجنوب ومواطني إسرائيل، وإعادة جميع إخواننا المختطفين وأبناء إسرائيل إلى بيوتهم، فالحكومة التي ترأسونها لن يكون لها الحق في الوجود"، وفق قوله.
وسرعان ما انضم له بن غفير بتغريدة كتب فيها "صفقة غير شرعية = حل الحكومة". بن غفير كان قد هدد أيضا بأن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من أصحاب المحكوميات العالية قد يعني مغادرته للحكومة كذلك. بينما تشترط حماس أن يُفرج عن أولئك الأسرى مقابل الجنود والمجندات.
حزبا الصهيونية الدينية والقوة اليهودية اللذان يقودهما الوزيران لديهما 13 مقعدا في الكنيست، ما يعني أن انسحاب أي منهما سيؤدي لانهيار التحالف الحاكم والحكومة.
الجنرال (احتياط) إسرائيل زيف حذر من أن دخول رفح قد يعني موت الأسرى. وقال الجنرال إن اجتياح المدينة سيستغرق أشهرا وبعد انتهاء الاجتياح لن يكون أي من الأسرى على قيد الحياة.
بينما هددت حركة حماس في شهر فبراير من أن أي هجوم إسرائيلي على مدينة رفح سينسف مفاوضات الأسرى وسيدفع الحركة للانسحاب من تلك المفاوضات.
لذلك وزير الحرب بيني غانتس حذر نتنياهو أيضا بشكل ضمني من إسقاط الحكومة في حال عدم إنجاز صفقة تبادل الأسرى.
الوزير غانتس هدد بالانسحاب من الحكومة قائلا "دخول رفح مهم في المعركة الطويلة ضد حماس. لكن عودة المختطفين الذين تخلت عنهم حكومة 7 أكتوبر أمر ملح وذو أهمية أكبر بكثير".
وأضاف: "إذا تم التوصل لإطار مسؤول لعودة المختطفين بدعم من المؤسسة الأمنية برمتها، وهو ما لا يتضمن إنهاء الحرب، ومنع الوزراء الذين قادوا الحكومة في 7 أكتوبر، فلن يكون للحكومة الحق في الاستمرار في الوجود وقيادة الحرب".
موقف غانتس هو أنه يمكن تأجيل اجتياح رفح لأسابيع عدة لحين إتمام الصفقة، لكن حركة حماس موقفها صريح بأن الاتفاق يجب أن يتضمن إيقاف الحرب بشكل كامل.
في حال انسحاب غانتس من مجلس الحرب، فلن يؤدي ذلك بشكل فوري لانهيار الحكومة لكن سيفجر موجات مظاهرات عارمة في البلاد وفقدان ثقة شعبية في الحكومة وقد يدفع بعض أعضاء حزب الليكود المتمردين على اللحاق بغانتس ما يعني انهيار التحالف في حال انسحب 5 منه فقط منه.
في كلتا الحالتين، إذا انسحب سموتريتش وبن غفير من الحكومة أو إذا أدى انسحاب غانتس لتمرد 5 أعضاء كنيست فقط من التحالف الحاكم وخسر نتنياهو الأغلبية البرلمانية، فإن الخطوة التالية ستكون إعلان انتخابات مبكرة خلال 3 أشهر يستمر فيها في قيادة حكومة تسيير أعمال.
الانتخابات في هذا التوقيت ستعتبر نكسة كبيرة لنتنياهو. فاستطلاعات الرأي الإسرائيلية تمنح جميع أحزاب التحالف مجتمعة أقل من 50 مقعد كنيست من أصل 120، ما يعني أنه لن يكون قادرا على تشكيل أي حكومة في المنظور القريب.
رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة يائير لابيد أكد في أكثر من مناسبة استعداده وحزبه "يش عتيد" للانضمام لحكومة طوارئ الحرب التي يقودها نتنياهو، إذا كان ذلك ضروريا لإتمام صفقة الهدنة واستعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة.
لابيد وضع شرطا واحدا وهو طرد بن غفير وسموتريتش من الحكومة ليحل مكانهما، وهو ما رآه نتنياهو تهديدا لبقاء تحالفه في حال رهن مصيره بيد ألد خصومه السياسيين.
زعيم حزب يش عتيد الوسطي يرى أن استعادة الأسرى ضرورة قصوى، وأهم من الحرب، لأن فشل الحكومة الإسرائيلية في منع والتصدي لـ7 أكتوبر هو ما أوقعهم في الأسر في المقام الأول ولذلك الحكومة مدينة لهم.
في حال انضمام لابيد للحكومة وتنفيذ صفقة التبادل، فقد يعمل ذلك على تهدئة الشارع الإسرائيلي، لكن سيكون مصير نتنياهو السياسي والشخصي بيد المعارضة التي أكدت موقفها على ضرورة إجراء انتخابات مبكرة وإما حالا أو فور انتهاء الحرب.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة