سياسة
.
في خطوة مفاجئة، أعلن وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي 5 تعيينات وترقيات جديدة في مناصب حساسة، بعلم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
سرعان ما أثارت تلك التعيينات الجدل بسبب الشخصيات التي اختيرت من جهة، ومشروعية قيام من فشلوا في 7 أكتوبر في "تشكيل مستقبل الجيش" من جهة أخرى.
الأسماء المعلنة تضم شخصيات شديدة الخطورة، بين عميد مستوطن متطرف وآخر توراتي متشدد، سيتحكمون بصورة مباشرة في مصائر ملايين الفلسطينيين.
فمن هم القادة الجدد؟ وما هي صلاحياتهم؟ وما مدى خطورتهم؟
التعيين الأبرز كان ترقية العميد اليميني المتطرف آفي بلوث إلى منصب لواء وتنصيبه قائدا للمنطقة الوسطى خلفاً للواء يهودا فوكس، ليكون مسؤولاً بصفة مطلقة عن الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة.
آفي بلوث مستوطن متطرف ترعرع في مستوطنة حلميش الأرثوذكسية القريبة من رام الله، وينحدر من تيار الصهيونية الدينية.
كان العميد بلوث هو من دفع الجيش باتجاه عملية "كسر الأمواج" في مارس 2022 وحتى أبريل 2023، التي داهم خلالها مختلف مدن الضفة، وقتل أكثر من 220 فلسطينيا، واعتقل نحو ألفين و423، ليصبح عام 2022 الأكثر دموية في الضفة منذ عام 2005.
وهو أيضاً من دفع الجيش باتجاه عملية "بييت فيغان" في شهر يوليو 2023، التي داهم ودمر خلالها مخيم جنين للاجئين ومدينة نابلس وغيرها من المدن الفلسطينية، وقتل العشرات.
في الوقت نفسه، يرجع للعميد بلوث عدم تدخل الجيش في بلدة حوارة في أثناء هجوم المستوطنين عليها وإحراق عشرات المركبات والمنازل وقتل وإصابة سكان القرية.
وكذلك، عندما هاجم المستوطنون قرية برقة وكرروا تلك الأعمال، لم يظهر الجيش الإسرائيلي في المنطقة من الأصل بفضل بلوث. كما يُنسب له تجنيد مستوطني حركة "فتية التلال" الإرهابية في الجيش خلال الحرب الجارية على غزة.
العميد المستوطن ستكون له صلاحيات موسعة شبه مطلقة في منصب قائد القيادة المركزية الذي يعتبر منصبا سياديا في الضفة.
فهو المسؤول عن قرارات هدم وبناء المباني والمنشآت، ما يُرجح تغافله عن البؤر الاستيطانية ورفعه من وتيرة هدم بيوت الفلسطينيين.
وسيكون مسؤولاً عن تحركات وأفعال الجيش على الأرض، ما يعني تصاعد أعمال عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين بصورة كبيرة دون خوف من تدخل الجيش. لذلك تصفه صحيفة إسرائيل هيوم بـ"أقوى رجل في الضفة"، وتبدي تفاؤلاً بتعيينه.
من بين الأسماء المعلنة في ترقيات الجيش الإسرائيلي الجديدة، العميد التوراتي المتطرف ديفيد بار خليفة الذي دعا إلى مسح غزة وتحويلها لـ"بودرة"، إذ سيصبح رئيساً لقسم شؤون الموظفين.
خليفة ينحدر من التيار الصهيوني الحريدي شديد التدين، وشغل منصب قائد الفرقة 36 المدرعة.
وفي توجيهاته للقوات الإسرائيلية في غزة، كتب خليفة بخط يده "ما كان في الماضي لن يكون بعد الآن. سنخرج إليهم في حرب، وسنطحن كل أرض ملعونة خرجوا منها، وندمرها وذكراها، ولن نعود حتى تُباد، وينتقم الرب من أعدائه، ويكفر عن أرض شعبه".
وأضاف "الرب يعطي قوة لشعبه، ويحفظ خروجكم ودخولكم، من الآن وإلى الأبد. هذه هي حربنا، واليوم هو دورنا. نحن هنا".
خليفة سيتولى مسؤولية تخطيط وتنسيق تعيين الموارد البشرية وحركتها داخل الجيش الإسرائيلي، وتخطيط وإدارة جميع الموارد البشرية العسكرية، والمسؤولية عن رفاهية جميع أفراد الخدمة.
التعيينات الجديدة تضم أيضاً العميد المتمرد دان جولدفوس، الذي أثار الجدل في إسرائيل بعد مؤتمر صحافي ظهر فيه من دون إذن قيادته، من داخل قلب غزة، وبخ فيه الطبقة السياسية.
خلال المؤتمر الصحافي قال جولدفوس، إن على القيادة السياسية أن تعمل على الوحدة الوطنية لا الانقسام، وأن تطبق المساواة في التجنيد الإجباري في الجيش، بمن في ذلك اليهود الحريديم الذين لا يخدمون على الإطلاق.
وأضاف أن قادة الحكومة يجب أن يثبتوا أنهم جديرون بالجيش الذي يقاتل بالنيابة عنهم. وتعرض جولدفوس للتوبيخ في حينه على قيامه بتلك الخطوة الفردية.
لكن الآن سيُرقّى إلى رتبة لواء وتنصيبه قائداً للفيلق الشمالي المسؤول عن إدارة الصراع مع لبنان وسوريا وقائد مجموعة المناورات في القوات البرية التابعة للجيش.
العميد أفيعاد داغان، سيصبح لواء ورئيس مديرية الخدمات التكنولوجية في الجيش، وهو ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي.
ترأس داغان قاعدة حتسيريم الجوية، وشارك في الحرب على غزة من خلال قصف القطاع ضمن السرب 201 التابع لسلاح الجو الإسرائيلي.
هناك أيضاً العميد شلومي بيندر الذي شغل مناصب قائد وحدة إيجوز الخاصة الاستطلاعية وقائد وحدة سيرات متكال النخبوية للمهام الخاصة وقائد لواء غولاني وقائد تشكيل الجليل، وشارك في حرب إسرائيل على غزة عام 2014، وحربها على لبنان عام 2006.
بيندر سيصبح لواء وقائدا لجهاز أمان الاستخباري العسكري صاحب الميزانية الأعلى والموارد الضخمة والمسؤول عن عمليات التجسس والاختراق السيبراني.
على الرغم من تطرف معظم القيادات الجديدة، فإنه فور إعلانها، سارع وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش للتعبير عن رفض تلك الخطوة والمطالبة بإقالة وزير الدفاع يوآف غالانت.
بن غفير قال إن غالانت يعد "أحد المسؤولين البارزين عن فشل 7 أكتوبر، وليس لديه تفويض للموافقة على تعيينات الجنرالات"، لأن ذلك ينطوي عليه تشكيل مستقبل الجيش الإسرائيلي وتحديد هيئة الأركان العامة المقبلة".
وأضاف الوزير المتطرف "على ضوء ذلك، أدعو رئيس الوزراء إلى إقالة غالانت من منصبه، فهو لا يصلح لمواصلة العمل كوزير للدفاع".
كذلك قال وزير المالية سموتريتش، إن تلك التعيينات ليست الطريقة لاستعادة ثقة الجمهور في النظام الأمني بعد فشل 7 أكتوبر.
"أكرر، بغض النظر عن هوية الضباط، فإن تعيينات جنرالات الجيش الإسرائيلي الذين سيقودون عملية تصحيح الجيش بعد الفشل لا يمكن أن تتم من قبل رئيس الأركان الذي وقع على الفشل العسكري".
وأضاف: "هذا ليس أمراً مشروعاً، وهذه ليست الطريقة التي تصلح بها الأمور. وهذه ليست الطريقة التي تستعيد بها الثقة. وهذه ليست الطريقة التي تعين بها قائداً جديداً للجيش الذي تحتاج آراؤه إلى التصحيح والاستبدال".
ودعا سموتريتش نتنياهو إلى التدخل في التعيينات وقال: "لقد حان الوقت لرئيس الوزراء، الذي يتحمل المسؤولية النهائية، أن يتولى زمام الأمور، ويعين وزير الدفاع ورئيس الأركان ويوقف هذه الفضيحة".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة