الخطر كبير.. "جنرالات إسرائيل" يعارضون دخول رفح

يجادل نتنياهو أن اجتياح المدينة الجنوبية المتبقية سيرفع من الضغط العسكري على حماس، وسيجبرها على إعادة الأسرى، أو قد يتمكن الجيش من تحرير أولئك المختطفين والقضاء على الكتائب المتبقية من حماس على حد زعمه.

لكن، يرى الخبراء الإسرائيليون عكس ذلك تماما، ويقولون إن حكومة إسرائيل الآن أمام مفترق طرق، إما استعادة الرهائن أو دخول رفح، وعليها اختيار الأسرى.

فحماس أعلنت أن أي هجوم بري على رفح سيعني انسحابها من مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى، بينما فشل الجيش طيلة الأشهر الـ6 الماضية في الوصول للأسرى في المدن التي اجتاحها ودمرها مثل غزة، وخان يونس، وبيت حانون، وبيت لاهيا، وجباليا، والزهراء، والمغراقة، ومخيما البريج، والمغازي.

لذلك، حذر الجنرال اليميني عاموس جلعاد (احتياط)، والرئيس السابق لوحدة الأمن والسياسة في وزارة الدفاع الإسرائيلي، أيضا من أن دخول رفح لا يضمن عودة أي من المختطفين.

وقال جلعاد "إذا دخلنا رفح، فهذا لا يضمن أننا سنحضرهم. ليس لدى الحكومة ضمانات، إنها ليست استراتيجية، لا توجد استراتيجية. حقيقة أنه بعد 6 أشهر لا يزال السنوار موجودا، لا يزال يفرض الشروط ونحن ننتظر إجابته، هذا نتيجة لعدم وجود استراتيجية".

وكذلك، كرر الجنرال، إسرائيل زيف، أنه بعد دخول رفح، فلن يكون من المحتمل بقاء الأسرى الإسرائيليين على قيد الحياة.

صحيفة هآرتس حذرت أيضا من أن الهجوم على رفح قد يكلف حياة المختطفين، حيث قال المحلل الأمني، عاموس هارئيل، إن "غزو الجيش الإسرائيلي لمنطقة مبنية مكتظة بالسكان، مع غارات جوية سابقة، من شأنه أن يودي بحياة المزيد من الرهائن".

وذكر هارئيل أن ذلك حدث بالفعل في خان يونس ومدينة غزة، مضيفا أنه "قد تنجم وفاة الرهائن عن ضربات عرضية في المواقع التي يتم احتجاز الرهائن فيها".

وحذر من أن مقاتلي القسام لن يسمحوا للجيش بالوصول للأسرى أحياء، وأنهم قد يقومون بقتل الأسرى الذين يحاول الجيش الوصول لهم واستعادتهم بالقوة.

وقال الجنرال يستحاق بريك إن الحرب الإسرائيلية على غزة إذا فشلت في استعادة الرهائن فإنها "ستظل محفورة في أذهان الرأي العام باعتبارها فشلا ذريعا" هو الأسوأ في تاريخ إسرائيل منذ تأسيسها، سواء على صعيد هجوم حماس المفاجئ في 7 أكتوبر أو فشل الجيش في تحقيق أهداف الحرب في القضاء على حماس واستعادة المحتجزين.

رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، قال إن دخول رفح هو "جزء من قرار مخطط له بالتضحية بحياة الرهائن من أجل الحفاظ على الحياة السياسية للرجل الذي يواصل دفع إسرائيل إلى الهاوية".

وناشد أولمرت الإسرائيليين بالنزول وإغراق الشوارع بالتظاهرات من أجل الإبقاء على الجيش الإسرائيلي خارج رفح.

الجنرال يتسحاق بريك، احتياط، القائد السابق للكليات العسكرية الإسرائيلية، قال إن زعم نتنياهو أن محاربة الكتائب الـ4 التابعة للقسام في رفح سيؤدي لانهيار حماس هي "كذبة خطيرة للغاية".

بريك كتب في صحيفة معاريف الإسرائيلية أنه "أصبح من الواضح للجميع أن التدمير الكامل لحماس هو خيال رئيس الوزراء وأتباعه"، وأنهم يقومون بخداع الجمهور بهذا الوهم الذي لا أساس له من الواقع، وفي الوقت نفسه يضعون العقبات أمام تحرير الرهائن.

ووافق بريك، الجنرال، إسرائيل زيف، القول إن حماس ما زالت موجودة في شمال غزة رغم اجتياح الجيش الإسرائيلي لها.

وأضاف زيف أنهم "يستعيدون السيطرة على شمال قطاع غزة في جميع الأماكن التي تركها الجيش الإسرائيلي، رغم أننا قصفنا كتائبهم. لذلك فإن تدمير 4 كتائب أخرى لحماس في رفح لن يغير شيئا، بل سيُعقّد وضع إسرائيل فحسب".

وبحسب اعتراف مسؤول إسرائيلي لصحيفة نيويورك تايمز، فإن حماس ما زال لديها أكثر من 5 آلاف مقاتل مسلح في مدينة غزة في الشمال بعد أكثر من 210 أيام على الحرب واجتياح إسرائيل الكامل للمدينة.

علاوة على ذلك، هناك أيضا مدينة دير البلح ومخيم النصيرات اللذان لم يقم الجيش الإسرائيلي بعد باجتياح أي منهما، وكلاهما يحتويان على كتائب كاملة للقسام وأعداد ضخمة من النازحين.

لذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، إن "الحديث المتبجح عن النصر الكامل يعكس الغباء والغطرسة، وهو في المقام الأول محاولة لخلق مسافة من صورة عدم النصر والتهرب من الحكم العام الحتمي الذي من المرجح أن يأتي بعد" انتهاء الحرب.

أولمرت قال إن دخول "رفح ليس له أي أهمية استراتيجية في ما يتعلق بالمصالح الحيوية لإسرائيل. نتنياهو يفهم ذلك، كما يفهمه بعض كبار ضباط الجيش والضباط المتقاعدين".

ويوافقه في هذا الرأي الجنرال احتياط، إسرائيل زيف، الذي قال إنه "لا توجد أهمية استراتيجية أو أمنية للعمل العسكري في رفح".

أما الجنرال يتسحاق بريك فقال إنه إذا كان اجتياح رفح ضروريا لكل هذا الحد، فكان من باب أولى أن ينفذ الجيش الإسرائيلي ذلك التوغل البري في بداية الحرب عندما كان تعداد سكان المدينة 250 ألف نسمة، بدلا من الآن عندما وصل عدد النازحين في رفح نحو 1.4 مليون شخص.

وكذلك قال الصحافي المخضرم، ألون بن ديفيد، إن "رفح، الزاوية الجنوبية النائية من قطاع غزة، ليست حجر الأساس لوجودنا ولا هي الحدث الحاسم الذي سيحدد نتيجة الحرب".

وأضاف بن ديفيد أنه إذا كان احتلال رفح مهما، فإن إسرائيل كانت لديها الفرصة لتفعل ذلك "3 مرات منذ بداية الحرب. لكننا ماطلنا، والآن يبدو أن الوقت قد فات لذلك".

وقال إن الجيش الإسرائيلي أضاع الوقت وذخيرته عندما قرر اجتياح خان يونس أولا والقيام بعملية عسكرية فيها "طويلة وغير مجدية" لم تنجح خلالها بالوصول لقيادة حماس أو الرهائن.

وهناك أيضا إشكالية أن إسرائيل لا يوجد لديها خطة لما بعد اجتياح رفح. فقد صرحت وزيرة الخارجية السابقة، تسفي ليفني، أن نتنياهو يواصل زرع فكرة أن مجرد دخول رفح يعني النصر المطلق، "لكن لا أحد يسأل ما الذي سيأتي بعد ذلك؟".

الجنرال يتسحاق بريك، وأولمرت، والجنرال عاموس جلعاد، والجنرال إسرائيل زيف، وغيرهم يعتبرون أن دخول رفح سيكون خطيرا على إسرائيل نفسها.

فالجنرال يتسحاق بريك يلفت إلى أن دخول رفح "سلاح ذو حدين، ضرره يفوق نفعه عشرات المرات"، ويتابع أنه "قد يفجر علاقاتنا مع الولايات المتحدة، التي هي بالفعل هشة للغاية اليوم، ويزيد مقاطعة العالم كله لإسرائيل".

وحذر من أن هذا قد يعني المزيد من المقاطعة الاقتصادية، وحظر إرسال الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية الأساسية لإسرائيل، وقد يؤدي لحرب إقليمية متعددة الجبهات أو فقدان السلام مع مصر في حالة وصول القتال لمحور فيلادلفيا، "هذه مقامرة خطيرة جدا لا ينبغي الإقدام عليها، فقد تكون المسمار الأخير في نعش بقائنا".

أولمرت قال كذلك إن "إسرائيل لن تخرج منتصرة من هذه المواجهة" في رفح، وأن تلك "المناورة ستستغرق أشهرا وستؤدي إلى سقوط العديد من القتلى بين جنودنا، وتقتل الآلاف من الفلسطينيين غير المتورطين وتسحق ما تبقى من سمعة إسرائيل الدولية".

وأضاف أن اجتياح جنوب القطاع "من شأنه أن يكثف المظاهرات في كل حرم جامعي في الولايات المتحدة الأميركية وفي جميع أنحاء العالم ويؤدي إلى إصدار مذكرات اعتقال ضد القادة الإسرائيليين والجنود المقاتلين".

أما الجنرال عاموس جلعاد، فحذر من أنه إذا دخل الجيش رفح، فسيواجه معضلة غير قابلة للحل في الشمال، و"ستكون هناك حرب طويلة الأمد ستمتد إلى كل إسرائيل وسنخسر التحالف الاستراتيجي وتوسيع السلام، والقدرة على التعامل مع التهديد الرئيسي الأكبر بكثير من السنوار، فهو ليس القوة الرئيسية هنا في الشرق الأوسط".

وأضاف جلعاد "التهديد الرئيسي هو إيران. إن مهمة الحكومة هي النظر إلى الصورة كاملة".