أنهى عزلته.. ترمب يغسل "زيارات المحاكم" بزعماء العالم

منذ عام 2021، انسحب دونالد ترمب، صاحب سياسة "أميركا أولا" من دائرة الضوء العالمية، إذ شغلته عدة قضايا اتُهم فيها بارتكاب جرائم جنائية، في حين استحوذت إدارة بايدن حصرا على ميزة التواصل مع العالم الخارجي.

لكن بعد أن أمّن ترمب بطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري تغيّر الأمر قليلا، إذ بدأ في التواصل مع بعض القادة والزعماء العالميين، استعدادا لعودة محتملة إلى البيت الأبيض.

على سبيل المثال، التقى ترمب مع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، في منتجع Mar-a-Lago خلال شهر مارس، وبعد بضعة أسابيع اجتمع مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في المنتجع ذاته.

كما حضر حفل عشاء مع الرئيس البولندي أندجي دودا، في برج ترمب خلال الأسبوع الماضي، حسب تقرير أعدته صحيفة واشنطن بوست.

والتقي ترمب كذلك مع رئيس الوزراء الياباني السابق، تارو آسو.

وفقا لرواية شخصية مقربة من ترمب، تحدثت مع شبكة سي إن إن، فإن بعض تلك اللقاءات لم تكن مدفوعة أولا برغبة الرئيس السابق في الحديث مع الزعماء والسياسيين، وإنما لرغبتهم هم في لقائه، ويضيف: "إنهم ينشدونه، هو لا ينشدهم.. من الواضح أنهم يريدون معرفة لمحات عن رؤيته للعالم، وقد يعتقدون أنه ربما يصبح الرئيس مرة أخرى، وإلا ما كانوا ليسافروا إلى Mar-a-Lago ونيويورك للقائه".

بعد أن عاد ترمب لدائرة الضوء منتصرا بفوزه في الترشح عن الحزب الجمهوري، عمد بعض السياسيين إلى محاولة الاقتراب منه، لمعرفة طريقة تفكيره، وربما المساهمة في تشكيل اعتبارات أولوياته، وبدأت الشخصيات الدبلوماسية حسب واشنطن بوست، في محاولة التواصل مع فريق مستشاريه وأصدقائه.

وخلال اللقاءات سالفة الذكر، حاول كل طرف استمالة ترمب إلى حُجته في القضايا الساخنة، كالحرب الروسية الأوكرانية.

وفي حين حاول ممثلي كل من بولندا وبريطانيا إقناعه بمواصلة دعم أوكرانيا، حاول رئيس وزراء المجر أن يقنعه بقبول الولايات المتحدة انتصار روسيا في تلك الحرب.

من جهته، انتهز بايدن فرصة تواصل ترمب مع بعض الزعماء اليمينيين حول العالم، ليتهمه بالتحالف مع اليمين المتطرف والرجال الأقوياء.

لكن لقاءات محددة أثارت حفيظة فريق بايدن، من بينها لقاء ترمب مع رئيس الأرجنتين اليميني، خافيير مايلي، وذلك بحسب تقرير أعده موقع أكسيوس.

اللقاء غير المُخطط له عُقد على هامش مؤتمر العمل السياسي المحافظ، وتم تداول مقطع فيديو له بصورة واسعة.

وتساءل مسؤولون في إدارة بايدن لاحقا عما إذا كانت تلك اللقاءات التي يعقدها ترمب مناسبة من الأساس.

إلا أن تلك الممارسة ليست مهجورة في السياسة الأميركية، فمن الشائع أن يلتقي زعماء وشخصيات دولية مع الزعيم الأميركي المعارض، فبحسب شبكة سي إن إن أجرى باراك أوباما إبان حملته الانتخابية جولات خارجية في عام 2008، والتقى مع زعماء أوروبا والشرق الأوسط.

ولاحقا بعد 4 سنوات زار المرشح الجمهوري، ميت رومني، بريطانيا وبولندا وإسرائيل في إطار حملته الانتخابية.

ترمب يثير مخاوف الزعماء في أوروبا على وجه التحديد، ففي فبراير الماضي، لوح الرئيس السابق بسحب دعمه لحلف الناتو إذا ما فاز بفترة رئاسية جديدة.

وقال في أثناء تجمع انتخابي في ساوث كارولاينا، إنه "سيشجع" الروس على فعل ما يريدون في دول الحلف التي لم تسدد التزاماتها المالية.

وفي تحليل نُشر بصحيفة فورين بوليسي، اعتبر المحلل السياسي لشؤون أوكرانيا في رازوم، دوج كلاين، والمدير المساعد في مركز أوروبا التابع للمجلس الأطلسي، جيمس باتشيك، أن أوروبا كانت "محظوظة" خلال فترة رئاسة ترمب الأولى، في حين يمكن ألا يحالفها الحظ نفسه في 2024.

ففي 2016، لم تكن روسيا قد نفذت تهديداتها بشأن أوكرانيا، كما أن ترمب بحسب المحللين كان مقيدا بعض الشيء من قبل بعض الأفراد في إدارته، الذين دفعوه إلى اتخاذ موقف قوي تجاه موسكو على الرغم من تفضيلاته الشخصية.

هذه المرة يقوم حلفاء ترمب بعمل تصنيفات لعشرات الآلاف من الشخصيات البيروقراطية المحتمل انضمامها إلى إدارته، والمدفوعين بالولاء الشخصي، لا القدرة على العمل العام.

كما أن فريق ترمب، وهو نفسه، قد تعلموا من درس كيفية التعامل مع آلة الحكومة الأميركية الضخمة، التي منعت الرئيس السابق من إجراء تغييرات سياسية جذرية وسريعة، لذا يحاولون هذه المرة التغلب على تلك الآلة.