شبح جنة أوروبا ابتلعهم.. البحر يحتفظ بأسرار يسري و39 تونسيا

لم تكن لدى إيناس اللّافي أي فكرة عما يعتزم شقيقها محمد (30 عامًا) الذي كان يكسب رزقه من خلال قيادة شاحنة عائلية لنقل أشخاص مقابل المال، القيام به.

وتفصح اللّافي (42 عاما) التي تعاني من قلّة النوم منذ أن غادر شقيقها "خرج نحو الساعة العاشرة ليلا يحمل هاتفه دون أن يعلم والديّ، ومن غير حقيبة أو ملابس إضافية، وكأنه ذاهب للقاء أصدقائه".

وكان لشقيق إيناس عمل يكسبه "20 دينارا يوميّا (نحو 6 دولارات)، بالكاد تكفيه ثمن سجائره، قال إنه لا يستطيع إنجاز مشروع ولا بناء منزل ولا الزواج".

لا تخفي اللّافي غضبها من المهرّب الذي نظم رحلة شقيقها "كان الطقس سيئاً للغاية. حتى الصيادون الذين يعرفون البحر جيداً عادوا" إلى الميناء.

وتضيف "كان يعود دائما إلى هنا، لكن هذه المرة لم نره مرة أخرى".

شارك يسري (22 عاماً) في الرحلة ذاتها، ليختفي ويبدأ عمه المدرّس محمد الحنشي رحلة البحث فيقول إن "أغلبية الشباب لم يبلغوا عائلاتهم وانطلقوا بعد ان تمكنوا من جمع القليل من المال".

شارك يسري (22 عاماً) في الرحلة ذاتها، ليختفي ويبدأ عمه المدرّس محمد الحنشي رحلة البحث فيقول إن "أغلبية الشباب لم يبلغوا عائلاتهم، وانطلقوا بعد أن تمكنوا من جمع القليل من المال".

يرجع الحنشي دافع يسري وزملائه لهذه الرحلة رغم مخاطرها إلى رغبتهم في تغيير مستقبلهم، فيشير لفرانس برس إلى أن "الشباب الموجود حاليا في إيطاليا ينشرون على شبكات التواصل الاجتماعي تجاربهم وحياتهم اليومية".

يتابع من بقي من الشباب في منطقة الحنشة "ذلك ويريدون تغيير مستقبلهم. إنهم يتصورون أوروبا جنّة".

ويرجح أن هذا هو حال يسري الذي كان يعمل في مقهى مقابل أجر يومي يبلغ 15 دينارا يوميا، بعدما انقطع عن الدراسة في المرحلة الثانوية.

ومن أجل حل أزمة شباب تونس مثل يسري يرى الحنشي المفتاح في تطوير المنطقة الصناعية وتوفير فرص العمل للشباب، علاوة على خلق حالة ذهنية مختلفة، لجعل الناس يرغبون في بناء مستقبلهم بتونس، من خلال الأنشطة التعليمية للشباب.

وبخلاف ذلك "فإنهم يكتفون بالذهاب إلى المقهى أو يلعبون كرة الطاولة أو الكرة الطائرة".

كان مفتاح جلول بائع السمك، البالغ 62 عاماً، يعلم "منذ فترة" أن ابنه محمد (17 عاماً) "يريد الهجرة إلى أوروبا"، رغم أنه نصحه "بعدم القيام بذلك، لكن الفكرة سكنته".

يبيّن جلول أنه في الليلة المشؤومة حاول منع ابنه الوحيد من الخروج متوسلا إليه أن ينتظر فقط تحسن الطقس، لكنه "قبّلني على رأسي وغادر".

حاول مفتاح جلول إقناع ابنه الذي ترك بدوره الدراسة، بالهجرة بصورة قانونية إلى إيطاليا أو فرنسا أو ألمانيا.

ويشدد الأب: "ينبغي ألا يغادر دون مهارات مكتبية أو مؤهلات، كان بالإمكان أن يتعلم حرفة كالسباكة أو النجارة".

يتملك هذا التاجر إحساس بالذنب "كل يوم كان يخلق مشكلات في البيت، كان يريد المال للهجرة، أنا من أعطيته المال، لذلك أنا مسؤول".

يكابد جلول حاليا بحثا عن بصيص أمل بشأن ابنه، ويقول والدموع تغالبه: "مرت أربعة أشهر وأنا أبكي على فقد ابني، وأنا وعائلتي مرهقون".

تمسّك هو وعائلات أخرى باحتمال أن يكون القارب قد انجرف نحو ليبيا. لكن وبعد إجراء الاتصالات والأبحاث تضاءلت الآمال.