عملية رفح.. معركة "حفظ ماء وجه نتنياهو"

لم يكن من قبيل المصادفة تصعيد إسرائيل هجومها على مدينة رفح فور إعلان حماس قبولها الإطار العام للمقترح على الطاولة المصرية.

الحكومة الإسرائيلية تفاجأت برد حماس الإيجابي، ولم تكن تتوقعه، وعكفت مباشرة على التضليل والقول إن الفروق ما زالت شاسعة بين رد حماس ومطالب إسرائيل.

ولحرف الأنظار عن رد الحركة، سارعت إسرائيل للسيطرة على معبر رفح للمرة الأولى منذ العام 2005 ورفع الأعلام الإسرائيلية أعلاه، وهو ما قد يتم ترجمته على أنه محاولة من نتنياهو لإفساد جولة التفاوض الحالية أو محاولة لحفظ ماء وجهه وترضية اليمين المتطرف قبل القبول بالصفقة.

بحسب الدكتور الإسرائيلي في دراسات الشرق الأوسط، أوري جولدبيرغ، فإن توغل إسرائيل المحدود شرقي رفح هو "استعراض مخصص للاستهلاك المحلي واسترضاء قاعدة نتنياهو".

الإعلام الإسرائيلي اليميني عكف على تصوير عمليات الجيش في رفح كهجوم شرس للغاية، حيث قالت صحيفة معاريف إن "الجيش الإسرائيلي يسحق رفح بالتفجيرات".

أما وزير الدفاع الإسرائيلي، يؤاف غالانت، فقال بشكل متفاخر "عملية رفح ستستمر إلى أن تتم تصفية حماس في كامل قطاع غزة أو إلى أن يتم الإفراج عن أول رهينة".

لكن تهديد غانتس ذلك يقابله على أرض الواقع حذر إسرائيلي من أن تخرج العملية عن محدوديتها الضيقة وتتجاوز بعض الخطوط الأميركية، حيث نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مسؤول حكومي قوله إن توسعة عملية رفح "ستؤدي لأزمة مع الولايات المتحدة الأميركية".

وأولى بوادر تلك الأزمة هي تأخير إدارة الرئيس، جو بايدن، لشحنات أسلحة لنوعين من القنابل الصاروخية الدقيقة لإرسال رسالة لإسرائيل كي لا تجتاح رفح بحسب القناة 12.

وتضيف أكسيوس أن نتنياهو أخبر بايدن نيته اجتياح معبر رفح بشكل مسبق، ولم يقم الرئيس الأميركي بإيقافه، وأكدت إسرائيل لواشنطن أن العملية في رفح محدودة بنطاقها ووقتها.

لذلك الأمر لا يعدُ حتى اللحظة مجرد صورة انتصار لاسترداد بعضا من كرامة أعضاء الحكومة، بالإضافة لبضعة مكاسب عملياتية محدودة.

وقالت صحيفة معاريف إن اجتياح شرقي رفح والسيطرة على المعبر تهدفان لإسكات وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير.

بحسب صحيفة والا الإسرائيلية فإن احتلال إسرائيل لمعبر رفح هو مجرد "إجراء مؤقت" يهدف لـ"وضع أصبع في عين يحيى السنوار".

لكن المحلل الأمني للصحيفة أمير بحبوط يقول إن إسرائيل تعي أيضا أن من يتحكم في معبر رفح يتحكم في حكومة غزة باعتباره الشريان الرئيسي لموارد الحكومة المالية التي تجنيها من جباية الجمارك على حركة البضائع والأفراد.

ويضيف أن إسرائيل تعتبر إدارة حماس للمعبر "جرحا مفتوحا" وغير راضية عن تمكن عناصر حماس من السفر ذهابا وإيابا لدول مختلفة حصلوا فيها على التدريب العسكري والتكنولوجي من دون اعتبار لمصالح إسرائيل الأمنية على حد تعبيره.

وقالت صحيفة هآرتس إن إسرائيل التزمت أمام الولايات المتحدة ومصر بتقييد عمليتها في رفح وأن تمنح إدارة المعبر لشركة أمنية أميركية خاصة بعد أن ينهي الجيش الإسرائيلي عمله في المنطقة.

وتعهدت إسرائيل بعدم الإضرار بمنشآت المعبر لضمان استمرار تشغيله.

صحيفة والا قالت أيضا إن اجتياح معبر رفح هو نوع من "وضع القدم في الباب"، ويهدف لتعويد المنطقة على الوجود العسكري الإسرائيلي، والتحضير لمناورة أوسع أو "مرحلة أخرى مستهدفة" في المناورة البرية.

فإما تستكمل إسرائيل اجتياح المدينة الجنوبية أو تتمكن من الضغط على حماس بنجاح لتقديم تنازلات كبيرة في المفاوضات.

الهدف الأهم لإسرائيل من معبر رفح هو محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر والذي تحاول منذ أشهر الحصول على تأييد دولي لاجتياحه بحجة محاربة الأنفاق فيه.

صحيفة معاريف قالت إن إسرائيل طلبت من مصر أكثر من مرة السماح لها التوغل في ذلك الشريط الحدودي، لكن طلبات إسرائيل قوبلت بالرفض.

وأضافت الصحيفة أن إسرائيل طلبت الإذن لكي تركب أجهزة إنذار مبكر لكشف الأنفاق التي تُحفر بين مصر وغزة، ولكن مصر أكدت خشيتها انتهاك سيادتها وترابها.

القناة 12 الإسرائيلية تقول إن أحد الأسئلة التي لم تقم إسرائيل بإجابته بعد حول اجتياح رفح ومحور فيلادلفيا هي ما الذي يضمن ألا تعيد حماس بناء أنفاق جديدة في ذلك الشريط الحدودي حتى في حال قام الجيش بتدمير جميع الأنفاق الموجودة فيه حاليا.

قد يكون ذلك مدخلا للجيش الإسرائيلي لمحاولة البقاء في محور فيلادلفيا بشكل دائم أو لمدة كبيرة، وهو ما ينذر بتوتير العلاقات مع مصر بحسب تحذير سفير إسرائيل في القاهرة.