أمور تجاهلها.. ما لم يقله نصر الله عن لبنان وغزة

نصر الله تحدث عما سماه "انتصارا" في غزة، لكنه لم يتطرق إلى الخسائر البشرية والمادية التي مُني بها القطاع، جراء الحرب المندلعة منذ أكثر من 7 أشهر.

الأرقام التي لم يتحدث عنها نصر الله تشير إلى أن حصيلة ضحايا حرب غزة ارتفعت إلى 35 ألف قتيل، وتجاوز عدد الجرحى نحو 78 ألفا و755 شخصا. وأواخر أبريل الماضي، قال بير لودهامار، المسؤول الكبير في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، إن إزالة كمية الركام الهائلة التي تشمل ذخائر لم تنفجر بسبب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة قد تستغرق نحو 14 عاما.

ولفت لودهامار إلى أن الحرب خلفت ما يُقدر بنحو 37 مليون طن من الركام في المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية.

مجّد نصر الله، زعيم حركة حماس بغزة يحيي السنوار، ووصفه بأنه "القائد الأخ العزيز"، معتبرا أن رفع صورته بمجلس الأمن من قبل مندوب إسرائيل يُعد في حد ذاته إقرارا بهزيمة تل أبيب.

لكن زعيم حزب الله لم يتطرق إلى الظروف الإنسانية المأساوية التي يعيشها النازحون في منطقة رفح التي تستقبل 1.2 مليون فلسطيني تركوا القطاع وسط الحرب.

وقبل أيام، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، أن النفايات تتراكم والمياه الجارية شحيحة في رفح، مشيرة إلى أنه كلما ارتفعت حرارة الطقس، ازداد خطر انتشار الأمراض بين الأطفال وكبار السن.

"الأونروا" كشفت أيضا عن أن الشخص الواحد في غزة يحصل على أقل من لتر واحد من المياه يوميا، إذ يُستخدم في الشراب والغسل والاستحمام، في حين الحد الأدنى للمعايير العالمية هو 15 لترًا يوميا.

من جهتها، أبلغت منظمة الصحة العالمية عن عشرات الآلاف من حالات الالتهابات في الجهاز التنفسي والإسهال وجدري الماء والطفح الجلدي والتهاب السحايا في مخيمات النازحين المكتظة.

نصر الله خاطب النازحين في شمال إسرائيل، قائلا "لو كنتم تريدون الحلّ اذهبوا إلى حكومتكم، وقولوا لهم أوقفوا الحرب على غزة"، في المقابل، لم يتحدث عن حل لأزمة النازحين في جنوب لبنان ولا عن خطوة إعادة الإعمار المرتقبة.

منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف" كشفت في آخر تقرير لها عن نزوح أكثر من 90 ألف شخص من جنوب لبنان، بينهم ما لا يقل عن 30 ألف طفل، أجبروا على ترك منازلهم. كذلك، تعاني نسبة كبيرة من سكان جنوب لبنان من أزمة على صعيد الإيجارات في المناطق الآمنة التي لاذوا بالفرار إليها.

ففي العاصمة بيروت، يصل إيجار المنزل إلى 700 دولار، وهو رقم يعادل راتباً لشهرين. كذلك، بلغ إيجار شقة صغيرة في منطقة كنيسة مار مخايل المحاذية للضاحية الجنوبية لبيروت 650 دولارا شهريا.

كما لم يتحدث نصر الله عن القتلى الذين سقطوا في جنوب لبنان جراء الاشتباكات المستمرة منذ 8 أكتوبر الماضي. وزارة الصحة اللبنانية نشرت يوم 8 مايو الجاري، التقرير التراكمي للطوارئ الصحية، أعلنت فيه مقتل أكثر من 351، وإصابة نحو 1413 شخصا.

في أثناء خطابه، قال نصر الله إنه يجب على سكان شمال إسرائيل الضغط على رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو لوقف الحرب في غزة كي يعود أطفالهم إلى المدارس خلال شهر سبتمبر المقبل.

في المقابل، لم يتحدث نصر الله عن معاناة طلاب جنوب لبنان خصوصا مع اقتراب موعد الامتحانات الرسمية بلبنان، فغالبية هؤلاء التلاميذ في عداد المهجرين.

كذلك، غاب عن نصر الله الحديث عن إغلاق المدارس في جنوب لبنان، فيما لم يتطرق إلى تدمير بعضها والوقت الذي ستستغرقه عملية إعادة بنائها.

النشرة الإحصائية الرسمية الصادرة عن مركز البحوث والإنماء، المرتبط بوزارة التربية اللبنانية أشارت إلى أن عدد التلاميذ الكلي في لبنان يبلغ مليونا و79 ألفا و48 طالبا، منهم 127 ألفا و930 طالبا في محافظة جنوب لبنان، و83 ألفا و799 في محافظة النبطية. وذكرت النشرة أن عدد المدارس الرسمية والخاصة يبلغ ألفَين و780 مدرسة في لبنان، منها 301 في الجنوب، و251 في النبطية.

لظروف الصعبة للطلاب والأساتذة دفعت وزير التربية اللبناني عباس الحلبي إلى إجراء اتصال عبر "زوم" مع عدد منهم، الإثنين. ووفق وكالة الأنباء اللبنانية، فقد استمع إلى معاناة وهواجس الطلاب والأساتذة اليومية نتيجة القصف الإسرائيلي وانعدام الخدمات التقنية والاتصالات والإنترنت وعدم القدرة على التنقل، بالإضافة إلى تضرر المدارس وإغلاقها وتعرض العديد منها للقصف.

الحلبي أبلغ الطلاب خلال الاتصال أنه أعطى توجيهاته إلى الإدارة لتأخذ هواجسهم في الاعتبار مع المحافظة على قيمة الشهادة الثانوية الرسمية.

نصر الله طلب فتح البحر أمام النازحين السوريين لكي يهاجروا إلى أوروبا، معتبرا أن هذه الخطوة وسيلة ضغط على الأوروبيين والأميركيين للتفاوض مع الحكومة السورية والعمل على إعادة النازحين إلى بلدهم الأم.

وسط ذلك، لم يتحدث نصر الله عن أعباء النزوح السوري على لبنان، خصوصا أن تكلفته تجاوزت 50 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، فإن حديث أمين عام "حزب الله" عن دفع النازحين للهجرة عبر البحر قد يعني لجوء بعضهم إلى "قوارب الموت"، وهو السيناريو الذي يتكرر دائما انطلاقا من لبنان.

الرحلات غير الشرعية التي ينادي بها نصر الله وتسببت بموت المئات، تُعد غير معروفة المصير.

كذلك، فإن الخطوة التي تحدث عنها من شأنها أن تزيد من الضغط على القوى الأمنية اللبنانية التي تواجه أزمة مالية وعددية، مع العلم أن الجيش اللبناني تمكن مرات عديدة من إحباط عمليات تهريب للبشر عبر البحر، معظمهم من السوريين واللبنانيين.