عين واحدة.. الإسرائيليون لا يرون غزة

ثلثا اليهود الإسرائيليين الذين يشاهدون وسائل الإعلام المحلية الناطقة بالعبرية شاهدوا صورا قليلة أو ربما لم يشاهدوا صور الأضرار التي لحقت بقطاع غزة، في حين قال البقية إنهم رأوا الكثير، سواء من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة بلغات أخرى غير العبرية، أو وسائل التواصل الاجتماعي.

جاء ذلك بحسب مسح أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في أبريل، ونقلته وول ستريت جورنال.

كل شيء عن الحرب يمكن مشاهدته على الشاشات الإسرائيلية الناطقة بالعبرية، إلا أهل غزة، فالإسرائيليون لا يريدون رؤية صور "لأعدائهم" وهم يموتون، ولهذا لا يعرضونها، بحسب شوكي توسيج، رئيس تحرير مجلة Seventh Eye المعنية بوسائل الإعلام الإسرائيلية للصحيفة.

وحينما حاولت الصحيفة سؤال وسائل الإعلام الإسرائيلية عن ذلك، ردت القناة 12 بصور تضمنت مشاهد للمباني المدمرة والأطلال في غزة ومدنيين يتحدثون عن محنتهم، لكن دون صور القتلى والجرحى.

على الجانب الآخر، تنتشر في أنحاء إسرائيل صور الأسرى في كل مكان، حتى في المطاعم تُركت بعض المقاعد فارغة للتذكير بهم.

وفي "ساحة الرهائن" يعتصم أهالي الأسرى، وتُحسب الأيام والساعات والدقائق التي احتجزوا فيها، وتُعرض صورهم في نشرات الأخبار المسائية بصورة يومية.

بسبب ذلك، فإن وقف إطلاق النار الدائم وإعادة إعمار غزة أمور غير مفهومة للإسرائيليين حتى يعود الأسرى إلى بيوتهم، بحسب تصريحات داليا شيندلين، خبيرة الرأي العام الإسرائيلية، إلى وول ستريت جورنال.

ويشير استطلاع للرأي في يناير 2024 -أجرته جامعة تل أبيب- إلى أن 94% من اليهود، و82% من سكان إسرائيل يرون أن الجيش الإسرائيلي استخدم قوة نارية مناسبة في غزة (51% بين اليهود)، أو غير كافية (43%).

ويعتقد ثلاثة أرباع الإسرائيليين أن عدد الفلسطينيين الذين تضرروا خلال الحرب له ما يبرره لتحقيق أهدافها، ويقول ثلثا المستطلعين اليهود إن الخسائر البشرية مبررة بالتأكيد، ويقول 21% فقط "إلى حد ما"، بحسب هآرتس.

تتراجع البروباغندا الإسرائيلية وروايتها عن الحرب الدائرة منذ أكثر من 7 أشهر، في وقت يتوجه فيه المجتمع نحو اليمين خطوة بخطوة.

ويقول المحلل السياسي الهولندي، فلسطيني الأصل، معين رباني، أن البروباغندا الإسرائيلية كانت في الماضي عالية المهنية والدهاء والتأثير، لكنها أصبحت فظّة ومبتذلة إلى حد كونها كاريكاتيرية، وفي أغلب الأحيان منفصلة بصفة غريبة عن الواقع.

ويرجع رباني هذا التدهور لتحول المجتمع الإسرائيلي بصورة كبيرة نحو اليمين واليمين المتطرف، "لدرجة أنهم لم يعودوا قادرين على صياغة رسائل فعالة لجماهير متعددة من دون انتهاك معتقداتهم الأساسية".

وتتفق الحكومة الإسرائيلية الحالية والمعارضة في رفض تأييد حل الدولتين وإنهاء الاحتلال، حتى زعيم المعارضة من تيار اليسار الوسط يائير لابيد لم يخفِ رفضه لحل الدولتين بعد 7 أكتوبر في آخر كتاباته بصحيفة هآرتس.

لابيد قال إنه يجب على الفلسطينيين أولاً إثبات أنهم "مطيعون مثل السويسريين، أو محبون للسلام مثل الهولنديين، أو هادئون مثل الأستراليين"، لتبدي إسرائيل مجرد استعداد للنظر في احتمالية حل الدولتين.