دخان وبارود.. حرائق غامضة تلتهم السودان وتروّع النازحين

في بعض القرى والمناطق الحضرية السودانية، يجد السكان أنفسهم أمام سلاح جديد، وهو الحرائق التي تندلع بصورة متكررة، وتدفعهم أحيانا إلى نزوح جديد، بعد نزوح أول من مناطق القتال.

وبحسب البيانات، التي جمعها برنامج مركز مرونة المعلومات البريطاني، فهناك نحو 311 حريقا منفردا، وقعت في كل من إقيلم دارفور وكردفان في الفترة ما بين أبريل لعام 2023 و2024، ووصل عدد المناطق المتأثرة لنحو 201 منطقة.

وشهد شهر أبريل الماضي ذروة اشتعال الحرائق في السودان، إذ تضررت أو دُمرت 72 قرية ومنطقة حضرية بالكامل.

بعض المناطق الحضرية تعرّضت للحرائق أكثر من مرة منذ بداية الحرب، كما رصد المشروع نمطا متكررا تشتعل فيه مناطق عدة متقاربة جغرافيا في الوقت ذاته.

وتقول مديرة البرنامج، أنوك ثيونيسن، وفقا لموقع مركز مرونة المعلومات: "عندما نرى تقارير عن قتال أو غارات جوية، تتزامن مع مجموعة من الحرائق، فهذا يشير إلى أن النار تُستخدم بصورة عشوائية كسلاح حرب. وهذا الاتجاه يتفاقم ويستمر في التسبب بنزوح جماعي للشعب السوداني".

جمع البرنامج المعلومات عن الحرائق التي تشتعل على نحو عشوائي في السودان في خريطة تفاعلية، توضح مواقع القرى والتجمعات السكانية التي شهدت حالات حرائق، مع بيان عدد الأيام التي اشتعلت خلالها النيران، وبعض المواد الإضافية، كمقاطع الفيديو التي توثّق للحرائق.

واستخدم الفريق العديد من الأدوات لتوثيق الحرائق والتحقق منها، بينها صور الأقمار الصناعية وأدوات مراقبة الحرائق المتاحة للعامة من قبل وكالة ناسا، فضلا عن منشورات مواقع التواصل الاجتماعي.

ووجد المشروع أنه في بعض الأحيان، اشتعلت تلك الحرائق في مخيمات للنازحين، ما أدى إلى اضطرار الأسر والعائلات للنزوح مرة بعد الأخرى.

وعلى مدار الشهر الماضي، رصد المشروع ارتفاعا في عدد الحرائق في شمال وغرب مدينة الفاشر، التي ظلت لمدة طويلة بعيدة نسبيا عن المعارك المندلعة بين طرفي النزاع بالسودان.

ورصد المشروع بالتحديد حرائق في نحو 32 تجمعا سكانيا على بعد 50 كيلومترا من المدينة.

ومدينة الفاشر هي عاصمة ولاية شمال دارفور، وتعتبر مركزا رئيسيا للمساعدات في إقليم دارفور، وحذر مسؤولون أمميون -بحسب وكالة فرانس برس- من أن أعمال العنف التي بدأت تشهدها المدينة مؤخرا، تهدد حياة أكثر من 800 ألف شخص يقيمون فيها.

وأكد بعض من سكان المدينة أنها تشهد حالة حصار، ما أدى إلى عرقلة العمل الإنساني في الإقليم بصورة كاملة، إذ تتركز المساعدات في الفاشر وتوزع على باقي الولايات.

وبحسب موقع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تسببت الحرب السودانية في نزوح 6.7 مليون شخص داخليا، بالإضافة إلى هروب 1.8 مليون شخص من السودان منذ 15 أبريل 2023.