اللافتات في تركيا.. ما سر الهوس ضد "الحروف العربية"؟

التصريحات التي أطلقها أوزيل تناقضت مع الفعل الذي أحدثته بلدياته خاصة في جنوب تركيا، وكانت متضاربة أيضاً مع مواقف بقية الساسة الأتراك، المنخرطين في صفوف المعارضة.

وقال في لقاء متلفز بعدما انتشرت الكثير من الصور والفيديوهات التي توثق إزالة اللافتات من واجهات المحال في هاتاي وأوشاك وكيليس ومرسين:

• حزبي (الشعب الجمهوري) لا يعادي اللاجئين، ولا اللغة العربية.
• الممارسات يمكن أن تترك جرحاً لدى الكثيرين، لأن "اللغة العربية هي لغة القرآن".
• إذا أزلت اللافتات المكتوبة بالعربية وحدها، فستصبح اللغات الأجنبية الأخرى أيضاً موضع تساؤل.
• يجب النظر في ما هو مكتوب على اللافتة، وإذا كان يسهّل على الناس الحصول على الخدمة بلغتهم الأم، فهذا حق لهم.

الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان من جانبه دخل على خط ردود الأفعال، بقوله: "هناك عقلية مريضة وراء الانزعاج من اللافتات العربية.. هذه العقلية ليست مشكلتها تركيا ولا اللغة التركية"، على حد تعبيره.

وأضاف أردوغان: "هؤلاء هم المساكين الذين يحاولون باستمرار إرضاء غرورهم من خلال توجيه كراهيتهم باتجاه الآخرين".

لم يتعرّض أردوغان لذات القدر من الانتقاد الذي طال أوزغور أوزيل.

وذلك لأن تصريحات السياسي المعارض شكلت "انعطافة" على صعيد المواقف التي يعتمدها حزبه منذ سنوات، بشأن قضية اللاجئين وتفاصيل الحياة الخاصة بهم في البلاد.

المحلل السياسي التركي، جواد غوك يرى أن الحملة الأخيرة التي بدأتها البلديات هي "حلقة من سلسلة طويلة"، ويقول إنها ترتبط بـ"العنصرية والقومية المتطرفة التي تحاول بعض الأحزاب ترسيخها تجاه العرب دون غيرهم".

ويضيف لبلينكس، أن أسبابها ترتبط بجانب آخر، ويتمثل بـ"ضعف التثقيف لدى الأتراك"، مردفاً: "هم ليسوا مثل الأوروبيين في موضوع التسامح والتعايش السلمي".

الباحث والصحافي التركي، علي أسمر، قدّم وجهة نظر مغايرة لبلينكس، ويوضح أن "القصة أبعد من موضوع اللغة العربية، إذ تتعلق بحساسية بعض الأتراك تجاه الأحرف غير اللاتينية الأجنبية".

بعد قيام الجمهورية التركية غيّر مصطفى كمال أتاتورك اللغة من العثمانية ذات الحروف العربية إلى اللغة التركية ذات الحروف اللاتينية.

ولاقت هذه الخطوة، بحسب أسمر، "استياء بعض المواطنين الأتراك، في حين دعم البعض هذه الخطوة للتقرب من الدول الغربية والابتعاد عن دول الشرق الأوسط".

أسمر يشير إلى أن حزب "الشعب الجمهوري" قرر بعد فوزه بالانتخابات الأخيرة اتخاذ تغييرات كبيرة، على صعيد الشخصيات والأفكار. ويتابع: "شاهدنا ظهور شخصيات جديدة على حساب الأخرى القديمة".

وبينما نجح "الشعب الجمهوري" بتغيير رئيسه "استطاع الفريق الجديد إحداث انقلاب كبير، وبناء على ذلك تغيّرت السياسة كاملة".

ويعتبر الباحث أن "المعارضة التركية أصبحت واقعية داخلياً وخارجياً الآن، وتتقن اللعبة السياسية"، في مسعى منها للتجهيز للانتخابات الرئاسية في 2028.

يتيح القانون التركي استخدام اللغة التركية في اللافتة الواحدة بنسبة لا تقل عن 75%.

ويسمح في المقابل -حسب بيان صادر عن مكتب والي إسطنبول في عام 2019- باستخدام اللغات الأجنبية الأخرى في النسبة المتبقية فقط، أي 25%.

يرى الباحث أسمر أن "التركيز على اللغة العربية من بعض الشخصيات القومية والعنصرية هو فقط للفت الأنظار".

وترتبط الأسباب أيضاً بـ"الإضرار بالحكومة التركية التي عقدت اتفاقيات اقتصادية كبيرة مع بعض الدول العربية"، على حد تعبيره.

في بيان له بعد حملة إزالة اللافتات، أعلن منبر منظمات المجتمع المدني "ULFED" اتخاذه الإجراءات القانونية ضد بعض البلديات في تركيا.

يتكون المنبر من عدة منظمات سورية-تركية.

وبعدما وصف ما يحصل بـ"الممارسات التعسفية ضد اللاجئين والمهاجرين"، قال إن "بعض البلديات تجاوزت القواعد المحددة في القانون التركي".

كما أضاف أنها "تسلطت على اللافتات العربية بمزاعم واهية بأنها تلوث بصري".

المنبر أشار إلى أن "اعتبار اللغة على هذا النحو لا يمكن أن يكون إلا اعترافاً بالتلوث الفكري من منطلق التمييز".

وأعلن أن "دعاوى قضائية ستُرفع بالتعاون مع فريق من المحامين المتخصصين بهذا الشأن، بهدف إصدار قرار سابق يحظر هذه الممارسات التعسفية في المستقبل".