5 أسرار كشفها "فيديو مجندات" أقلق إسرائيل

إحدى المجندات الخمس الأسيرات من قاعدة نحال عوز هي ليري إلباغ (19 عاما) التي قالت أختها في الراديو، إنها صُدمت من مدى فظاعة المشهد عندما سمعت مقاتلي حماس يقولون في الفيديو "ها هي الفتيات التي يمكن أن يحملن".

هذه الجملة الملفقة التي لم يقلها أحد في مقطع الفيديو ذاك دفعت بعض الإسرائيليين إلى القول إن الحكومة كذبت على عائلات الأسرى بصورة متعمدة، وليس فقط على العالم الخارجي في حملة بروباغندا دعائية.

الحكومة الإسرائيلية لديها العديد من المتحدثين باللغة العربية في كوادرها، ولديهم القدرة على توفير ترجمة دقيقة للمقطع، ولكنها اختارت استخدام الترجمة المضللة تلك للتلاعب بمشاعر عائلات الأسيرات.

هذا التلاعب بمشاعر العائلات، ربما يستهدف استخدامها في الدعاية للتأثير على الرأي العام العالمي. ففي شهر مارس الماضي قال زاهيرو شاهار مور ابن أخ أحد المحتجزين في غزة لقناة سي إن إن الأميركية، إن الحكومة تكذب عليهم منذ أشهر طويلة.

وأضاف أن الحكومة تساومهم ليعملوا على نشر الرواية الإسرائيلية مقابل استعادة ذويهم، مشيرا إلى أن ما يُقال لهم بصفة قوية هو "من فضلك لا تحدث الكثير من الضجيج، وإلا فقد يُنقل أحد أفراد أسرتك أو رهينتك إلى مكان أقل في الأولوية بمجرد إعداد القائمة" لمن يجب استعادتهم أولاً.

وقال زاهيرو، إن هناك الكثير من الضغوط القادمة من وزراء الحكومة الذين يقولون "حسنًا، كونوا هادئين، كونوا هادئين، العبوا معنا، تعالوا معنا إلى هذا الوفد ثم اجتمعوا مع الأمم المتحدة واضغطوا على اللاعبين الخارجيين، لكن لا تقل أي شيء يتعارض مع الخط الحكومي الرسمي".

يبدو أن خداع الحكومة الإسرائيلية لعائلات الأسيرات بترجمة مزيفة لمقطع فيديو لحظة أسرهن انقلب على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

إسرائيل حاولت إخفاء مقطع الفيديو لأشهر طويلة، وتحججت بمراعاة مشاعر عائلات الأسرى، لكن أسر المجندات الخمس دفعهن اليأس وفقدان الأمل في الحكومة إلى نشر ذلك المقطع يوم الأربعاء ظناً منهم بأنه سيشكل أداة ضغط على نتنياهو ، واستعطافا لوزرائه للقبول بصفقة التبادل، بحسب صحيفة هآرتس.

العديد من وزراء الحكومة رفضوا مشاهدة هذا المقطع في السابق بصورة خاصة قبل نشره للعلن. لذلك ظنت عائلات المجندات بأن نشره للعامة سيجبر الوزراء على مواجهة ما يحدث لبناتهن الخمس، من حيث تهمة الاغتصاب المزعوم.

لذلك قال والد ليري الباغ، إن مقطع الفيديو كان فرصتهم وأملهم الوحيد لإجبار الكابينت على توقيع اتفاق تبادل.

بدلاً من أن يؤدي نشر مقطع أسر المجندات إلى تعاطف واستجابة الحكومة الإسرائيلية للموافقة على صفقة التبادل، سارع نتنياهو ووزراؤه لاستغلال المقطع للبروباغندا السياسية واستمالة الرأي العام العالمي عبر حملة نشر منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الغربي.

الحكومة استغلت الفيديو لحشد غضب الإسرائيليين ضد "الحيوانات البشرية" في غزة التي "يجب القضاء عليها جميعاً"، وسعت إلى نشره على نطاق واسع، لتبرير استمرار الحرب وتجييش مشاعر الثأر والانتقام. وقال نتنياهو إن تلك المشاهد "تقوّي من عزيمته على القضاء على حماس".

كما استغل الإسرائيليون مقطع الفيديو ذاك لمهاجمة الدول الأوروبية الثلاث التي اعترفت بدولة فلسطين يوم الأربعاء والقول إن أولئك الدول "تكافئ إرهاب حماس".

واستغل وزراء الحكومة أيضاً المقطع لمهاجمة السلطة الفلسطينية واتفاق أوسلو للسلام، وتبرير خطوات إسرائيل الأخيرة لمعاقبة السلطة ودفعها نحو الانهيار.

وقالت شقيقة إحدى الأسيرات، إن أيا من وزراء الحكومة لم يتواصل معهم بعد انتشار تلك المقاطع.

بعد السابع من أكتوبر، أطلقت الحكومة الإسرائيلية حملة واسعة بعنوان "صدقوا النساء الإسرائيليات"، تتهم مقاتلي حماس بالقيام بعمليات "اغتصاب ممنهجة وواسعة النطاق" ضد الإسرائيليين والإسرائيليات في هجوم 7 أكتوبر.

كانت الصورة الرئيسية والوحيدة لدعم تلك الرواية هي صورة للشابة نعمة ليفي (19 عاما) وهي يجري إنزالها من مركبة عسكرية في غزة من قبل مقاتل قسامي، وبنطالها عليه بقع دماء من الخلف.

أصبحت ليفي رمزاً لمزاعم الاغتصاب الإسرائيلية، إذ رفعت المظاهرات المناصرة لإسرائيل صورها بكثافة وارتدت نساء إسرائيليات ومؤيدات لإسرائيل حول العالم ملابس شبيهة بملابس ليفي عليها بقع دماء، وقمن بوقفات أمام الأمم المتحدة والحكومات الغربية لدفعهم إلى إدانة مزاعم الاغتصاب تلك.

لكن مقطع الفيديو الذي نشرته الحكومة الإسرائيلية يوم الأربعاء فنّد تلك الرواية بصورة غير مقصودة منها.

ليفي ظهرت وسط المجندات في قاعدة نحال عوز العسكرية وكانت مصابة والدماء تسيل من يديها ومرفق قدمها، وكانت هناك بعض الدماء على وجهها من غير الواضح إن كانت من يديها أو من إصابة في الرأس. ومن غير الواضح إذا كانت ليفي أصيبت بتلك الجراح في أثناء اشتباكات أو بعد أسرها.

وظهرت ليفي وبقعة الدماء تلك على بنطالها في القاعدة العسكرية وسط المجندات الأخريات، ووثق المقطع لحظة أسرها واصطحابها للمركبة العسكرية التي سيطر عليها عناصر حماس من القاعدة.

إسرائيل حصلت على مشاهد اجتياح نحال عوز بصورة كاملة من مقاتلي حماس الذين قُتلوا أو أُسروا، ولكن على الرغم من ذلك لم تنشر حتى اللحظة أي شيء يوثّق اعتداء المقاتلين جنسياً أو بدنياً على الأسيرات الخمس.

من أكثر ما صدم الإعلام الإسرائيلي في مقطع الفيديو الدعائي للحظة أسر المجندات، الأريحية التامة والاطمئنان الكامل اللذان شعر بهما مقاتلو حماس داخل القاعدة العسكرية.

صحيفة هآرتس الإسرائيلية وصفت الفيديو بأفظع لحظة فشل حدثت في 7 أكتوبر، قائلة إن الخاطفين أظهروا "لامبالاة" وعدم خشية من أن يجري إزعاجهم.

وأضافت الصحيفة أن تلك المشاهد لن تُبقي على أي من المسؤولين الإسرائيليين عن فشل ذلك اليوم، في مناصبهم لمدة طويلة.

وقالت صحيفة والا، إن تلك المقاطع ستجعل أي أم إسرائيلية ترى أنه "لا يوجد قادة في الجيش ولا وزراء في الحكومة".

وقالت القناة 12، إن "التوثيق الصعب لعملية الاختطاف في قاعدة ناحال عوز يظهر كيف احتل الإرهابيون المنطقة بالكامل وتصرفوا دون أي ضغط أو تهديد عليهم، حتى بعد ساعات من بدء الحادث".

ووصف المحلل الأمني في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل مشهد أسر المجندات بأنه "يفضح أفظع فشل في 7 أكتوبر"، وأن مقاتلي حماس كان لديهم متسع كبير من الوقت ليفعلوا ما شاءوا دون خوف. وأضاف أن المسؤولين عن هذا الفشل ينبغي ألا يبقوا في السلطة بعد الآن.