خلاف مع أوروبا.. كيف يعقّد التدخل الأميركي "نووي إيران"؟

تمارس الولايات المتحدة ضغوطا على حلفائها الأوروبيين، لا سيما فرنسا وبريطانيا، للتراجع عن خطط إلقاء اللوم على إيران بسبب الاختراق الذي أحرزته في برنامجها النووي، خلال اجتماع مجلس الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أوائل يونيو المقبل.

ويقول دبلوماسيون إن واشنطن مارست في الوقت نفسه ضغوطا على دول أخرى في المجلس للامتناع عن التصويت على حجب الثقة عن إيران، في وقت ينفي مسؤولون أميركيون الأمر لصحيفة وول ستريت جورنال.

من وجهة نظر الأوروبيين؛ فإن الفشل في اتخاذ إجراء يقوض سلطة الوكالة المعنية بمنع انتشار الأسلحة النووية، ويضعف في الوقت ذاته مصداقية الضغوط الغربية على إيران، وسط مخاوف خاصة من بريطانيا وفرنسا من افتقار الولايات المتحدة لاستراتيجية توقف التقدم النووي لطهران.

في الجانب الآخر، يؤكد المسؤول الأميركي للصحيفة إن واشنطن "تنسق بشكل محكم" مع شركائها الأوروبيين قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر المقبل.

وأشار المسؤول إلى زيادة الضغوط على طهران عبر العقوبات والعزلة الدولية مستشهدا بالإجراءات التي اتخذتها مجموعة السبع بعد هجوم إيران على إسرائيل، فيما نفى آخر أن تكون الولايات المتحدة تحاول تجنب حدوث اضطرابات مع إيران قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ويرى المسؤولون الأميركيون أن أوروبا يمكن أن تقدم المزيد للضغط على إيران عبر قطع البنوك الإيرانية التي تعمل في القارة وإدراج الحرس الثوري الإيراني كمجموعة إرهابية.

يأتي ذلك، في وقت عقدت الولايات المتحدة الأميركية وإيران محادثات غير مباشرة في يناير 2024 لبحث كيفية تجنب تصعيد الهجمات الإقليمية، وقد تضمنت مناقشة المخاوف الأميركية حول البرنامج النووي لطهران بحسب أكسيوس.

رسميا، أشار نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، إلى أن بلده لديها طرق للتواصل مع إيران عند الضرورة، وأن تقييم إدارة بايدن يشير إلى أن طهران لا تقوم بأنشطة لإنتاج سلاح نووي.

أفاد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ محادثاتها مع طهران عُلقت إثر وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، بينما أشار تقرير ثان، إلى أن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصّب خلال الأشهر الأخيرة 30 مرة عن الحد المنصوص عليه في اتفاق 2015، بحسب فرانس برس.

وتقول وثيقة لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفاييل غروسي، اطّلعت عليها فرانس برس إلى وجود تصريحات علنية في إيران بشأن القدرات التقنية للبلاد على إنتاج أسلحة نووية، وتغييرات محتملة في العقيدة النووية.

وباتت إيران تملك كمية من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60% تكفي لصنع 3 قنابل نووية في حال زادت نسبة تخصيبها إلى 90%، وفقا للوكالة الأممية.

وتقول الوكالة إن المخزونات الإيرانية من اليورانيوم المخصّب بلغت 6201.3 كيلوغرام في 11 مايو مقارنة مع 5525.5 كيلوغراما في فبراير، أي أكثر بـ30 ضعفا من الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووي المبرم في العام 2015.

يأتي ذلك، في وقت تخطّت إيران بشكل كبير السقف المحدّد لتخصيب اليورانيوم عند نسبة 3.67%، أي ما يعادل النسبة المستخدمة في محطات الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء.

وباتت طهران تملك 751.3 كيلوغراما من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20٪، مقابل 712.2 كيلوغراما قبل 3 أشهر، بحسب وكالة فرانس برس.

وتقول الخبيرة في جمعية الحد من الأسلحة كيلسي دافنبورت للوكالة "حان الوقت للتصرّف"، مضيفة أنّ "الانتظار 6 أشهر أخرى بعد الانتخابات الأميركية، لن يؤدي إلّا إلى تفاقم التحديات الحالية. من خلال إرسال إشارة مفادها أنّ طهران يمكنها أن تستخف بالتزاماتها الدولية مع الإفلات من العقاب".

وبحسب دافنبورت، يجب على الولايات المتحدة أن "تطرح عرضا على الطاولة" بما في ذلك تخفيف العقوبات "لنزع فتيل التوترات" وإزالة "التهديد الذي تمثّله إيران إذا حازت على السلاح النووي".

في وقت تتداول فيه الأنباء حول الملف النووي الإيراني، تتسرب الأنباء من الداخل حول تسليم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الملف النووي للأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني منذ مارس 2024.

تعيين شمخاني يأتي بسبب تركيزه على الملف النووي ووصوله بشكل أسرع إلى هيئات صنع القرار، لزيادة معدل النتائج وتسريع مفاوضات الملف النووي ورفع العقوبات، بحسب ما يقول الصحافي الإيراني، فريد مدرسي على إكس.

لكن "تسريب الخبر يبدو أن وراءه أهداف انتخابية تمهيدا لترشحه لانتخابات الرئاسة، ولكنها مغامرة مزدوجة مع عدم تحقيق تقدم في الملف النووي"، بحسب الباحث في الشؤون الإيرانية أحمد فاروق.

وفي هذا الصدد يشير فاروق لبلينكس إلى أن شمخاني كان أحد العراقيل التي واجهها الاتفاق النووي عام 2015 لدرجة أن الرئيس الإيراني حينها، حسن روحاني، طلب إقالته مرات عدة.

ويقول فاروق إن التصويت للشخصيات ذات الخلفية العسكرية مثل شمخاني ليس مرتفعا ولا يصل إلى التنافس مع الشخصيات السياسية الأخرى.