مجلس الحرب الإسرائيلي ينهار.. هل ينتهي عهد نتنياهو؟

بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، سارع بيني غانتس، زعيم حزب معسكر الدولة المعارض، للانضمام لحكومة نتنياهو لتوفير قاعدة أمان تضمن استقرارها وقدرة رئيس الوزراء على اتخاذ قرارات حاسمة من دون الخوف من انسحاب أحد أحزاب التحالف والتسبب بانهيار حكومته.

غانتس وشريكه غادي أيزنكوت تقلدا منصب "وزير حرب" في مجلس الحرب الطارئ الذي أنشأته الحكومة لتباحث مجريات المعارك في غزة واتخاذ القرارات المتعلقة بالميدان.

واستثني وزير الأمن المتطرف، إيتمار بن غفير، ووزير المال، بتسلائيل سموتريش، من المجلس، لكن بقيا أعضاء في كابينت الحكومة.

وجود غانتس في معسكر واحد مع غريمه السياسي برره بالقول إنه صوت العقل داخل غرفة القيادة الضامن لعدم اتخاذ قرارات متهورة، ولإضفاء ثقة وشرعية على الحكومة خلال الحرب بعد أشهر من المظاهرات الحاشدة المطالبة بإسقاط نتنياهو وتحالفه والانقسام العميق في البلاد.

لكن على مدار الأشهر الماضية، همّش نتنياهو بشكل متصاعد المجلس وتجاوزه وأخفى أسرار عنه واتخاذ قرارات بشكل فردي من دون مشاورة وزراء الحرب.

ووصلت الأمور ذروتها في الخلافات والتوترات داخل مجلس الحرب عندما ثار وزير الدفاع مطالبا نتنياهو بالتوقف عن المرواغة فيما يتعلق بتقرير من سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب والتعهد بألا توكل تلك المهمة للجيش الإسرائيلي لأنها ستكلفه المليارات وحياة عشرات الجنود وستشغله عن ساحات قتالية أخرى مثل إيران وسوريا ولبنان.

اتهم غالانت نتنياهو بالتهرب، وطالب بتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، في إشارة لاستغلال رئيس الوزراء لاستمرار الحرب كبطاقة ضمان لبقائه في السلطة.

وسرعان ما انضم له بيني غانتس، الذي هدد بالرحيل خلال أسابيع إذا لم يتخذ نتنياهو قرارا واضحا حول مصير الحرب وما الذي سيأتي بعدها.

وأبدى وزير الحرب الآخر، غادي أزينكوت، أيضا امتعاضه من ضعف الحكومة في اتخاذ قرارات استراتيجية وأبدى خوفه من أن القتال في غزة قد يستمر لسنوات طويلة، ودعا لتغليب استعادة الأسرى على استمرار الحرب.

الضغوط على غانتس مستمرة منذ أشهر من قبل المعارضة لحثه على ترك مجلس الحرب ونزع الثقة والشرعية عن الحكومة.

لكن، يفكر نتنياهو على الجانب الآخر حاليا في حل مجلس الحرب بشكل كامل واستباقي لخروج غانتس منه. القناة 13 تقول إن رئيس الوزراء عرض على جدعون ساعر أحد قادة المعارضة الانضمام لمجلس الحرب بدلا من غانتس.

وتضيف القناة أنه في حال رفض ساعر عرض نتنياهو، فإن رئيس الوزراء اليميني سيلجأ لفض مجلس الحرب وإنهائه لمنع وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير من السعي للانضمام للمجلس بدلا من غانتس.

من المستحيل التفكير في حرب لا يقوم فيها رئيس الوزراء ووزير الدفاع بالتواصل بشكل دوري وتنسيق وقيادة مجريات المعركة في الميدان.

لكن نتنياهو مستعد لاتخاذ تلك الخطوة، وتقول الإذاعة كان إنه لم يجتمع مع غالانت منذ أكثر من أسبوعين بعد قيام الأخير بانتقاد رئيس الوزراء في مؤتمر علني والقول إن إسرائيل تسير نحو منعطف خطر إذا أُجبر الجيش على السيطرة على قطاع غزة عسكريا ومدنيا.

ورد عليه نتنياهو في حينها إنه يجب القضاء على حماس أولا ومن ثم البت في مسألة من سيحكم غزة.

وتلفت الإذاعة إلى أن نتنياهو كان قد اتهم غالانت قبل شهر بتسريب محتويات اجتماعاتهم للإعلام لإحراجه وإضعاف شعبيته.

قال نتنياهو في حينها إنه في كل مرة يجتمع فيها مع غالانت ورئيس الموساد ورئيس الشاباك، يتم تسريب محتوى تلك الاجتماعات للإعلام ولا يعتقد أن رئيس الموساد أو الشاباك يفعلان ذلك.

زعماء أحزاب المعارضة الإسرائيلية اتفقوا على عقد اجتماع، الأربعاء 29 مايو، لبحث كيفية الإطاحة بنتنياهو من كرسي الحكم وتشكيل حكومة أخرى أو التوجه لانتخابات.

الاجتماع المزمع عقده سيحضره زعيم المعارضة، يائير لابيد، رئيس حزب هناك مستقبل الحاصل على 24 مقعدا في الكنيست من أصل 120، وأفيغدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا، 6 مقاعد، وجدعون ساعر رئيس حزب أمل جديد، 4 مقاعد.

ويحاول المجتمعون أيضا استقطاب، بيني غانتس، لحضور ذلك الاجتماع ودفعه لمغادرة الحكومة في وقت أقرب من المهلة التي منحها لنتنياهو. كما يحاولون ضم رئيس الوزراء السابق اليميني، نفتالي بينيت، الذي كان قد أعلن اعتزال الحياة السياسية بعد هزيمته في انتخابات عام 2022.

في حال نجح قادة أحزاب المعارضة بإقناع غانتس بالانسحاب من مجلس الحرب، فلن يؤدي ذلك بشكل فوري لانهيار حكومة نتنياهو لكنه سيعني فقدان الثقة في الحكومة وسيفجر موجات تظاهرات عارمة في البلاد.

وقد يدفع بعض أعضاء حزب الليكود المتمردين على اللحاق بغانتس، مثل وزير الدفاع غالانت، وهو ما سيعني انهيار التحالف في حال انسحب 5 منهم فقط من التحالف.

في تلك الحالة سيخسر نتنياهو الأغلبية البرلمانية وسيضطر لإعلان انتخابات مبكرة خلال 3 أشهر يستمر فيها في قيادة حكومة تسيير أعمال.

وستعتبر الانتخابات في هذا التوقيت نكسة كبيرة لنتنياهو. فاستطلاعات الرأي الإسرائيلية تمنح جميع أحزاب التحالف مجتمعة أقل من 50 مقعدا كنيست من أصل 120، ما يعني أنه لن يكون قادرا على تشكيل أي حكومة في المنظور القريب.