حرب بين الكوريتين بـ"شجرة وميكروفون وبالون"

خلال أسبوع واحد، أطلقت كوريا الشمالية مئات البالونات التي حملت نفايات وفضلات فيما تقول الدولة الشيوعية إنه "هدايا صادقة" في رد على ما يبعثه نشطاء الجنوب من منشورات دعائية وأغذية وبعض المحتويات الفنية مثل الأغاني والمسلسلات.

والأحد (٢ يونيو) أطلقت كوريا الشمالية ما مجموعه ٧٢٠ بالونا نحو كوريا الجنوبية التي طلبت من سكانها عدم لمسها بحسب وكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية، لتكون المرة الثانية بعد أيام قليلة من إرسال ما مجموعه ٢٦٠ بالون.

"سياسية البالونات" ليست فكرة "الشمالية"، فقد بدأت من الجارة الجنوبية عبر إرسال محتوى فني من الأغاني والمسلسلات الأجنبية، الممنوعة في "الشمالية".

وكانت ترسل "هذه الهدايا" عبر "USB" يتم التبرع به من جانب منظمات وأشخاص عاديين، وتعد حملة flash drives for freedom في الولايات المتحدة أشهرها.

"حملة التبرع" هذه بدأت في بعض شوارع الولايات المتحدة حيث توضع صورة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون وفمه مفتوح حيث يتم وضع USB فيه، ومن ثم يتم تحميل محتويات فنية لا سيما أفلام هوليوود وغيرها من المواد التي تكشف لمواطني كوريا الشمالية حقيقة الحياة في الخارج، قبل أن يتم إطلاقها علر البالونات من كوريا الجنوبية إلى الشمالية.

عام ٢٠١٦ حاولت الحملة التي أطلقتها مؤسسة حقوق الإنسان تهريب ٢٠ ألف USB إلى كوريا الشمالية بحسب الغارديان، وقد وصل عدد أجهزة USB التي تم التبرع بها ما يقرب من ١٣٦ ألف جهاز بحسب الموقع الرسمي للحملة التي أصبحت منتشرة في بعض البلدان الأوروبية أيضا.

في حقبة الرئيس الكوري الجنوبي السابق "مون جيه إن" أُقر قانون معدل لتطوير العلاقات بين الكوريتين دخل حيز التنفيذ في مارس 2021، ويحظر إرسال منشورات دعائية إلى كوريا الشمالية، ما أدى توقف البالونات.

ويتعرض المخالفون للقانون لعقوبة السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات أو غرامة قدرها 30 مليون وون (22,172 دولارا)، قبل أن تلغي المحكمة الدستورية في سول القانون في سبتمبر 2023 في حقبة الرئيس الحالي يون سوك يول، بحسب يونهاب.

كوريا الجنوبية تسعى للرد على ما تنشره الجارة الشمالية عبر الحدود، فتدرس استئناف البث عبر مكبرات الصوت على طول الحدود، أو إرسال منشورات تنتقد نظام الشمال.

وعلى طول السنوات التي تواجهت فيها الكوريتان، كانت الميكروفونات، أداة لبث الدعاية والدعاية المضادة من كلا الطرفين، وقد استخدمت سول هذه المكبرات عام ٢٠١٥ بصورة موسعة ردا على تفجير لغم كوري شمالي في المنطقة المنزوعة السلاح بحسب يونهاب.

لكن هذا البث توقف بعد ذلك بحوالي أسبوعين، وكان يستخدم فيها 40 مكبر صوت عالي الإخراج بقدرة 500 واط يبلغ عرضها 4 أمتار وارتفاعها 3 أمتار في تنسيق البث الرقمي ليصل لمسافة تزيد عن 10 كيلومترات نهارا، وفي الليل يمكن سماعه لمسافة تصل إلى 24 كيلومترا بحسب صحيفة هانكيوريه الكورية الجنوبية عام ٢٠١٥.

وكانت المكبرات تبث دعاية ضد زعيم كوريا الشمالية وكذلك الحياة والطقس في كوريا الجنوبية، كما تتحدث عن الهاربين من الشمال بحسب الصحيفة ذاتها.

وقد أعيد البث مرة أخرى عام ٢٠١٦ في أعقاب التجربة النووية لكوريا الشمالية التي حملت رقم ٤ ثم توقف عام ٢٠١٨ قبيل قمة الكوريتين.

في عام 1976، كانت هناك شجرة في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين تحجب رؤية مراقبين قيادة قوات الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة، ليقرروا تقليمها.

أثناء تقليم الشجرة، ظهر جنود من كوريا الشمالية يطلبون التوقف ليشتعل الموقف بين الطرفين ويقتل جنود كوريا الشمالية اثنين من الأميركيين بواسطة فأس وأصابوا آخرين من الجنوبيين والأميركيين لتعرف الحادثة باسم "حادثة الفأس"، بحسب موسوعة الثقافة الكورية.

الشجرة التي كانت في المنطقة الأمنية المشتركة، التي كان يسمح فيها للشماليين والأميركيين والجنوبيين بالتجول دون فاصل بينهم، كادت أن تشعل حربا جديدة.

وعلى إثر الحادثة تم رفع مستويات الاستعداد للقوات الأميركية في كوريا الجنوبية، وتم النظر في شن الهجمات الصاروخية والمدفعية في المنطقة، لكن الرئيس الكوري الجنوبي حينها بارك تشونغ هي لم يرغب في اتخاذ إجراء عسكري، بحسب رابطة الدراسات الدبلوماسية في الولايات المتحدة.

وفي استعراض للقوة نفذت عملية عرفت باسم Paul Bunyan فدخلت قافلة مكونة من 23 شاحنة أميركية وكورية جنوبية بقيادة المقدم الأميركي فيكتور فيرا دون سابق إنذار إلى المنطقة الأمنية المشتركة، بحسب بوليتيكو.

بين هذه القوات التي كانت موجودة مهندسين حملوا المناشير لقطع الشجر، وكان من بين الكوريين الجنوبيين الذين شاركوا في هذه العملية الرئيس الكوري الجنوبي السابق مون جيه إن حينما كان يؤدي الخدمة العسكرية بحسب بريتانيكا.