بالهمس والصمت.. لماذا تثير اجتماعات بايدن القلق؟

عدد من المصادر التي تحدثت للصحيفة الأميركية قالوا إن أداء الرئيس خلف الأبواب المغلقة كان ضعيفا، بينما قال البعض الآخر إن تقدم الرئيس في العمر بدا جليا في بعض الاجتماعات فقط. تذكر الصحيفة بالتحديد 3 وقائع قال فيها أشخاص تقاطعوا مع بايدن أن أداءه كان ضعيفا.

أولى تلك الوقائع كانت في العام الماضي، عندما كان الرئيس يتفاوض مع الجمهوريين في مجلس النواب لرفع سقف الدين، ووفقا لرئيس مجلس النواب آنذاك، كيفن مكارثي كان أداء الرئيس يختلف بين يوم وآخر، إذ بدا في بعض الاجتماعات عفويا ويتحدث مع الجمهوريين بأريحية، وفي أيام أخرى كان دائم التمتمة وغالبا ما يعتمد على بطاقات الملاحظات.

أما في يناير 2024 خلال اجتماع حضره الرئيس مع أعضاء من الكونغرس الأميركي بشأن مفاوضات توفير تمويل لأوكرانيا، فقد تخللت حديث بايدن فترات طويلة من الصمت، بل أحيانا، كان الرئيس الأميركي يغلق عينيه، حتى ظن بعض من حوله أنه قد سقط في غفوة.

بجانب هذا الصمت وإغلاق العينين، تحدث بايدن أيضا بهدوء وبطء شديدين، لدرجة منعت بعض الحضور من سماعه، كما أنه استخدم مجموعة من بطاقات الملاحظات ليقرأ بعض الجمل المكتوبة مسبقا.

رئيس مجلس النواب نفسه، مايك جونسون، اختبر بنفسه ظاهرة مشابهة عندما التقى بايدن في اجتماع مغلق فبراير 2024، وخلال الاجتماع أخطأ بايدن في تعريف إحدى السياسات التي أقرتها إدارته، ما جعل جونسون يخشى من أن ذاكرة الرئيس تراجعت حتى فيما يخص سياساته شخصيا.

وفقا لسلسلة المقابلات التي أجرتها الصحيفة الأميركية، فإن أغلب من قالوا إن أداء الرئيس الأميركي في الاجتماعات كان ضعيفا، كانوا من الجمهوريين.

ومن جهته، غض البيت الأبيض الطرف عن الروايات التي تشير إلى ضعف تركيز الرئيس واعتبرها "مدفوعة بسياسات حزبية"، ونفى مساعدون في إدارة بايدن أن يكون أداؤه في مفاوضات سقف الدين ضعيفا، مؤكدين أنه كان يقظا ويُعطي تعليمات مفصلة في الكواليس، كما زعموا أن مكارثي شخصيا أشاد بأداء بايدن حينها.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس، إن أعضاء الكونغرس الجمهوريين والقادة الأجانب وحتى خبراء الأمن القومي غير الحزبيين أقروا بأن الرئيس "قائد ذكي وفعال" وله سجل من الإنجازات التشريعية.

بمعزل عما يراه البيت الأبيض وموظفوه، فإن الأميركيين يبدون تشككا في مدى قدرة بايدن على الاضطلاع بفترة رئاسية جديدة، وهاجس السن هو السبب الرئيسي في هذا الشك.

فوفقا لاستطلاع أجرته شبكة إيه بي سي وإيبسوس فبراير الماضي، عبّر 86% من الأميركيين عن اعتقادهم أن الرئيس أكبر من أن يستمر لفترة رئاسية جديدة.

تلك النظرة المتشككة في قدرات بايدن لا ترتبط بالجمهوريين فقط، فوفقا للاستطلاع ذاته، رأى نحو 73% من الديمقراطيين أن بايدن أكبر مما يجب.

إلا أن الأوراق الرسمية لا تعكس مخاوف الأميركيين، ففي فبراير الماضي، وفي نفس الفترة التي أبدى فيها بايدن أمارات النسيان أثناء اجتماعه بجونسون، خرج على الملأ طبيب البيت الأبيض، كيفن أوكونور، ليعلن نتيجة الفحص الطبي السنوي لجو بايدن.

بعد أن أجرى بايدن الفحص الطبي في مستشفى ماريلاند العسكري، أعلن أوكونور أن الرئيس "لائق لأداء واجبه"، وأنه "قوي" وفي حالة صحية جيدة، ويمارس عمله لـ5 أيام في الأسبوع، حسب ما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية.

في مقابل التقرير الرئاسي، تشير بعض التقارير إلى أن البيان الصحي الذي قدمه طبيب بايدن أتى مختصرا ومحدودا، خاصة إذا ما قورن بالتقرير الذي قدمه جون ماكين، عندما رغب في خوض السباق الرئاسي في العام 2008.

حينها جاء تقرير ماكين في 1173 صفحة، مقارنة بـ6 صفحات في حالة بايدن، وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن النظام السياسي الأميركي، يسمح للرؤساء والمرشحين الرئاسيين اختيار أي الفحوصات الطبية التي يجب أن يقوموا بها وأي المعلومات يمكنهم مشاركتها مع الناخبين بشأن حالتهم الصحية.

وبينما يجري السباق الآن بين المرشحين الانتخابيين الأكبر سنا، بايدن وترمب، يرجّح أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفرد، رودولف إي. تانزي، لصحيفة وول ستريت جورنال، أنه يتعين على كل من بايدن وترمب إجراء سلسلة من الاختبارات النفسية العصبية، التي تُعرف بالاسم neuropsychological assessment battery ويمكنها الكشف عن اختلالات المخ والخرف.

وعلى الرغم من هفوات بايدن المتكررة، أشار أطباء إلى أنه من الصعب، أو المستحيل إجراء تشخيص طبي بناء على لحظات متفرقة، حيث يمكن للتوتر وقلة النوم وتعدد المهام أن تؤدي لمثل تلك الهفوات.