بين الحرب والأمل.. مهند و100 ألف فلسطيني من غزة إلى القاهرة

بعد اندلاع الحرب خرج آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة، بموجب إجراءات معقدة تطلبت موافقة إسرائيل ومصر وشروطا معينة أخرى، عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، الذي كان بوابة أساسية أيضا لنقل عدد كبير من الجرحى إلى الخارج ودخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

لكن هذا المعبر مغلق منذ السابع من مايو، تاريخ سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من المعبر.

حالف الحظ السنداوي، فتمكن من الخروج إلى مصر قبل أن يصبح المرور بالمعبر مستحيلا، لكن البعد عن القتال لا يجعل المعاناة أبسط، فيقول الشاب العشريني: "بمجرد سماع صوت طائرة نشعر بالرعب، حتى ضجيج السيارات يذكرنا بالصواريخ".

لكن السنداوي ممتن لما وجده في مصر وكان ينقصه في غزة فيقول: "تجد ماء ساخنا ونظيفا يخرج من الصنبور.. في غزة، كان الاستحمام مشكلة".

يحاول عشرات الآلاف من الفلسطينيين التأقلم في مصر مع تداعيات صدمة الحرب ومغادرة الوطن، فضلا عن التحديات التي تواجههم سواء في إقاماتهم ببلد جديد أو طلب المساعدة.

وتقول الشابة الفلسطينية العشرينية رغد شبير، لوكالة فرانس برس، إنها فقدت كل شيء، وتحاول الاتصال ببعض المنظمات للحصول على المساعدة، ولكن دون جدوى، إذ لا يستجيب بعضها، والبعض الآخر يطلب منها الانتظار.

هناك أيضا معضلة الوجود القانوني في مصر فتقول شبير: "نحن نستفيد فقط من الإقامة لمدة 45 يوما بعد وصولنا، وبعد ذلك يصبح وضعنا غير قانوني".

ويلجأ بعض الفلسطينيين إلى شبكات مساعدة يشكلها متطوعون، خصوصا أنهم "يفتقرون إلى كل شيء"، حسب الشاب الأميركي نسيم طويل، أحد المتطوعين في هذه الشبكات.

وفقا لنسيم الطويل، تعمل شبكات التطوع تلك على توفير العديد من الخدمات للفلسطينيين، فهناك من يعير الشقق السكنية للنازحين، أو من يجمع الأموال من أجل توفير الأدوية والملابس والمواد الغذائية.

ويشير إلى أن الوافدين الجدد من الفلسطينيين يحتاجون إلى المال لتغطية نفقاتهم اليومية، بالإضافة إلى الرعاية الطبية، بعد أن عاشوا في خيام، ولم يكن لديهم سوى سلع معلبة منتهية الصلاحية أو طعام تلوثه الحشرات.

ومن بين الـ100 ألف فلسطيني الذين عبروا إلى مصر، وصل 44065 جريحا من بينهم 10730 طفلا، في الفترة الممتدة بين نوفمبر وفبراير، بحسب بيانات الحكومة المصرية.

في القاهرة، يتجمع بشكل شبه يومي العشرات من الفلسطينيين الذين عبروا إلى مصر حاملين حدا أدنى من أغراض شخصية على ظهورهم، أمام سفارتهم يطالبون بالمساعدة، وتحاول السفارة تقديم الدعم للمواطنين الأكثر ضعفا.

وكان والدا السنداوي من بين القليلين الذين حصلوا على مساعدة بسبب تقدمهم في العمر، على الرغم من أن العائلة بأكملها مسجلة لدى السفارة.

تُعنى عادة وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، برعاية اللاجئين الفلسطينيين، لكنها غير ممثلة في القاهرة إلا بمكتب اتصال صغير، ما يجعل عملياتها محدودة.

وتفخر مصر بعدم إقامة مخيمات إيواء للاجئين، إذ تفضّل السلطات أن ينخرطوا في المجتمع المصري ويتمتعوا بمعاملة المواطن بما له من حقوق وما عليه من مسؤوليات.

وترى شبير أن البقاء في مصر ليس خيارا، مشيرة إلى أنه سيكون من الضروري السفر "للخارج".

أما السنداوي فيقول: "في الوقت الحالي، ننتظر وقف إطلاق النار.. ثم ربما يمكننا التفكير في المرحلة التالية من حياتنا".