صعود اليمين في البرلمان.. هل يتفكك الاتحاد الأوروبي؟

بدأ إعلان نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، مساء الأحد، على شاشة عملاقة مثبتة في قاعة الجمعية العامة للبرلمان في بروكسل.

ووردت النتائج الأولية للانتخابات من ألمانيا وهولندا والنمسا واليونان وإدارة جنوب قبرص الرومية.

ووفقا للنتائج الأولية حصل حزب الشعب الأوروبي الذي يجمع "الديمقراطيين المسيحيين" في ألمانيا على 30 مقعدا، وحزب الخضر-التحالف الحر الأوروبي على 16 مقعدا، والاشتراكيون والديمقراطيون على 14 مقعدا، وحزب تجديد أوروبا على 8 مقعدا، واليسار 4 مقاعد، إضافة إلى 19 نائبا لم ينضموا إلى مجموعات داخل البرلمان الأوروبي.

وفي انتخابات البرلمان الأوروبي في ألمانيا، احتل تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي المركز الأول بفضل 29 نائبا، في حين احتل حزب البديل من أجل ألمانيا المركز الثاني بـ17 نائبا.

وفي هولندا، فاز حزب تجديد أوروبا بـ 7 مقاعد، وحزب الهوية والديمقراطية اليميني المتطرف بـ 7 مقاعد، وحزب الشعب الأوروبي بـ 6 مقاعد، والخضر بـ4 مقاعد، و"الاشتراكيين والديمقراطيين" بـ4 مقاعد، واليسار بمقعد واحد، وآخر بمقعد واحد.

وفي النمسا، جاء حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف في المركز الأول بحصوله على 6 مقاعد..

أما في اليونان، فاز حزب الشعب الأوروبي بـ8 مقاعد، واليسار بـ4.

ومن إجمالي 6 مقاعد في إدارة جنوب قبرص الرومية، فاز حزب الشعب الأوروبي بمقعدين، واليسار بمقعد واحد.

إثر ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مساء الأحد، حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير عن معسكر الغالبية الرئاسية.

وقال ماكرون في كلمة متلفزة "سأوقع بعد قليل مرسوم إجراء الانتخابات التشريعية للدورة الأولى في 30 يونيو، والدورة الثانية في 7 يوليو".

وأضاف أن نتائج الانتخابات الأوروبية "ليست جيدة للأحزاب التي تدافع عن أوروبا".

يؤدي صعود اليمين المتطرف إلى التأثير على قضايا تواجه الاتحاد الأوروبي تختصرها بي بي سي في الآتي:

• قضايا البيئة:

يقلق الناخبون من تكلفة التحول الأخضر، وقد شهدت أوروبا احتجاجات للمزارعين بسبب قوانين الاتحاد.

وقفز اليمين ليروج أنه ممثل "للناس العاديين" ضد "النخب المنعزلة عن الواقع" في الاتحاد الأوروبي.

وكانت النتيجة إلغاء العديد من القواعد البيئية الرئيسية، بما في ذلك القواعد التنظيمية الأكثر صرامة بشأن استخدام المبيدات الحشرية.

• السيادة الوطنية:

تعد الأحزاب اليمينية باتحاد أوروبي تتزايد فيه سلطة الدولة القومية، والحد من "تدخل بروكسل" في الحياة اليومية.

• الهجرة واللجوء:

قد تلعب أحزاب اليمين المتطرف دورا في رفض "سياسات التضامن" التي ترتبط بحصول دول الاتحاد على حصة من طالبي اللجوء أو مساهمة للدول التي تستقبلهم.

وقد ظهر هذا في رفض المجر مع صعود القومية الشعبوية لهذا الأمر.

• توسع الاتحاد:

مع حرب روسيا وأوكرانيا، أصبح الاتحاد الأوروبي يبحث عن منطقة أكثر أمانا ببحث انضمام أوكرانيا وجورجيا ودول غرب البلقان مثل كوسوفو وصربيا للاتحاد.

واليمين القومي أقل حماسا لهذا الأمر خوفا من تكلفة ذلك، لا سيما مع احتياج الاتحاد الأوروبي حينها لميزانية أكبر تتحمل تكلفتها الدول الأغنى مع انضمام دول أكثر فقرا.

وقد يتراجع دعم دول أخرى عضو في الاتحاد بالأساس مثل رومانيا وبولندا، والتأثير على المزارعين في الدول الأعضاء حال دخول أوكرانيا التي تعد سلة غذاء الاتحاد الأوروبي.

تعصف الخلافات بين اليمينيين وبعضهم البعض داخل أوروبا، لا سيما بعد اتهامات بالتجسس لصالح الصين طالت بعض أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا.

على رأس هؤلاء، مرشح الحزب الرئيسي للبرلمان، ماكسيميليان كراه، ونائبه، بيتر بيسترون، عضو البرلمان، ليأمرهم الحزب بوقف حملتهم الانتخابية، بحسب بلومبرغ.

وقد حكمت المحكمة العليا في ألمانيا في مايو 2024 بالإبقاء على التعامل مع الحزب باعتباره حزبا قد يكون متطرفا، بحسب رويترز.

من هنا، كانت الخلافات مع حلفاء اليمين في أوروبا، فقد نأت زعيمة اليمين في فرنسا، ماري لوبان، بنفسها عن البديل، بعد تصريحات كراه أن منظمة SS شبه العسكرية النازية لم يكونوا جميعهم مجرمين.

وطرد تحالف الهوية والديمقراطية في البرلمان الأوروبي المعروف اختصارا بـID، ويضم حزب الجبهة الوطنية بزعامة لوبان، البديل الألماني.

ويشكك بعض الدبلوماسيين أيضا في إمكانية أن توحد رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، جهودها مع ماري لوبان، في مجموعة واحدة داخل البرلمان الأوروبي، بحسب الشبكة.

رغم ذلك، فإن التعاون بين ID ومجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين المعروف اختصارا بـECR، المنتميان لليمين المتطرف، وحزب الشعب الأوروبي EPP، المنتمي ليمين الوسط في بعض القضايا ممكنا.

يأتي على رأس هذه القضايا الهجرة واللاجئين، ففي البرلمان الأوروبي الجديد، قد تتعاون بعض الأحزاب المنتمية لحزب الشعب الأوروبي بصورة أكبر مع حزبي اليمين التطرف بشأن هذه القضية، بحسب صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة.

وقد يحصل ائتلافهم على الأغلبية اللازمة في البرلمان الأوروبي المقبل لتمرير تشريعات مرتبطة بذلك.

وتاليا فإن انفتاح الأحزاب الرئيسية على التعاون مع اليمين المتطرف سيؤدي تدريجيا إلى تطبيعه على مستوى الاتحاد الأوروبي.

مرارا، تحذر رئيسة المفوضية الأوربية من أن "أصدقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يحاولون إعادة كتابة تاريخ أوروبا سواء تحت ستار الشعبويين أو الديماغوجيين".

ورغم أنها كانت تقصد أحزاب اليمين المتطرف خاصة البديل من أجل ألمانيا، فإن هناك مَن يصنف مِن قادة دول الاتحاد الأوروبي على أنه مقرب من روسيا، وهم:

• رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان:

يرى أوربان بشكل شخصي أن إشراك موسكو في البنية الأمنية لأوروبا يساعد على استمرار القارة آمنة، وذلك في حديث سابق له مع تاكر كارلسون.

• رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو:

قبيل انتخابه تعهد فيكو بوقف شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، وهو ما نفذه في أكتوبر ٢٠٢٣، ووصف المفروضة على موسكو بأنها "لا معنى لها"، وقال إنه سينظر مرة أخرى في الترتيبات الأمنية التي تسمح للولايات المتحدة بتشغيل قواعد عسكرية في سلوفاكيا.

• رئيس بلغاريا، رومين رادييف:

رغم مسؤوليته المحدودة، لأن بلغاريا دولة برلمانية، فإن رادييف حاول عرقلة تقديم صوفيا المساعدة الفنية والذخيرة ذات المعايير السوفيتية لأوكرانيا في حربها ضد روسيا بحسب بوليتيكو.

ويحذر رئيس الوزراء البلغاري السابق، نيكولاي دينكوف، من محاولات موسكو المستميتة لاستعادة تأثيرها على البلاد.

استقال دينكوف في مارس 2024 وتشهد بلغاريا انتخابات في الـ9 من يونيو 2024 للمرة السادسة خلال 3 سنوات وسط عدم استقرار سياسي بحسب رويترز.

في الوقت نفسه، فقد وجد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، الناتو، الذي يضم معظم دول الاتحاد مضطرا لسحب خطته بإنشاء صندوق بقيمة 100 مليار دولار لمدة 5 سنوات لدعم أوكرانيا والإبقاء على النسب الحالية بحسب، بلومبرغ.