أميركا تخسر العالم العربي والصين تفوز به

تشير استطلاعات رأي البارومتر العربي التي أجريت في أواخر 2023 وأوائل 2024 في 5 دول عربية إلى أن مكانة الولايات المتحدة بين المواطنين العرب تدهورت بشكل كبير، لا سيما منذ هجوم حماس والعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.

في تونس، مثلا، أظهر المشاركون في الاستطلاع انخفاضًا في آرائهم الإيجابية تجاه الولايات المتحدة حيث انخفضت من 40% إلى 10% بعد أقل من 3 أسابيع من بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

في الأردن، كذلك، انخفضت نسبة الذين ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكل إيجابي من 51% في 2022 إلى 28% في شتاء 2023-2024.

وشهدت الآراء في موريتانيا ولبنان انخفاضا أقل يقدر بـ 20% لكل منهما، مقارنة مع 30% التي سجلها تونس والأردن.

في الوقت الذي انخفضت فيه آراء شعوب بعض الدول العربية تجاه الولايات المتحدة، أظهر استطلاع البارومتر العربي توجها معاكسا بالنسبة للمغرب.

في عام 2022، سجلت نسبة المغاربة الذين يحملون آراء إيجابية تجاه الولايات المتحدة 69٪ وارتفعت هذه النسبة لما بعد الحرب على غزة إلى 74٪.

وتتماشى نتائج الاستطلاع فيما يخص موقف المغرب تجاه أميركا مع نتائج دراسات أكاديمية في علم الاجتماع والعلوم السياسية يعود أقدمها إلى السبعينيات من القرن الماضي.

وقد تعود هذه الآراء الإيجابية، لا سيما في فترة تنظر فيها الدول العربية إلى الولايات المتحدة بإيجابية أقل، إلى العلاقات الوثيقة بين البلدين حيث يعتبر المغرب من أولى الدول التي اعترفت باستقلال الولايات المتحدة عام 1777 فضلا عن الدعم الأميركي للرباط في قضية الصحراء.

أدى تدهور آراء بعض الشعوب العربية تجاه الولايات المتحدة إلى إحداث فراغ في الساحة السياسية، جعلت منه الصين فرصة لتعزيز شعبيتها على الرغم من دعمها المحدود لغزة.

وباستفادة الصين من تراجع شعبية الولايات المتحدة الأميركية عند الشعوب العربية، تمكنت من تسجيل ارتفاع في التقييمات الإيجابية بنسبة 15 نقطة في كل من الأردن والمغرب اللذين يعتبران من حلفاء الولايات المتحدة.

في تقرير آخر نشرته معهد واشنطن للأبحاث في نوفمبر 2023، يشير استطلاع رأي إلى ارتفاع تأييد المواطنين في الدول العربية للصين بشكل ملحوظ.

وبلغت نسبة التأييد 46% في مصر، و34% في العراق، و27% في الأردن، ما يشير إلى أن النظرة الإيجابية تجاه الصين بدأت تتشكل في الأسابيع الأولى من حرب إسرائيل على غزة.

في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة في فك صراعات يشهدها الشرق الأوسط، تحقق الصين نجاحات استراتيجية متتالية، لا سيما الاقتصادية منها.

يفيد موقع ديفانس وان الأميركي بأن الصين ترى فرصًا اقتصادية كبيرة في الشرق الأوسط، خاصة مع دول الخليج. وسجلت صادرات دول الخليج من النفط الخام 210 ملايين طن عام 2022، وفقا للمؤسسة البحثية للمجلس الأطلسي.

مقابل مصادر الطاقة، تربط الصين والدول العربية علاقات تجارة ثنائية حيث سجل استيراد الدول العربية للمنتجات الصينية 431.4 مليار دولار أميركي عام 2022، وفقا لوكالة الأنباء الصينية شينخوا.

لتوطيد علاقتها مع الدول العربية، دعت الصين في إطار مجموعة البريكس مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لتصبح أعضاء اعتبارًا من 1 يناير 2024، بالإضافة إلى إثيوبيا وإيران.

وتنظر الصين إلى علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية كوسيلة لتوسيع نفوذها السياسي في المنطقة من خلال بيع الأسلحة الصينية والاشتراك في تدريبات عسكرية.

تعتبر تجارة الأسلحة جزءًا كبيرًا من جهود الصين في الشرق الأوسط، حيث زادت مبيعات الأسلحة الصينية إلى الشرق الأوسط بنسبة 80% في العقد الماضي، وفقا لموقع ديفنس وان.