حيل إسرائيلية "خبيثة" لتجويع غزة

في إطار استخدام إسرائيل للتجويع كسلاح حرب، بحسب منظمات حقوقية، تحاول السلطات الإسرائيلية قدر الإمكان منع وصول المساعدات للقطاع، وإذا لم تستطع منع إدخال الشاحنات تحت ضغوط دولية، فإنها تقوم بواحدة من 5 خطوات:

1- الجيش والشرطة يطلقون يد المستوطنين المتطرفين ليقوموا بمهاجمة الشاحنات في طريقها لغزة ويخبرونهم سرا بمواعيد وخطوط سير تلك المركبات.

2- إذا وصلت بعض الشاحنات لمعابر غزة الحدودية بنجاح وخضعت للفحص الأمني، فإن الجنود سيحاولون التذرع بأي حجج واهية لمنع دخول تلك الشاحنات، كاحتواء البضاعة على قصافات أظافر أو حقن إنسولين أو أدوات تعقيم مياه أو بلح وتمور وفاكهة وخضروات ذات بذور، كلها أمور ممنوعة أمنيا، بحسب ما أفاد مدراء منظمات إغاثية عالمية.

3- الشاحنات التي تمر بنجاح يتوجب عليها إفراغ حمولتها في المعابر لتستلم شاحنة من داخل غزة تلك الحمولة وتوزيعها. لكن إسرائيل تجعل من شبه المستحيل وصول شاحنات من داخل القطاع لاستلام حمولة المساعدات من المعابر أو توزيعها، سواء عبر قصف وتدمير واحتلال الشوارع والمناطق المؤدية للمعابر مثل مدينة رفح أو قصف واستهداف شاحنات وطواقم المساعدات أنفسهم.

4- إذا استطاعت بعض الشاحنات استلام حمولة المساعدات من المعابر بنجاح، فإن إسرائيل تطلق العنان لأعمال الفوضى والسرقة بشكل ممنهج عبر استهدافها طواقم الأمن التي تعمل على حماية قوافل المساعدات، ما يتيح للعصابات أن تنشط.

وبعد كل ذلك، تنشط حسابات إسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي على نشر مزاعم كاذبة بأن هناك حملة لألف شاحنة تنتظر على معابر غزة، ولكن الأمم المتحدة لا تقوم بالتقاط تلك الحمولة. ولا تذكر تلك المزاعم أن السبب في تراكم حمولة الشاحنات هو قصف وتهديد حياة القوافل الإغاثية في القطاع.

حيل إسرائيل لنشر المجاعة في غزة دفعت أحد كبار مؤيدي إسرائيل في قادة الأمم المتحدة، الأميركية سيندي ماكين مديرة برنامج الغذاء العالمي، للانفجار غضبا في وجهة الإسرائيليين وانتقادهم بشكل علني نادر في مقابلة، الخميس، مع صحيفة المونيتور.

ماكين قالت إن إعلان إسرائيل الأخير "لإيقاف تكتيكي" محدود لإطلاق النار في أحد شوارع رفح للسماح بنقل المساعدات هو مجرد ذر للرماد في العيون، ولم يتحسن الوضع وأن الجيش الإسرائيلي يعكف على قصف شاحنات الأمم المتحدة رغم التنسيق المسبق.

وأضافت ماكين "من المفترض أن تكون شاحناتنا محايدة محمية من الاشتباكات، لكن ذلك لم يمنع الإسرائيليين من إطلاق قذائف الدبابات على جدران شاحناتنا".

تفنيد ماكين مزاعم إسرائيل بتسهيل دخول المساعدات لغزة يحمل ثقل خاص لكونها زوجة السيناتور الراحل جون ماكين أحد أشرس مناصري إسرائيل تاريخيا وأكثرهم تشددا.

ومنذ بداية الحرب على غزة، وسيندي ماكين ملتزمة نبرة حيادية إلى حد كبير ومتحيزة أحياناً لصالح إسرائيل، وصلت لدرجة حضورها حفل هاليفاكس في شهر نوفمبر الذي قدمت فيه "جائزة إنسانية" لإسرائيل تحت مسمى "قيادة غير عادية في السعي لتحقيق العدالة الإنسانية".

ولكن رغم ذلك، طفح الكيل بماكين يوم الخميس حين وجهت انتقادها اللاذع لإسرائيل حول حرمان غزة من الطعام بشكل ممنهج.

كذلك، نائبة رئيس وزراء هولندا السابقة ومبعوثة الأمم المتحدة لإعادة إعمار غزة، سيجريد كاغ، التي تربطها مع الأميركيين والإسرائيليين علاقات متينة هددت بالاجتماع مع وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتز، الأربعاء، بأنه "إذا لم يتغير الوضع" من حيث انتشار الفوضى وانعدام القانون، فإن "الأمم المتحدة لن تتمكن من مواصلة العمل في غزة".

هذا يعني أن إسرائيل هي من سيكون في الواجهة وسيتوجب عليها شراء وتوزيع الطعام على سكان غزة بنفسها بصفتها القوة المحتلة.

الحيلة الخامسة لضمان استمرار المجاعة في قطاع غزة واستغلالها كسلاح حرب هي نهب أموال السكان وقطعهم عن أي سبل تمويل لشراء حاجياتهم الأساسية التي ارتفع سعرها عشرات الأضعاف بسبب الحرب المستمرة لما يقارب 9 أشهر.

مقاطع الفيديو منتشرة بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي لجنود إسرائيليين ينهبون محتويات البيوت في غزة من ملابس وذهب وأموال وأدوات ميكاج وأي مقتنيات ثمينة بالإضافة لتكسير وحرق محتويات منازل المواطنين.

وتكرر فعل الجيش ذلك أيضا في المصانع والمحال التجارية في القطاع بالإضافة لنشر السلطات الإسرائيلية نفسها صورا تظهر استيلاءها على مبالغ مالية تصل لعشرات ملايين الشواكل وتزعم إسرائيل بأن تلك الأموال تعود لحماس، لكن من دون تقديم أية أدلة.

وفي شهر فبراير الماضي، نشر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيجدور ليبرمان تغريدة قال فيها إن الجيش الإسرائيلي قصف مبنى بنك فلسطين الرئيسي في مدينة غزة وصادر منه مبلغ 400 مليون شيكل.

وادعى ليبرمان بأنه وصلته أخبار بأن الجيش بصدد نقل تلك الأموال للضفة الغربية، وقال إنه كتب رسالة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للاعتراض على تلك الخطوة والقول إنها تخدم حماس على حد زعمه.

الحكومة الإسرائيلية تجنبت ذكر أي أخبار أو تفاصيل عن تلك الحادثة، لكن صحيفة معاريف قالت إن المبلغ هو 200 مليون شيكل، ونقلت عن المتحدث باسم الجيش قوله إن الاستيلاء على هذا المبلغ "تم وفقا لتعليمات المستوى السياسي، وتخضع طريقة الاحتفاظ بالأموال والوجهة التي سيتم تحويلها إليها لتوجيهات المستوى السياسي".

أي بمعنى أن الأموال تحت تصرف نتنياهو. ولم يعرف مصير تلك الأموال في أكبر بنك غزة.

ولكن يوم الأربعاء، زعمت القناة 12 العبرية أنه تمت مؤخراً سرقة 120 مليون دولار من بنك فلسطين في عمليتين سطو مسلح من قبل مجهولين من داخل غزة، لكن من دون تقديم أي أدلة عن الموضوع، ومن دون وجود أي مصادر من غزة تردد هذا الادعاء.

القناة 12 زعمت أن بنك فلسطين كان قد صبّ خرسانة فوق خزنات الأموال لمنع النهب والسرقة، وأنه في شهر إبريل، وقع انفجار في فرع البنك خلال عملية سطو تكللت بفرار الجناة بمبلغ 31 مليون دولار.

وأضافت أنه في اليوم التالي، وقعت عملية سطو أخرى بمبلغ 36 مليون دولار، وأنه تمت سرقة 7 ملايين دولار من ماكينات صرافة ATM للبنوك في أنحاء غزة.