"الزوجات".. تهديد جديد لجنود الاحتياط في إسرائيل

بعد "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر، سارع الجيش الإسرائيلي لإصدار "الأمر 8" لاستدعاء وتعبئة نحو 350 ألف إسرائيلي لارتداء الزي العسكري والانضمام للحرب على غزة والتصعيد في الشمال مع حزب الله.

جنود وضباط الاحتياط واجهوا العديد من التحديات على مدار الحرب، مثل عدم توفير الجيش معدات حماية وأدوات قتالية، أو انقطاعهم عن وظائفهم وشركاتهم لفترات طويلة وصلت لـ140-200 يوم لبعضهم، أو إصابة الآلاف منهم بأمراض نفسية وإعاقات.

لكن التهديد المتنامي في ظل عدم بروز أي نهاية قريبة لحرب غزة واحتمال اندلاع حرب في الشمال هو غضب وخيبة أمل زوجات مقاتلي الاحتياط وانهيار علاقاتهم الزوجية.

معاريف تقول إنه في ظل أشهر الخدمة الطويلة المرهقة والقاسية، "اشتكى المزيد من الجنود من أزمات في حياتهم العائلية" وهو ما فاقم شعور الزوجات بالغضب من ناحية والاستقلال وعدم الحاجة للزوج من ناحية أخرى.

وقالت الصحيفة إنه "وردت في الآونة الأخيرة أنباء عن أزمات في العلاقات، وانفصال وفتح إجراءات طلاق بعد خدمة احتياطية طويلة".

ونقلت معاريف عن قائد كتيبة في قيادة الشمال قوله: "منذ السابع من أكتوبر ونحن نخدم في الاحتياط وكل شيء يقع على عاتق المرأة في البيت. العبء عليها كبير جدا وهذا التوتر يؤثر على العلاقة".

وقال مدير الرعاية الاجتماعية في إحدى أكبر البلديات وسط إسرائيل: "ما يحدث في منازل بعض عائلات جنود الاحتياط هو أنه من ناحية أخرى، ينشئ لدى النساء غضبا تجاه أزواجهن حينما يضطررن للقيام بالمهام اليومية لوحدهن، وإعداد الأطفال للدروس، والطبخ، والتنظيف، والذهاب للعمل وفي المنزل وغير ذلك الكثير".

وأضاف المدير "من ناحية أخرى، الزوجات بدأن في الشعور باستقلاليتهن بسبب الوضع. كل هذا يثير الغضب بسبب القلق والخوف".

إسرائيل تقدم لجنود الاحتياط قسيمة بقيمة 1500 شيكل للاستشارات الزوجية والعائلية، لكن قادة الوحدات يعترفون بأن عبء العمل والخدمة المطولة أحيانا يدمران مصير العلاقات.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن قائد كتيبة قوله: "لقد كنت في الاحتياط لمدة 3 أشهر منذ 7 أكتوبر. عدت إلى المنزل وأدركت أنني لن أعود إلى نفس المنزل، لقد تغيرت الأمور في المنزل ومعي، المنزل بالفعل يعمل بدونك. تجد نفسك في عالم خارج الحياة المنزلية".

هناك أيضا حقد وغضب من الزوجات تجاه الحكومة، بحسب القناة 12، لإنها تقوم برفع عدد أشهر خدمة الملتحقين بصفوف الاحتياط بدلا من إجبار اليهود الحريديم الألترا أرثودوكس على الالتحاق بالجيش وتشارك عبء القتال بالتساوي.

أزمة قوات الاحتياط في إسرائيل تتفاقم بشكل متزايد خلال الأسابيع الأخيرة مع رفض نتنياهو صفقة التبادل وإنهاء الحرب على غزة من جهة، ومع اشتعال التصعيد في الشمال مع حزب الله من جهة أخرى.

بالإضافة لمحاولة التحالف لتمرير قانون في الكنيست يسعى لتمديد شهور الخدمة لثلاثة أشهر إضافية ورفع سن تقاعد جنود الاحتياط لـ41 عاما والضباط لـ46 أي بمعدل عام إضافي لكل فئة.

معاريف تقول إن هناك انخفاضا بنسبة تزيد عن 30% في عدد جنود الاحتياط الذين يواصلون الحضور للخدمة، بينما تنقل القناة 12 الإسرائيلية عن قادة قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي أن نسبة التغيب عن الخدمة وصلت 40% في بعض الوحدات والكتائب وأن تلك النسبة في ارتفاع مستمر.

ونقلت القناة عن قائد كتيبة في الاحتياط قوله: "بعضهم أصيب بجروح، وزوجة أحدهم حامل في خطر، وآخر انهار منزله وهو في طور الطلاق".

ولسد العجز، لجأت كتائب الاحتياط لتجنيد متطوعين عبر مجموعات فيسبوك أو مجموعات مخصصة على واتسآب.

أحد أسرع الحيل للإفلات من خدمة الاحتياط هي ببساطة المشاركة في تظاهرة أو نشاط احتجاجي ضد حكومة نتنياهو والتعرض للاعتقال.

وتقول صحيفة هآرتس إن الجيش أوقف نشطاء الاحتجاجات عن الخدمة الاحتياطية الذين اعتقلتهم الشرطة في المظاهرات المناهضة للحكومة.

الظاهرة ما زالت حديثة ومن غير المعروف العدد الكلي للمتأثرين بها، بينما يقول الجيش إن ذلك الإيقاف مؤقت ويمكن استئنافه.

هآرتس تقول إنها وثقت ٤ حالات على الأقل تم فيها ايقاف متظاهرين عن العمل في صفوف الاحتياط خلال الأشهر الأخيرة بعد اعتقالهم للاشتباه بقيامهم بسلوك غير منظم وعرقلة ضباط الشرطة وإشعال الحريق في الشوارع.

ونقلت الصحيفة عن الجيش قوله إن إجراء الفصل من الخدمة هو إجراء روتيني، وأن الجيش لا ينظر لأي معلومات عن سبب الاعتقال وإنما مجرد وجود ملف مفتوح ضد جندي أو ضابط الاحتياط لدى جهاز الشرطة.

فالإيقاف عن الخدمة بسبب التظاهر ضد حكومة نتنياهو والمخاطرة بالاعتقال تعد "أكثر بطولية" في الشارع الإسرائيلي من الفرار للخارج أو التغيب عن الدوام.

بحسب صحيفة كالكاليست الإسرائيلية فإن هناك ظاهرة متنامية من تهرب جنود وضباط الاحتياط عن الخدمة عبر السفر خارج البلاد ومغادرة إسرائيل.

الصحيفة تقدر بأن المئات من أولئك الجنود والضباط يغادرون في كل شهر رغم كونهم تحت أمر الاستدعاء رقم 8 وهم في لوائح الجيش "جنود احتياط نشطين" أي منخرطين في صفوف القوات الإسرائيلي.

الجيش الإسرائيلي يحاول إنكار تلك الظاهرة والقول إنه لا توجد ظاهرة بهذا الشكل من الأساس وأن كل ما في الأمر أن بعض الجنود ينسقون مغادرتهم البلاد مع قادة وحداتهم على نطاق ضيق، ولا تسقط عنهم صفة "خدمة احتياط نشطة" إلا بعد مغادرة البلاد.

لكن كالكاليست تقول إنها على دراية بالعديد من الحالات التي لم يكن لقائدة الوحدة أي معلومة عن عزم بعض جنوده وضباطه مغادرة البلاد إلا بعد سفرهم للخارج.

وزادت على ذلك صحيفة زمن إسرائيل التي قالت إن أكثر من 550 ألف إسرائيلي تركوا البلاد وغادروا تل أبيب من دون عودة في الأشهر الستة الأولى للحرب.

في خطوة غير متوقعة ليلة الأربعاء، تمرد عضو الليكود البارز، يولي إدلشتين، على نتنياهو وأفسد خطط التحالف الحاكم لتمديد مدة خدمة قوات الاحتياط لتعويض النزيف الحاد في الجيش.

إدلشتين الذي يحتل حاليا منصب رئيس لجنة الخارجية والدفاع في الكنيست أزال من جدول الأعمال قانون رفع سن الإعفاء من الخدمة الاحتياطية رغم تصويت حكومة نتنياهو عليه بالقبول.

وقالت صحيفة معاريف إن عدم الموافقة على القانون، الأربعاء، يعني انتهاء صلاحيته بحلول الأحد، وسيتعين بذلك على الجيش الإسرائيلي تسريح جنود الاحتياط الذين تجاوزوا سن 40 عاما من الخدمة والضباط أكبر من 45 عاما.

حزب يش عتيد المعارض قال إنه يرفض قانون تمديد مدة خدمة الاحتياط في حين أن الحريديم يرفضون الخدمة بشكل مطلق.

وبحسب الصحفية آنا براسكي فإن وقوف الليكودي المخضرم إدلشتين في وجه نتنياهو لا يمثل "خيانة للتحالف" الحاكم بقدر ما يمثل كفاح شخصي من إدلشتين للمحافظة على إرثه السياسي.

وتضيف براسكي في صحيفة معاريف أن هذه ليست المرة الأولى التي يتمرد فيها إدلشتين على القيادة، وأنه قبل عامين عندما أطيح بنتنياهو من رئاسة الوزراء، نافسه إدلشتين على عرش رئاسة حزب الليكود وفشل ودفع ثمنا باهظا لتلك الخطوة، حيث وضع اسمه في ذيل القائمة الانتخابية وأوشك ألا يكون نائبا في الكنيست.

براسكي تلفت إلى أن إدلشتين "يتمتع بالأقدمية والخبرة السياسية وهو شخص ذكي وفاعل محسوب لم يتصرف بذلك انطلاقا من قرار الانتحار السياسي".

بل حساباته هي أنه يرى نفسه مرشحا جديرا لقيادة الليكود، وهو ما دفعه لاتخاذ ذلك "الرهان السياسي الكبير"، لأن هناك أصواتا أخرى في الليكود تؤيد تجنيد الحريديم بدلا من تمديد سنوات خدمة الجنود.

وتقول هآرتس إن هناك تخوفا في حزب الليكود والتحالف الحاكم من أن يقوم إدلشتين بمعارضة قانون تسوية أوضاع الحريديم الذي يعمل نتنياهو على صياغته حالياً كحل وسط بين مطالب الجيش بتجنيدهم ومعارضة أحزاب الألترا أرثوذوكس للتجنيد.