سياسة
.
مرت 10 أعوام على إعلان تنظيم داعش "الخلافة" في مناطق مختلفة من العراق وسوريا، قبل أن يفقد سيطرته تدريجيا ويخسر أراضيه ويفقد قادته البارزين.
انتهى اسم "داعش" تقريبا من وكالات الأنباء وتصريحات زعماء الدول والدبلوماسيين عالميا، لكن التنظيم يظهر بين الحين والآخر لتبني بعض عمليات الهجوم الدامية، وآخرها في روسيا وإيران.
ورغم هزيمة داعش وفقدانه الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا، ما زال يتمتع بخلايا نائمة تنفذ هجمات ضد القوات الحكومية في البلدين.
تنظيم داعش اشتهر بوحشيته الشديدة، وجرائمه التي سُجل أغلبها بالفيديو، ليشاهد العالم أفلاما وثائقية عن أبشع حالات القتل.
فماذا نعرف عن هذا التنظيم؟ وهل لا يزال بمقدوره تهديد العالم؟
استولى التنظيم على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن بلاد الرافدين، مع انهيار الجيش العراقي، في مطلع يونيو عام 2014، وفي وقت لاحق من الشهر نفسه، فتح الحدود بين المناطق التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق.
وفي 29 يونيو 2014 ظهر أبوبكر البغدادي زعيم التنظيم آنذاك، لإلقاء خطبة من منبر جامع النوري الكبير بالموصل، أعلن فيها "قيام الخلافة"، وحث المسلمين في أنحاء العالم على "مبايعة الخليفة وطاعته"، حسب وصفه.
مايلز بي كاغينز، الضابط المتقاعد بالجيش الأميركي، والزميل غير المقيم في معهد نيو لاينز، والمتحدث الرسمي السابق باسم التحالف الدولي لهزيمة داعش، يقول إن خطبة البغدادي، التي تظهر امتدادا للعقيدة المتطرفة للزرقاوي، لا تزال تلهم عناصر داعش على مستوى العالم، في إشارة إلى أبومصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق، الذي قُتل في غارة أميركية عام 2006.
ومن مقر ما سمي بـ"الخلافة" خططت الجماعة لشن هجمات دامية في أنحاء العالم، ونفذت عمليات قتل وحشية، تضمنت قطع رؤوس صحافيين غربيين، وإضرام النار في جسد طيار أردني في أثناء حبسه داخل قفص بعد أيام من إسقاط طائرته المقاتلة، وإغراق معارضين في حمامات سباحة بعد حبسهم في أقفاص معدنية عملاقة.
تشكّل تحالف يضم أكثر من 80 دولة بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم والقضاء عليه نهائيا، ولا يزال ينفذ غارات ضد مخابئ عناصره في كل من سوريا والعراق.
انتهت الحرب ضد داعش رسميا في مارس 2019، عندما استولى مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بقيادة الأكراد المدعومين من واشنطن على بلدة الباغوز شرقي سوريا، التي كانت آخر أرض يسيطر عليها المتطرفون.
وقبل خسارة الباغوز، هُزِم تنظيم داعش في العراق في يوليو 2017، عندما فرضت القوات العراقية سيطرتها على مدينة الموصل شمالي البلاد، وبعد 3 أشهر، تعرّض داعش لضربة قوية عندما استولت قسد على مدينة الرقة شمالي سوريا، التي كانت العاصمة الفعلية للتنظيم حينها.
وتقول الأمم المتحدة إن التنظيم لا يزال يضم بين 5 آلاف و7 آلاف مقاتل في سوريا والعراق.
رماد دافئ خلّفته النيران التي حرقت أرض داعش، ومن الممكن أن يتحول إلى نار مرة أخرى، وينذر بعودة التنظيم الإرهابي.
ويؤكد مسؤولون حكوميون في العراق وعسكريون، أن التنظيم بات أضعف من أن يعود، إذ صرح اللواء في الجيش العراقي تحسين الخفاجي لـ"أسوشيتد برس"، من مقر قيادة العمليات الخاصة المشتركة في بغداد: "لا يمكن لداعش أن يعلن الخلافة مرة أخرى، إنهم لا يملكون قدرات القيادة أو السيطرة للقيام بذلك".
ويشرف التحالف الدولي للقضاء على داعش على العمليات ضد المتطرفين، ولا تزال قيادته، التي شُكّلت لشن عمليات ضد التنظيم بعد أسابيع من إعلان الخلافة، نشطة.
وأشار الخفاجي إلى أن داعش يتشكل حاليا من خلايا نائمة في كهوف وصحارى مناطق نائية، وتلاحقهم قوات الأمن العراقية.
وأضاف أنه خلال الأشهر الـ5 الأولى من العام الجاري، نفذت القوات العراقية 35 غارة جوية ضد داعش وقتلت 51 من عناصره.
وصرّح المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، صباح النعمان، بأن التنظيم بعدما فقد سيطرته على العراق تركز في الغالب بأفريقيا، خاصة في منطقة الساحل، لامتلاك موطئ قدم هناك.
وأضاف: "لا يمكن لهم أن يسيطروا على قرية، ناهيك عن مدينة عراقية"، وأن التحالف الذي تقوده واشنطن يواصل عمليات الاستطلاع والمراقبة لتزويد القوات العراقية بمعلومات استخباراتية، وأن قوات الأمن تتعامل مع هذه المعلومات بصورة مباشرة.
ورغم أن داعش يبدو تحت السيطرة في العراق، فإنه قتل في سوريا عشرات من جنود الجيش السوري، ومقاتلي "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية) في الأشهر الماضية.
وقال المتحدث باسم "قسد"، سيامند علي، إن خلايا داعش مستمرة في عملياتها الإرهابية، مؤكدا "هم موجودون على الأرض، ويعملون بمستويات أعلى من السنوات السابقة".
صرّح الجنرال بالجيش الأميركي، جيه بي فاول، القائد العام لقوة المهام المشتركة، لـ"أسوشيتد برس"، بأن تنظيم داعش ما زال يمثل تهديدا للأمن الدولي.
وأضاف المسؤول الأميركي: "نؤكد استمرار عزمنا على مكافحة وتدمير أي بقايا للجماعات التي تتبنى أيديولوجية داعش".
يمثل التنظيم، الذي حكم في ذروة سيطرته منطقة تعادل نصف مساحة بريطانيا، كابوسا للمجتمع العالمي، يمكن أن يظهر للنور مرة أخرى في أي وقت، لذلك يتكاتف الجميع من أجل محاربته.
وخلال السنوات الماضية، بدأت فروع التنظيم تنشط في أنحاء العالم، خاصة في أفريقيا وأفغانستان، ولكن يُعتقد أن مركز قيادته في سوريا.
وفي الآونة الأخيرة أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن عدد من العمليات الإرهابية حول العالم.
ومنذ مارس 2023، وحتى قبل هجوم موسكو، أعلن "داعش" مسؤوليته عن 1121 هجوما حول العالم، وفق إحصاء معهد واشنطن.
وصدر معظم هذه الإعلانات عن "تنظيم داعش- ولاية غرب أفريقيا" (المتمركز بشكل أساسي في نيجيريا وجنوب شرق النيجر)، تليه ولايات "داعش" في سوريا والعراق وأفريقيا الوسطى (مقرها في جمهورية الكونغو الديمقراطية) وموزمبيق.
ووفقا للبيانات الصادرة، أدت هذه الهجمات إلى مقتل أو إصابة نحو 4 آلاف و770 شخصا، ومن أبرزها حول العالم:
في شمال شرق سوريا، يحرس مقاتلو قسد نحو 10 آلاف معتقل من مقاتلي داعش في نحو 20 مركز احتجاز، منهم 2000 أجنبي رفضت بلدانهم الأصلية إعادتهم إلى أوطانهم.
وتشرف قوات قسد كذلك على نحو 33 ألف فرد من عائلات مقاتلي داعش، معظمهم من النساء والأطفال، في مخيم الهول الخاضع لحراسة مشددة، الذي يُنظر إليه على أنه مركز لتخريج متطرفي المستقبل.
وقع أسوأ هجوم للتنظيم منذ هزيمته، في يناير 2022، عندما هاجمت عناصره سجن غويران الخاضع لإدارة الأكراد في شمال شرق سوريا، ويضم الآلاف من مقاتلي داعش.
وأدى الهجوم إلى قتال استمر 10 أيام بين مقاتلي قسد ومسلحي داعش، خلف نحو 500 قتيل من الجانبين، قبل أن تسيطر قسد على الوضع.
وقال كاغينز، إن المشورة والمساعدة العسكرية التي يقدمها التحالف الأميركي لقوات الأمن العراقية والمقاتلين الأكراد العراقيين ومقاتلي قسد "ضرورية للحفاظ على السيطرة على فلول داعش، وكذلك تأمين حراسة أكثر من 10 آلاف من معتقلي داعش في سجون في سوريا".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة