الهروب من إسرائيل.. أين ذهب النصف مليون؟

بدأ الفرار من إسرائيل بداية من اليوم التالي لحرب 7 أكتوبر، ونشرت صحيفة "ديلي ميل" الإنكليزية، تقريرا حول التكدس في المطارات الإسرائيلية من أجل مغادرة البلاد بعد أقل من 48 ساعة من بداية الحرب.

وكان مطار بن غوريون هو البوابة الرئيسية للإسرائيليين من أجل التوجه إلى أوروبا وأميركا ومغادرة البلاد، بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب على حماس.

وبذلت الكثير من الدول حول العالم جهودا لإجلاء مواطنيها من إسرائيل بعد الحرب، ونجت إسبانيا في نقل 170 مواطنا إلى مطار بارخاس في مدريد بعد يوم من هجمات السابع من أكتوبر بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية، وهو ما حدث أيضا في بلغاريا التي أجلت عشرات المواطنين إلى مطار صوفيا الدولي من قِبل الحكومة، وكذلك الأمر في دول أوروبية وآسيوية وغربية أخرى.

ونشر موقع "زمن إسرائيل" تقريرا أكد خلاله رحيل أكثر من نصف مليون إسرائيلي خارج البلاد منذ بداية الحرب، ولم يعودوا حتى الآن، ليتحول خروجهم إلى هجرة دائمة.

وتشير الإحصاءات إلى أن ملايين الإسرائيليين يحملون جنسيات دول أوروبية وغربية أخرى بخلاف جنسيتهم الإسرائيلية، ما يجعل رحيلهم واستقرارهم بالخارج خيارا سهلا، بدلا من الاستمرار في بلد تخوض حربا وتتعرض لتهديدات عسكرية مستمرة.

كما تقلصت رحلات هجرة اليهود إلى إسرائيل بعد الحرب بنسبة 70% وفقا لتقرير صدر عن هيئة السكان والهجرة الإسرائيلية في ديسمبر الماضي.

وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالين بينيت، عبر حسابه على موقع "إكس"، رسالة حث خلالها الإسرائيليين على عدم مغادرة البلاد، مشيرا إلى أن هذا الأمر يشعره بالحزن الشديد.

وكتب بينيت: "صحيح أننا نمر بأصعب فترة منذ حرب الاستقلال، لكننا سوف نخرج من هذه الحفرة، وهذا أمر مؤكد، لكن ما يقلقني هو الحديث المستمر عن مغادرة البلاد، لا يجب أن يحدث ذلك، فنحن بحاجة إلى كل موهبة في إسرائيل للبقاء".

قبل الحرب بستة أشهر، نشرت هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان" استطلاعا حول رؤية الإسرائيليين لمستقبل دولتهم، مع اقتراب الذكرى السنوية 75 لتأسيسها، لتأتي النتائج سلبية.

اختار 51% من الإسرائيليين "متشائمون" حول مستقبل إسرائيل، بينما اختار 43% "متفائلون"، و6% قالوا إنهم غير متأكدين ولا يعرفون، وفقا للاستطلاع الذي أعلنت نتائجة القناة 12.

وبعد الحرب زاد القلق حول مستقبل الحياة في إسرائيل، الأمر الذي جعل المتشائمون يرحلون عن البلاد، وتفضيل الاستقرار في بلادهم الأخرى التي يحملون جنسياتها في أماكن متفرقة بالعالم.

وكشفت بيانات مكتب الإحصاء المركزي في إسرائيل، أن واحدة من كل 3 شركات أغلقت أبوابها، أو اضطرت لتخفيض 80% من طاقتها بعد الحرب.

وتعاني إسرائيل اقتصاديا بسبب الحرب على كل الأصعدة، وواجهت نصف الشركات خسائر في الإيرادات تخطت 50%، خاصة في المناطق الجنوبية القريبة من غزة.

وأعلنت وزارة العمل الإسرائيلية أن 764 ألف إسرائيليا فقدوا وظائفهم بسبب عمليات الإخلاء في المناطق القريبة من النزاعات المسلحة، بالإضافة إلى إغلاق الكثير من المدارس.

ويعد الاستدعاء للخدمة الاحتياطية والإجبار على ترك العمل والتجارة، ضمن أبرز أسباب مغادرة الإسرائيليين، إذ زادت طلبات الجيش الإسرائيلي في حشد قوات الاحتياط من بين المواطنيين.

ووجه بينيت رسالة طمأنة حول مستقبل إسرائيل ليقنع الشعب الإسرائيلي بالبقاء، قائلا إن الخمسين سنة المقبلة، ستشهد إعادة إطلاق دولة إسرائيل، التي تشهد النمو والأمن والإبداع، على حد تعبيره.

"الحل ليس في قبرص أو البرتغال أو أميركا أو أستراليا" هذه هي الدول التي حددها نفتالين بينيت في رسالته على "إكس" للإسرائيليين، ليخبرهم أن البقاء في إسرائيل أفضل خيار لهم.

لكن هناك أعدادا ضخمة استهدفت الرحيل إلى كندا التي فتحت ذراعيها للإسرائيليين بتأشيرات تمتد لثلاث سنوات بعد اندلاع حرب السابع من أكتوبر.

وكشف إعلام إسرائيلي عن آلاف طلبات الهجرة التي قُدمت للرحيل إلى كندا من إسرائيليين عن طريق الإنترنت، مع التأكيد على أن الآلاف بالفعل نجحوا في الذهاب إلى أميركا الشمالية.

وتسمح كندا بتأشيرة عمل دون قيود للإسرائيليين، مما قد يساعدهم لاحقا في الحصول على تصريح إقامة دائمة، ثم التقدم للحصول على الجنسية الكندية، وهو العرض المغري الذي لم يرفضه الآلاف في إسرائيل.

ونشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" في سبتمبر 2023، أن نحو 20 ألف إسرائيلي تقدموا للحصول على الجنسية البرتغالية في عام 2022، و21.263 في عام 2021، ضمن الخطة "ب" لمغادرة البلاد وإيجاد ملجأ بديلا في حال حدوث أي توتر أو نزاع عسكري.

ويعد بحث الإسرائيليين عن جنسيات أخرى، أمرا متعارف عليه في إسرائيل، إذ نشرت صحيفة "هآرتس"، تقريرا أكدت خلاله أن الآلاف من الإسرائيليين يستهدفون الحصول على جواز سفر أجنبي، وتحديدا في ألمانيا واليونان وكندا، بحثا وجهات يمكنهم إعادة التوطين بها في المستقبل.