كيف أنقذت الحصانة ترمب من "قضايا الانتخابات"؟

لدى إصدار الحكم الأخير، انقسمت المحكمة على أساس أيديولوجي لـ6 قضاة مقابل 3، حيث أيدت الأغلبية تمتع ترمب بحصانة "مطلقة" عن الأفعال الرسمية التي قام بها أثناء وجوده في السلطة، بينما لا يتمتع الرئيس السابق بحسب المحكمة بالحصانة ذاتها عن الأفعال غير الرسمية.

ومن ثم أُعيدت القضية إلى المحكمة الجزئية، لتحدد القاضية تانيا تشوتكان، أيا من الأفعال في لائحة اتهام ترمب بالقضية "رسمية" وأيها "غير رسمي"، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأميركية، مما يفتح الباب أمام مجادلات إضافية تُزيد من زمن التحضيرات قبل المُحاكمة الفعلية، بالإضافة إلى باب أوسع للاستئناف.

لكن التأجيل ليس الأزمة الوحيدة، إذ يضرب الحكم الجديد قلب لائحة الاتهام ضد ترمب، فعلى سبيل المثال، قد يحصن الحكم مناقشات ترمب مع مسؤولي وزارة العدل، ومن بينهم جيفري كلارك، المتهم إلى جانبه بمحاولة إلغاء نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا.

وبُنيت لائحة الاتهام الفيدرالية على مثل تلك المناقشات بين ترمب ومسؤولين أميركيين.

قد يُطبق المبدأ ذاته على الضغوط التي مارسها ترمب على نائب الرئيس آنذاك، مايك بنس، فيما يخص محاولة إلغاء نتائج الانتخابات في يناير من العام 2021.

تعود تلك القضية بالتحديد إلى الأول من أغسطس في العام 2023 عندما وجهت هيئة محلفين كُبرى لترمب 4 اتهامات جنائية متعلقة بمحاولته البقاء في السلطة بعد خسارته الانتخابات في العام 2020.

وشملت الاتهامات "التآمر للاحتيال على الولايات المتحدة" و"التآمر لعرقلة إجراء رسمي" و"التآمر ضد الحقوق"، بحسب تقرير لمجلة ذي أتلانتيك.

وكان من المفترض أن تُنظر القضية في مارس الماضي، إلا أنه قد تم تجميدها منذ ديسمبر 2023، بعد أن دفع ترمب بتمتعه بحصانة شاملة من الملاحقة الجنائية بسبب قراراته الرئاسية.

وفي العادة، لا يتمكن المتهمون الجنائيون من الاستئناف على أحكام المحكمة قبل نظر القضية، ولكن يتم الاستئناف بعد إدانتهم، ولكن في حالة ترمب، تمكن الرئيس السابق من تقديم استئناف فوري لأن حجته تتعلق بما إذا كان عليه أن يخضع للمحاكمة من الأساس أم لا، بحسب وكالة رويترز.

الآن، جزء كبير من القضية المشكلة ضد ترمب قد سقط.

ففي حين دفع الادعاء في لائحة الاتهامات بضغوط ترمب على مسؤولي وزارة العدل للتحقيق في مزاعم لا أساس لها بشأن تزوير الانتخابات، أو تهديده باستبدال القائم بأعمال المدعي العام بمسؤول آخر على استعداد أن ينفذ تعليماته، لم تعد تلك التصرفات غير قانونية وباتت تتمتع بالحصانة.

والآن يتعين على القاضية، تانيا تشوتكان، أن تحدد ما إذا كانت جوانب القضية الأخرى التي أعدها المدعي الخاص، جاك سميث، مناسبة للمضي قدما، وذلك بناء على تعليمات من المحكمة العليا، بحسب تقرير أعدته صحيفة بوليتيكو.

ولكن ما يزال بإمكان سميث التدخل لمحاولة إنقاذ قضيته الآن، وذلك عن طريق تخفيف لائحة الاتهام بنفسه قبل تدخل القاضية تشوتكان، وإرسال نسخة جديدة إلى هيئة محلفين كُبرى خلال الأسابيع المقبلة، بعد أن يستبعد منها البنود "الإشكالية" من وجهة نظر المحكمة العليا.

بالنسبة للرئيس الأميركي السابق، يعتبر الحكم "انتصارا للديمقراطية والدستور" كما وصفه على منصته تروث سوشيال، حيث قال إن القرار الذي أصدرته المحكمة العليا، يجب "أن يضع حدا لحملات الاضطهاد" التي يقول إنها تُشن ضده، وفقا لوكالة فرانس برس.

لكن على الجهة الأخرى، لا يُنظر للحكم بالتقدير ذاته، إذ يقول المحلل السياسي، تشارلي سافاج، في مقال نشره على صحيفة نيويورك تايمز، إن قرار المحكمة العليا الذي يمنح الرؤساء مثل تلك الحصانة، يمثل توسعا "غير عادي" للسلطة التنفيذية، وسوف يتردد صداه لفترة طويلة تتجاوز حتى وجود دونالد ترمب نفسه.

يعتقد سافاج كذلك أن الحكم من شأنه أن يجعل ترمب يشعر أنه أقل تقييدا بالقانون في حال عاد للسلطة في انتخابات نوفمبر المقبل، كما أن الحكم يعزز بشكل عام من تزايد السلطة الرئاسية في الولايات المتحدة.

وقالت القاضية بالمحكمة العليا الأميركية، سونيا سوتومايور، متحدثة بلسان الأقلية في المحكمة، إن الحكم يغير العلاقة بين الرئيس ومن يخدم من مواطنين بشكل لا رجعة فيه، وأضافت: "في كل استخدام للسلطة الرسمية، أصبح الرئيس الآن ملكا فوق القانون".