تصريح سبق الرد.. هل يفسد نتنياهو صفقة الهدنة مجدداً؟

بحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن رد حماس الأخير يقلص الفجوة بين الطرفين بشكل كبير للغاية، إذ تشير إلى أن الحركة تنازلت عن شرط الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، أو من محور فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى.

لكن حماس تمسكت بانسحاب إسرائيل من معبر رفح الذي تم إحراقه بالكامل ما عدا قاعة كبار الزوار، وتقبلت أن يكون ذلك بالتوافق بين تل أبيب والقاهرة فيما يتعلق بالمسؤول عمن سيدير المعبر.

حماس أيضاً تخلت عن شرط توفير ضمانات مبكرة من المرحلة الأولى بإنهاء الحرب بشكل كامل وإقرار هدنة دائمة في المرحلة الثانية، وعدم عودة إسرائيل إلى القتال مجدداً، لكنها تمسكت بالسماح بعودة النازحين إلى الشمال مرة أخرى.

مسودة مقترح بايدن للتهدئة وتبادل الأسرى تنص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من التجمعات السكانية والمدن والقرى في قطاع غزة في المرحلة الأولى، ما يعني أن وجوده سيقتصر على محور فيلادلفيا وممر نتساريم والمنطقة العازلة الموسعة في الشرق.

ويرجئ مقترح بايدن الانسحاب والهدنة الدائمة للمرحلة الثانية التي سيجري فيها الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الجنود والرجال، على أن يبدأ التفاوض على المرحلة الثانية بعد اليوم 16 من بداية المرحلة الأولى.

صحيفة معاريف قالت إن مسودة الاتفاق الجديد تزيل الغموض حول بند استمرار الهدوء، طالما استمرت المفاوضات بين الطرفين، حتى وإن لم يتم التوصل لاتفاق.

مقترح بايدن الأصلي كان ينص على ذلك، لكنه يتيح لإسرائيل ثغرة أن تستأنف الحرب على غزة إذا كانت لديها قناعة بأن حماس غير جادة في المفاوضات وتسعى لاستغلالها للمماطلة وكسب الوقت واستدامة الهدوء.

الأسبوع الماضي، قالت القناة 12 إن الإدارة الأميركية تعمل على استبدال كلمة واحدة في صياغة البند الثامن من الصفقة لمعالجة هذه الثغرة.

وتنص المادة على أنه "في موعد أقصاه اليوم 16 من الهدنة المؤقتة، تبدأ المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين لتلخيص شروط تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، بما في ذلك كل ما يتعلق بنسب إطلاق سراح الأسرى والسجناء"، أي كم أسيرا فلسطينيا ستطلب حماس الإفراج عنهم مقابل كل جندي أو رجل إسرائيلي محتجز.

حماس أبدت تحفظها على كلمة "بما في ذلك" في البند الثامن، إذ إنها تريد فقط مناقشة نسب التبادل في الجزء الثاني من الصفقة، وترى أن تلك العبارة تفتح الباب لإسرائيل لتقديم مطالب إضافية تعجيزية كشروط لإنهاء الحرب والتذرع بتلك المطالب لاستئناف قصف غزة.

على سبيل المثال، يستطيع نتنياهو وضع بعض الشروط الأخرى على طاولة المفاوضات لتنفيذ المرحلة الثانية مثل نزع السلاح من قطاع غزة بشكل كامل، أو نفي قيادات حماس للخارج أو تقديم نشطاء من الفصائل المسلحة للمحاكمة أو حتى استسلام حماس.

وإذا ما رفضت حماس ذلك وقالت إن تلك الأمور غير قابلة للتفاوض، فإن بإمكان نتنياهو القول إن المفاوضات وصلت لطريق مسدود، وإن عليه استئناف الحرب لتحقيق أهدافه في تدمير حماس.

لذلك قالت القناة 12 إن أميركا تضغط بشكل كبير لتغيير صياغة المادة 8 من مقترح الاتفاق، واستبدال عبارة "بما في ذلك" بكلمة "فقط" لطمأنة حماس. أي أن المفاوضات ستركز فقط على نسب تبادل الأسرى لا القضايا السياسية الأخرى.

وقالت القناة إن تلك الكلمة "ذات معنى عظيم"، وإن أميركا تستخدمها في محاولة لإغراء حماس بالعودة إلى طاولة المفاوضات، في حين لا يوجد في إسرائيل تفاؤل حول التغيير الذي تطلبه واشنطن.

القناة 12 قالت إن الإعلان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء نتنياهو فاجأ الأطراف المشاركة في المفاوضات، عندما سارع لرفض رد حماس قبل الكشف رسمياً عن تسلم ذلك الرد.

بيان مكتب نتنياهو جاء فيه أن "حماس مستمرة في إصرارها على بند مبدئي في الوثيقة يمنعنا من العودة للقتال بعد المرحلة الأولى من الوثيقة، وهو أمر غير مقبول لدى إسرائيل".

القناة أشارت إلى أن المسؤولين المشاركين في المفاوضات أبدوا حيرتهم من قرار نتنياهو تسليط الضوء على الفجوات، إذ إنهم يرون أن مضمون رد حماس ليس مثالياً، لكنه يسمح بالعودة إلى المفاوضات والسير قدماً، وأن هناك ما يمكن البناء عليه.

ولذلك، ليس من الواضح سبب أهمية عرض النزاع بدلاً من محاولة التركيز على ما يمكن إحراز تقدم فيه والبناء عليه.

تصرف نتنياهو أصاب المنظومة الأمنية الإسرائيلية بالإحباط من نيته إفساد الصفقة مرةً أخرى، إذ تقول صحيفة يديعوت أحرونوت إن هناك غضبا جامحا في مختلف وحدات ومنظمات وزارة الدفاع من نية رئيس الوزراء إفشال المحادثات.

وقال مصدر أمني "من الممكن البدء بالمفاوضات، ولكن هناك وضع سيتم فيه التضحية بالأسرى، لأن نتنياهو يريد أن يماطل ويكسب الوقت".

وأضافت يديعوت، أن نتنياهو حاول تسريب رفضه رد حماس وطالب بنسب ذلك الرفض إلى جهة أمنية وكأنه صادر عن جهاز أمني وجزء من المنظومة الدفاعية.

لكن جميع المنظمات الأمنية المشاركة في المفاوضات نفت للإعلام أن يكون هذا التصريح صادراً عنها، وهو ما اضطر الوكالات الإخبارية الإسرائيلية إلى نسب الخبر لمصدر أمني في مكتب رئيس الوزراء على الرغم من عدم وجود أي جهات أمنية في رئاسة الوزراء.