جولة الحسم في فرنسا.. كابوس ماكرون اقترب

يجري التنافس في الانتخابات على 577 دائرة، ولكل دائرة مقعد في الجمعية الوطنية، وهي الغرفة الأدنى في البرلمان.

وانتُخب 76 مشرعا في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت يوم الأحد الماضي، منهم 39 يمثلون حزب التجمع الوطني وحلفاءه، وهو ما يعني أن هناك 501 مقعدا متاحا للتنافس في الجولة الثانية.

وتجري عملية فرز الأصوات في الغالب بسرعة. ولكن إذا كانت النتيجة متقاربة، كأن يكون حزب التجمع الوطني على بعد بضعة مقاعد من ضمان الأغلبية المطلقة، فقد يتأخر الإعلان عن النتيجة النهائية حتى الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين.

حقق حزب التجمع الوطني، بزعامة مارين لوبان، مكاسب تاريخية ليفوز في الجولة الأولى من الانتخابات يوم الأحد الماضي، مما أثار شبح تشكيل أول حكومة أقصى اليمين في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

ولكن بعد أن وحدت أحزاب الوسط واليسار قواها خلال الأسبوع الماضي في محاولة لتشكيل حاجز مناهض لحزب التجمع الوطني، تبدو آمال لوبان في فوز حزب التجمع الوطني بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية المكونة من 577 مقعدا أقل تأكيدا.

تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب التجمع الوطني سيصبح القوة التشريعية المهيمنة، لكنه سيفشل في الوصول إلى الأغلبية البالغة 289 مقعدا التي تعتقد لوبان وتلميذها جوردان بارديلا البالغ من العمر 28 عاما أنها ستسمح لهما بالمطالبة بمنصب رئيس الوزراء وجر فرنسا بشكل حاد نحو اليمين.

ومن شأن مثل هذه النتيجة أن تنذر بجمود سياسي حتى تنتهي رئاسة ماكرون في عام 2027، عندما من المتوقع أن تطلق لوبان محاولتها الرابعة لرئاسة فرنسا.

فاجأ ماكرون البلاد وأغضب العديد من حلفائه السياسيين ومؤيديه عندما دعا إلى انتخابات مبكرة بعد الهزيمة التي تكبدها حزبه أمام حزب التجمع الوطني في انتخابات البرلمان الأوروبي في الشهر الماضي، على أمل أن يفوز على منافسيه في الانتخابات التشريعية.

بارديلا بدوره أكد إن حزب التجمع الوطني سيرفض تشكيل حكومة إذا لم يفز بالأغلبية، على الرغم من أن لوبان قالت إنها قد تحاول إذا فشلت في ذلك.

ورفض رئيس الوزراء جابرييل أتال، الذي يبدو من المرجح أن يفقد منصبه في التغييرات التي تعقب الانتخابات، اقتراحات بأن الوسطيين في حزب ماكرون قد يسعون لتشكيل حكومة مشتركة بين الأحزاب في حالة وجود برلمان معلق.

وبدلا من ذلك، فهو يرغب في أن يقوم المعتدلون بتمرير التشريعات على أساس كل حالة على حدة.

وإذا حُرم حزب التجمع الوطني من الأغلبية ورفض تشكيل الحكومة، فستجد فرنسا المعاصرة نفسها في منطقة مجهولة. وسيكون بناء التحالف صعبا على أي من الكتل نظرا للاختلافات السياسية بينها.

دفعت دعوة ماكرون لإجراء انتخابات مبكرة قوتين رئيسيتين إلى الأمام، وهم حزب التجمع الوطني وائتلاف يساري واسع يضم الاشتراكيين، وحزب الخضر وحزب اليسار المتشدد فرنسا التي لا تنحني.

وشكك معسكر ماكرون في المهارات السياسية للرئيس بعد أن أعلن القرار المفاجئ بحل الجمعية الوطنية الشهر الماضي، إذ قال وزير ماليته لمدة سبع سنوات، برونو لو مير، لراديو فرانس إنتر إن "هذا القرار خلق – في بلدنا، وفي الشعب الفرنسي، في كل مكان – القلق، وعدم الفهم، والغضب في بعض الأحيان".

واتهمه رئيس وزراء ماكرون السابق، إدوارد فيليب، بقتل أغلبيته الوسطية.

وربما يصبح مصير ماكرون موضوعا للنقاش الأسبوع المقبل في قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن والتي ستكون مناسبة لاجتماع زعماء العالم مع رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر.

وقال المحلل السياسي دومينيك مويسي: "إن المفارقة في الوضع الحالي هي أنه بعد الانتخابات الأخيرة في بريطانيا وفرنسا، الشخصية الأقوى ستكون هي الشخصية الجديدة رئيس وزراء بريطانيا والشخصية الضعيفة ستكون رئيس فرنسا".