هل تمنح غوغل الاقتصاد الإسرائيلي قبلة الحياة؟

قطاع الهاي تيك هو أهم قطاع اقتصادي لإسرائيل لأسباب سياسية واقتصادية:

• يمثل القطاع التكنولوجي أكثر من 53٪ من الصادرات الإسرائيلية، ونسبة 19.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف نحو 400 ألف شخص، ويقدم للاقتصاد الإسرائيلي 73 مليار دولار في عام 2023.

• يحرص رؤساء الوزراء الإسرائيليين المتعاقبين كبنيامين نتنياهو، ونفتالي بينيت، ويائير لابيد على تقديم إسرائيل في المحافل الدولية بعبارة "بلد الشركات الريادية الناشئة".

تعمل في إسرائيل حالياً نحو 9200 شركة تكنولوجية، 393 منها شركات عامة بقيمة تداول بلغت 234 مليار دولار. وتوظف تلك الشركات أكثر من 12% من القوى العاملة برواتب تزيد على ضعف متوسط دخل الفرد في إسرائيل.

لكن هذا القطاع الذي يعتبر جوهرة اقتصاد إسرائيل كان أحد أبرز القطاعات التي تعرضت لضربات قاسية بفعل الاضطرابات السياسية المرتبطة بانقلاب نتنياهو القضائي عام 2023، وبعده جاءت حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 9 أشهر.

صحيفة تايمز أوف إسرائيل تقول إن نحو 70% من شركات الهاي تيك الإسرائيلية تأثرت عملياتها بسبب الحرب، سواء من حيث انقطاع عدد كبير من موظفي هذا القطاع للخدمة في غزة، أو بسبب المقاطعة الدولية أو تراجع الاستثمارات.

ويكشف موقع والا نقلاً عن سلطة الابتكار الإسرائيلية انخفاض عدد شركات الهاي تيك الريادية الناشئة في عام 2023 بالمقارنة بالعام السابق بنسبة تزيد عن 15%، بجانب تدني الاستثمارات الخارجية بنسبة تتجاوز 55%، وانخراط 70 ألفا من موظفي هذا القطاع في قوات الاحتياط.

كما انخفض جمع التمويل من صناديق رأس المال الاستثماري في إسرائيل في عام 2023 بنسبة 70% مقارنة بالأعوام 2018 حتى 2022.

الشركات الإسرائيلية تعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الخارجية للبقاء، لذلك يشكل هذا التقرير صدمة للمجتمع الإسرائيلي وناقوس خطر حول تداعيات الحرب وفساد حكومة نتنياهو على الاقتصاد.

علاوة على ذلك، يخدم 30 ألف عامل في مجال الهاي تيك في صفوف قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، 60% منهم يعملون في وظائف البحث والتطوير، هذا بالإضافة لهجرة عشرات آلاف الإسرائيليين للخارج منذ السابع من أكتوبر.

أضف إلى ذلك أن موظفي قطاع الهاي تيك الإسرائيلي يشكون من تهميشهم بشكل متزايد حول العالم ومقاطعتهم بسبب الحرب وعدم دعوتهم لمؤتمرات دولية أو إقامة أي من تلك المؤتمرات في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.

شركة Wiz الإسرائيلية هي شركة ناشئة في مجال الأمن السيبراني السحابي تأسست عام 2020 في نيويورك على يد عساف رابابورت، وروي ريزنيك، وعامي لوتبيك، وفينون كوستيكا. واستحوذت على شركة إنترنت إسرائيلية أخرى تدعى Gem Security هذا العام.

تعمل Wiz على البحث واكتشاف الثغرات الأمنية في مجال الحوسبة السحابية التي تمكن المخترقين من التسلل لتلك الأنظمة، ولفتت أنظار الصحافة لاكتشافها ثغرات عديدة من أنظمة Azure التابعة للعملاق مايكروسوفت.

الشركة نجحت في جمع تمويل بقمية 1.9 مليار دولار من مستثمرين مختلفين، مثل صندوق الاستثمار الأميركي أندريسن هورويتز، وثرايف كابيتال، وغريلوك، وويلنغتون مانجمنت، وبلغت قيمة Wiz السوقية نحو 12 مليار دولار في شهر مايو الماضي، بينما تقدر إيراداتها السنوية بحوالي 350 مليون دولار.

عزم العملاق غوغل على شراء شركة Wiz بضعف قيمتها السوقية لفت الكثير من الأنظار لكون تلك الصفقة الأكبر في تاريخ إسرائيل وفي تاريخ غوغل نفسها.

عملية الشراء الضخمة من المتوقع أن تساهم بشكل كبير على إعادة ثقة المستثمرين الدوليين في قطاع الهاي تيك الإسرائيلي وضخ الأموال للشركات الأخرى والتخفيف من عزلتها.

شركات الأمن السيبراني الإسرائيلي في العادة تتأسس على يد جنود وضباط سابقين في وحدات الاستخبارات الإسرائيلية، وخاصة الوحدة 8200 المتخصصة في الاختراق والتجسس والمراقبة.

توفر غوغل العديد من الخدمات لإسرائيل، وبحسب تقرير لمجلة تايم أجرت غوغل محادثات مع وزارة الدفاع الإسرائيلية لتعميق التعاون بين الطرفين ومنحها وصولاً موسعاً لخدمات تخزين ومعالجة البيانات والذكاء الاصطناعي.

لكن التعاون الأبرز بين الطرفين هو مشروع نيمبوس للتخزين السحابي والذكاء الاصطناعي، والذي تبلغ قيمته 1.2 مليار دولار، والذي يسمح لمختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية استخدام تلك الخدمات، ما يعني أنه قد يتم استغلالها ضد الفلسطينيين.

مشروع نيمبوس يشمل خدمات التعرف على الوجوه والرصد والتعقب بالذكاء الاصطناعي المتقدم.

وتظاهر المئات أمام مقر غوغل الرئيسي للاحتجاج على استخدام إسرائيل لخدمات الشركة العملاقة لارتكاب جريمة إبادة جماعية في غزة، وهو ما دعا الشركة لفصل أكثر من 50 من موظفيها ممن أبدوا تعاطفاً مع غزة واحتجوا على سياسة الشركة.