إسرائيل تسأل عن الضيف.. وتخاف "مصير السنوار"

الضيف الذي يقال إنه نجا من 9 محاولات اغتيال، يعتبر الأب المؤسس لكتائب القسام بشكلها الحالي بعد توليه قيادة الكتائب إثر اغتيال مؤسس القسام صلاح شحادة ونائبه عماد عقل.

جناح حماس المسلح كان حتى ذلك الوقت يعمل بنظام عصابات الشوارع والعمليات المسلحة الفردية، بينما عمل الضيف على مأسسة القسام وجعلها منظومة عسكرية.

عاش الضيف في الظل تماما، فحتى وقت قريب لم تكن هناك أي صور متداولة له إلا صوره في الشباب في العشرينات من عمره، ولم تكن إسرائيل نفسها تعرف شكله.

تل أبيب تعتبر الوصول لرأس الضيف صيدا ثقيلا وثمينا للغاية لتحقيق انتصار معنوي كبير على أعضاء حماس وضرب إرادتهم القتالية والقول إنها قادرة على الوصول لأي من قادة الحركة في أي وقت مهما كانت التحصينات.

هذا ما دفع إسرائيل لقصف المنزل الذي اعتقدت أن الضيف تواجد بداخله بـ5 صواريخ ثقيلة بوزن 2000 رطل لكل منها، مما أدى لمقتل ما يقارب من 100 فلسطيني في محيط المنطقة.

وهاجمت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية مركبات الدفاع المدني والإسعاف لمنع وتأخير وصولها لموقع القصف كي لا يكون هناك أي أمل في أن يخرج أي شخص من المنزل على قيد الحياة.

إسرائيل تزعم أنها وصلتها معلومات استخباراتية عن تواجد رافع سلامة، قائد لواء خانيونس في منطقة المواصي المكتظة بمئات آلاف النازحين، رغم أن كبار قادة القسام في العادة يتخذون أشد احتياطات التخفي والسرية والتواري عن الأنظار.

وقد يكون سبب تلك الإخبارية هو أن زوجة سلامة وعائلته نزحوا بالفعل لتلك المنطقة بحسب مصدر مطلع من غزة.

إسرائيل تزعم أيضا أن الضيف المسؤول الأكبر في كتائب القسام خرج من الأنفاق للسطح "لدواعي صحية"، وأنه توجه مع طاقم حراسته الخاص لزيارة سلامة للاجتماع معه ومناقشة أمور ميدانية.

هذا الأمر يثير التساؤل، هل كان رجل الظل ساذجا لدرجة الخروج تحت أعين عشرات طائرات الاستطلاع في وضح النهار لمنطقة مكتظة بمئات آلاف النازحين لعقد اجتماع ميداني كان بإمكانه إتمامه عبر مرسال أو داخل أحد الأنفاق السرية.

المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية ليست دائما صحيحة، فقبل أسبوعين قصف الجيش مربعا سكنيا في مخيم الشاطئ للاجئين وزعم أنه استهدف رائد سعد مسؤول لواء غزة السابق.

ولكن صورة الجيش الإسرائيلي الأخيرة للقادة الذين استهدفوا أظهرت سعد مع الأحياء.

وكذلك عندما اقتحمت إسرائيل مستشفى الشفاء في شهر مارس الماضي، نشرت صورا للمعتقلين من المجمع الطبي وكان من بينهم صورة لرائد سعد، وزعم الجيش اعتقاله قيادات كبيرة في حماس تحفظ عن نشر هوياتهم، ثم عاد وتراجع عن الادعاء بأنه وصل لسعد.

في عام 2014، اعتقدت إسرائيل أنها تمكنت من اغتيال مسؤول لواء خانيونس وقتها، محمد السنوار، شقيق يحيى السنوار قائد الحركة في غزة، وأكد الجيش خبر الاغتيال، واعتز به كانتصار ميداني.

لكن الإسرائيليين تعرضوا لصدمة عندما علموا بعد هجوم 7 أكتوبر أن محمد السنوار ما زال على قيد الحياة بكامل صحته، بل وأشرف على التخطيط والإعداد للهجوم.

وحصل الجيش على مقطع فيديو يظهر محمد السنوار وهو يتجول بسيارة في نفق ضخم في شمال غزة، وكانت الصدمة أن ذلك النفق الذي بلغ طوله نحو 4 كيلومترات كان مدخله الرئيسي على بعد 400 متر فقط مع الحدود الإسرائيلية وخاصة معبر إيرز.

كذلك، اعتقدت إسرائيل لسنوات أنها تمكنت من إلحاق إصابات بليغة بمحمد الضيف في محاولات اغتياله المتعددة وأنه أصبح مقعدا وبترت بعض أطرافه، على حد تعبيرهم.

لكن خلال الحرب الجارية على غزة، تفاجأ الإسرائيليون بعثورهم على مقاطع مصورة تظهر أن الضيف بصحة أفضل بكثير مما توقعوا ويستطيع الحركة والقيام بمهامه اليومية بشكل كامل.

لذلك، مسألة إذا كان الضيف حيا أم لا تبقى لغزا يصعب الوصول لإجابة حوله في المستقبل القريب.

ورغم من إنكار ونفي حماس تواجده في تلك المنطقة، إلا أن الحركة لم تقدم أي دليل صوتي على أن الضيف ما زال على قيد الحياة.

وأخبر مصدر مقرب من حماس بلينكس أن الحركة ترى في الغموض حول مصيره مصلحة لها، لأن نشر إثبات قاطع أنه حي قد يدفع الإسرائيليين لتكثيف محاولات الوصول له.

وفي الوقت نفسه، إذا زعمت حماس أنه قُتل في الغارة لحمايته كما حدث في قصة محمد السنوار، فإنها ستقوم بضرب معنويات مقاتليها، ولذلك تفضل الحركة النفي السطحي وترك المسألة بلا إجابة قطعية.