هاريس بعيدة عن قضايا الدفاع.. لكن مواقفها "أشدّ" من بايدن

يؤكد مسؤولون ومحللون سابقون في تقرير نشرته شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية أن هاريس تبدو أكثر استعدادا لانتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، علنا والتعبير عن التعاطف مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

واضطر مسؤولو مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في مارس الماضي، لتخفيف أجزاء من خطاب هاريس حول ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 6 أسابيع وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحماس.

وذكرت مصادر للشبكة الأميركية أن خطاب هاريس كان قاسيا على إسرائيل في وصف الوضع الإنساني المتردي في غزة، والحديث عن ضرورة إدخال المساعدات للفلسطينيين بأي طريقة، ووصف متحدث باسم نائبة الرئيس الأميركي وقتها هذا التعبير بأنه "غير دقيق".

وتشير التقارير إلى أن هاريس ستحصل على أصوات الناخبين الأميركيين العرب والشباب والتقدميين الذين يعارضون سياسة بايدن تجاه إسرائيل، حيث لا يُنظر إلى نائبة الرئيس على أنها مسؤولة عن سياسة بايدن تجاه إسرائيل.

وعلق المحلل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، آرون ديفيد ميلر، على الأمر قائلا إن هاريس ستغير على الأرجح اللهجة الأميركية تجاه إسرائيل، لكنها لن تحدث تغييرا جذريا في السياسة.

وأضاف ميلر: "من الواضح أن هاريس ستكون أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين لكنها في الوقت نفسه ستظل مدافعة عن الدعم الأميركي التقليدي لإسرائيل".

وبعد أن تعرضت إسرائيل لهجوم إيراني بالصواريخ والمسيرات في أبريل الماضي، قالت هاريس إن أميركا ستواصل دعمها "الصارم" لأمن إسرائيل، وقالت في منشور على "إكس" إن أميركا تقف مع الشعب الإسرائيلي في الدفاع ضد هذه الهجمات.

قد تقدم هاريس سياسة مختلفة أيضا تجاه كوبا، أقرب كثيرا إلى موقف الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهي من أكبر التناقضات المنتظرة في السياسة الأميركية.

ونشرت صحيفة تامبا باي تيمز استطلاعا خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2020، ليؤكد موظفو حملتها أن هاريس تريد أن تنهي بلادها "الحظر التجاري الفاشل" المفروض على كوبا.

وتسعى هاريس لاتخاذ نهجا "أكثر ذكاء" تجاه المجتمع المدني الكوبي، والمجتمع الأميركي الكوبي، عن طريق تحفيز ودعم عمليات التقدم، وتركهم "يقررون مستقبلهم بحرية".

وفي ما يتعلق بالدعم الأميركي لأوكرانيا عسكريا في الحرب مع روسيا، فمن المتوقع أن تستمر هاريس في انتهاج نفس سياسة بايدن، حتى لو أغضب ذلك الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ووقفت هاريس بدلا من بايدن في مؤتمر ميونيخ الأمني السنوي عام 2022، وأعلنت دعمها للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في وقت كانت تستعد خلاله روسيا لشن الحرب، ثم كررت الدعم في عام 2023 بكلمة أخرى أثناء الحرب.

وقال المسؤول السابق في البنتاغون وحلف شمال الأطلسي، جيم تاوسند، في تصريحات نشرها موقع بولتيكو، إن هاريس كانت تنوب عن بايدن في العديد من اللقاءات مع زعماء العالم، من أجل إعدادها حول السياسة الخارجية لأميركا.

وأشار تاوسند إلى أن هاريس ليست لديها خبرات كبيرة في مجال الدفاع العسكري أو السياسة الخارجية، مضيفا: "تعتمد هاريس في مثل هذه الأمور على مستشاريها، لكنها دائما لا تتطرق للحديث عن قضايا الدفاع والسياسات الخارجية".

ومن المتوقع أن تتخذ هاريس مواقف صارمة تجاه الصين، إذ انتقدت عام 2020 سياسة دونالد ترامب في التعامل مع الصينيين، وأكدت أنه "خسر الحرب التجارية" وأضر بالاقتصاد الأميركي من دون إعادة التوازن بين أميركا والصين.

وعن التعامل مع إيران، وملفها النووي، قال نائب ضابط المخابرات الوطنية السابق للحكومة الأميركية للشرق الأوسط، جوناثان بانيكوف، إن الرئيس القادم سواء كان هاريس أو أي شخص آخر سيتعين عليه التعامل مع إيران، وستكون هذه واحدة من "أكبر مشاكله".

ومن غير المرجح وفقا لتقرير نشرته وكالة رويترز أن تقوم هاريس بمبادرات كبيرة وتغييرات ضخمة في السياسة الأميركية تجاه إيران، من دون وجود إشارات جدية من طهران على تقديم تنازلات في الملف النووي.

اكتسبت هاريس الكثير من خبراتها بفضل عملها نائبة لبايدن خلال ولايته الحالية، وهو الأمر الذي ربما يتحدث عنه بايدن في كلمته المنتظرة للشعب الأميركي. ونشرت صحيفة ذا غارديان تقريرا عن هاريس، أكدت خلاله أنها لا تتمتع بنفس خبرات بايدن في السياسة الخارجية بالطبع، لكنها ليست مبتدئة، وتم تدريبها بالفعل على التعامل مع مثل هذه الأمور ونابت عن بايدن كثيرا في زيارات خارجية.

هاريس تحدثت باسم أميركا في مؤتمر الذكاء الاصطناعي في بريطانيا، وقابلت ريشي سوناك رئيس الوزراء السابق، وحضرت قمة آسيا ومثلت بلادها بدلا من بايدن.

وقادت هاريس وفد الولايات المتحدة لثلاث سنوات متتالية في مؤتمر ميونيخ للأمن، في محاولة لمنحها فرصة توسيع معرفتها بأوروبا، وتعريف أوروبا بها، ضمن رسالة من بايدن لإعدادها لمثل هذا الموقف، إذ باتت المرشحة الأبرز للحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة ضد دونالد ترامب.

وتعرضت هاريس لانتقادات في سبتمبر 2022 ويبدو أنها عدوى تلعثم وأخطاء بايدن اللفظية كانت قد أصابتها، عندما قالت في جولة في المنطقة منزوعة السلاح بين كوريا الجنوبية والشمالية، إن واشنطن تدعم "التحالف الأميركي مع كوريا الشمالية".