هاريس وغزة.. هل تخالف السياسة "الكلام المعسول"؟

لدى الحديث عن موقف هاريس من الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ 10 أشهر، يتبادر إلى الذهن خطاب محدد ألقته مارس الماضي في "سلما" بولاية ألاباما، حينها كانت أول مسؤول في الإدارة الأميركية يدعو بشكل واضح إلى وقف إطلاق النار في غزة، بحسب موقع ذا كونفيرزيشن.

وتطرّقت هاريس إلى ما وصفته بـ"المعاناة الهائلة" في القطاع المحاصر، وانتقدت إسرائيل بسبب عدم وصول المساعدات الكافية إلى المدنيين في غزة. ودعت حكومة نتنياهو إلى بذل مزيد من الجهد لزيادة تدفق المساعدات، وقالت حينها: "لا أعذار".

وعلى الرغم من أن هاريس لم تعارض بايدن في موقفه بشأن إسرائيل، فإن موقفها يتضمن بعض الاختلافات، فهي ليست متقاربة مع إسرائيل بشكل شديد مثله، خاصة أنه يعد أكثر رئيس أميركي تأييدا لإسرائيل في التاريخ، بحسب تقرير أعدته مجلة تايم.

كذلك لا تربط هاريس علاقة عميقة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كعلاقته ببايدن، التي استمرت لعقود رغم ما شابها من شوائب مؤخرا.

يشرح الأمر المحاضر في السياسة الخارجية والأمن في جامعة سيتي بلندن، أندرو باين، في مقال على موقع ذا كونفيرزيشن، إذ يقول، إن هاريس بحاجة إلى تحقيق توازن صعب في مسألة غزة، فمن جهة هي بحاجة إلى رسم مسار مميز عن سياسة بايدن تجاه فلسطين وإسرائيل، ولكن على الجهة الأخرى عليها أيضا الدفاع عن مواقف إدارة بايدن التي كانت جزءا منها على مدار 4 سنوات.

إلا أن الخطاب الحاد الذي استخدمته هاريس فيما يخص حرب غزة، قد يخدمها في سياق المقارنات مع مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، إذ يمكنها من الظهور في هيئة القائد القادر على حماية مجموعة من "القيم" على الساحة الدولية كسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، وذلك على عكس الصورة التي يصدرها دونالد ترامب.

في الوقت ذاته، قد يفلح الخطاب في كسب ود بعض المصوتين الذين عبروا عن عدم رضاهم تجاه سياسة بايدن، خاصة في الولايات المتأرجحة، كولاية ميشيغان، إذ صوّت 100 ألف ناخب في الانتخابات التمهيدية بـ"غير ملتزم" احتجاجا على سياسة بايدن.

ويرى مدير الأبحاث في مجموعة صوفان، كولن كلارك، أنه مع انسحاب بايدن المفاجئ، فإن لدى هاريس فرصة لفتح "صفحة جديدة" في قضية تخاطر بجعل مجموعة كبيرة من الناخبين الديمقراطيين ينفرون قبل الانتخابات الرئاسية.

يقول كلارك لوكالة فرانس برس: "إسرائيل وغزة هي القضية التي تحظى بأكبر قدر من الخلاف الواضح بين بايدن وهاريس، وأعتقد أنه سيكون هناك أشخاص داخل معسكرها سيدفعونها إلى توضيح هذا الخلاف".

ويرى كلارك على سبيل المثال، أن قرار هاريس عدم حضور خطاب نتنياهو في الكونغرس ليس بالضرورة "تجاهلا"، لكنه "إشارة إلى أن الأمور ستكون مختلفة".

في خطابها المتعلق بأزمة غزة، بدت هاريس مقارنة ببايدن، أكثر وعيا بمخاوف الناخبين الديمقراطيين تجاه تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، لكن بعض المحللين يرجحون أن الاختلاف الخطابي لا يدل بالضرورة على اختلاف كبير في السياسات.

وتعهدت المرشحة المحتملة سابقا، مثل الرئيس بدعم أمن إسرائيل، ورفضت دعوات مشرعين متعلقة بفرض شروط على المساعدات الأميركية الممنوحة لها.

يشرح الباحث والخبير في شؤون الشرق الأوسط، إتش إيه هيلير لمجلة تايم الأميركية: "هناك إجماع راسخ في المؤسسة الديمقراطية بشأن إسرائيل وفلسطين، ولا أتوقع أن تنفصل هاريس عنه لتذهب إلى الجانب الأكثر تقدمية في الحزب".

وفيما يجب أن تضع هاريس بعين الاعتبار الناخبين في الولايات المتأرجحة، فإنها بحاجة إلى موازنة مواقفها، لتجنب إثارة مخاوف الناخبين المؤيدين لإسرائيل على الجهة الأخرى، والجماعات التي قد تحشد ضدها، وذلك حسب تقرير أعدته صحيفة بوليتيكو.

ويرجح التقرير أنه في حال وصلت هاريس إلى منصب الرئيس نوفمبر المقبل، قد تستمر في استخدام خطاب أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين، مع دفع نتنياهو وحكومته في اتجاه إنهاء الحرب في القطاع، وقد تصر على سماح إسرائيل بدخول مزيد من المساعدات إلى غزة، ولكن بشكل عام لن تختلف سياستها تجاه فلسطين وإسرائيل كثيرا عن سياسة بايدن.