القوة 100.. سلاح إسرائيل "المختفي" يعود من جديد

في العام 1992 قتلت إسرائيل شخصا في الضفة الغربية وتبين أنه شقيق أحد المعتقلين في سجن مجدو، فوقعت "أعمال شغب" في السجن الذي تحتجز فيه إسرائيل 1200 شخصا، ينتمي غالبيتهم لحركتي حماس و"الجهاد"، حسب ما ذكر تقرير لصحيفة يديعوت أحرنوت.

تخوفت إسرائيل وقتها من أعمال الشغب، فأنشأت القوة 100 والتي أصبحت مسؤولة فور تأسيسها عن قمع المعتقلين، وما يعرف بـ"العدد" كل صباح، حيث يقف كل معتقل فلسطيني ويذكر الرقم الذي منحته إياه إدارة السجون ليتأكد المسؤولون أن عدد المعتقلين كامل ولم يهرب أحد.

ودُرّبت هذه القوة على أسوأ السيناريوهات، بحسب تقرير الصحيفة الإسرائيلية، حيث تم تمثيل سيناريو خطف لأحد السجانين من قبل فلسطينيين داخل السجن، وكانت مهمة المتدربين أن ينقذوا السجان من دون قتل المعتقلين.

تتلقى القوة 100 تدريبات مكثفة مع وحدة الكوماندوز البحرية ووحدة الدوفدفان المسؤولة عن "مكافحة الإرهاب".

يتدرب أفراد القوة 100 على الرماية ليصبحوا قناصين محترفين، ويتدربون على العراك بالأيدي ليصبحوا أشبه بالمصارعين.

بعد اندلاع الانتفاضة الثانية ازداد عدد المعتقلين الفلسطينيين فبنت إسرائيل سجونا إضافية مثل سجن النقب في الجنوب، وعوفر قرب القدس، فقررت وزارة الدفاع الإسرائيلية وقتها نقل مهمة تأمين السجون من الجيش الإسرائيلي إلى إدارة مصلحة السجون، ومع مرور الوقت تقلصت مهام القوة 100 التي أنشئت في الأصل لتأمين السجون أصلا، قبل تفكيكها في العام 2006 بشكل نهائي.

• في أبريل 2004 اغتيل القيادي في حماس عبد العزيز الرنتيسي، وحدثت أعمال "شغب" كبيرة في السجون، كما وصفتها إسرائيل وقتها، وأوكلت مهمة استعادة السيطرة على المعتقلين الذين ضربوا سجانين إلى القوة 100.

وقتها تدخل أفراد القوة بالهروات والعصي وعاقبت كل معتقل ساهم في أعمال الشغب، وهذا ما دفع المقدم في الشرطة العسكرية، مئير أوهانا، لوصف القوة بـ"قوة التدخل التنفيذية الماهرة"، حسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرنوت.

• في السنة عينها حدث تبادل أسرى بين حزب الله وإسرائيل بوساطة ألمانية، وكانت القوة 100 هي المسؤولة عن تأمين الأسرى الذين استلمهم حزب الله.

• في 2023 وبعد هجوم 7 أكتوبر، ظهرت شهادات معتقلين فلسطينيين عن "وحدة جديدة" دخلت الخدمة في سجن النقب، تتلخص مهمتها في ممارسة التعذيب الجسدي والنفسي ضد المعتقلين، حسب ما ذكر معتقلان أُفرج عنهما من سجن النقب لبلينكس، وتتقاطع صفات هذه الوحدة مع صفات القوة 100.

• في 29 يوليو 2024 ظهرت القوة 100 أمام معتقل سديه تيمان، ومعسكر بيت ليد، المجاور للمحكمة العسكرية، وهي تحاول السيطرة على المحتجين الإسرائيليين الذين حاولوا الدخول إلى المعسكرين.

في تقرير يديعوت أحرنوت ذكر أحد أفراد القوة 100 أن الجنود العاديين "قد يواجهون الإرهابيين مرة واحدة خلال خدمتهم، بينما نحن ندخل إلى قلب الخطر كل يوم".

هذا الخطر في التعامل مع المعتقلين جعل من الانضمام لهذه الوحدة "صعبا من الناحية الاجتماعية"، لأن المقدم أوهانا والذي خدم في القوة 100 يخبر الصحيفة أن 50٪ من المرشحين للانضمام لهذه القوة يتركون الدراسة خلال فترة التدريب الصارمة.

وبعد النجاح في التدريب والانضمام الرسمي للقوة تظهر مشكلات عائلية مع الجندي، لأن عائلته ترفض أن يعيش وسط هذا الخطر. هذا ما أكده عقيد مشارك في القوة، رفض الكشف عن اسمه لمراسل يديعوت أحرونوت بقوله: "السجن بركان يمكن أن ينفجر في أي لحظة".

يجب على الابن الوحيد في إسرائيل الذي يرغب بالانضمام إلى هذه الوحدة أن يحصل على موافقة الوالدين، وتشرح الصحيفة أن العديد من جنود القوة 100 اعترض آباؤهم على أداء الخدمة القتالية في هذه القوة.

ويقول أحدهم: "عندما سمعت والدتي أين انتهى بي الأمر ومَن أتواصل معهم يوميا، توسلت للتوقيع على تصريح الخدمة القتالية العادية الذي رفضت التوقيع عليه سابقا".

في 19 نوفمبر 2023 قتل 19 من حراس سجن، السجين الفلسطيني، ثائر أبو عصب، حسب ما نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية، وفا، وفي مقابلة مع بلينكس قال المعتقل المحرر محمد المجيرمي إنه عاش في نفس القسم مع ثائر قبيل مقتله.

يروي المجيرمي: "سأل ثائر السجان هل يوجد وقف إطلاق نار؟ فأشار السجن بيده لوحدة الكيتر، فضربوه على رأسه حتى توفي".

"وحدة الكيتر" الذي ذكرها المجيرمي في مقابلته مع بلينكس تتقاطع مع صفات أفراد القوة 100، فهم يلبسون أقنعة ونظارات سوداء تغطي وجوههم ويضربون بالعصي الحديدية ومهمتهم معاقبة المعتقلين.

بينما لم تتحدث الصحافة الإسرائيلية عن "وحدة الكيتر"، يقول المجيرمي إن هذه الوحدة تم استحداثها بعد 7 أكتوبر، فهو معتقل قبل هذا التاريخ ولم يراها إلا بعد اندلاع الحرب على غزة.

معزز عبيات الذي كان مفتول العضلات قبل اعتقاله وخرج بصدمة عصبية من سجن النقب، أخبر بلينكس أيضا أن "وحدة الكيتر" الجديدة هي من ضربته مع زملائه المعتقلين في سجن النقب.

تقارير صحافية إسرائيلية أبرزها نشر في موقع والا يوم 30 يوليو 2024 أكدت أن إسرائيل اعتقلت 9 من أفراد هذه الوحدة خدموا في سجن سديه تيمان، لأنهم متهمون بإساءة معاملة المعتقلين والاعتداء عليهم.

وبهذا يربط المعتقلون المفرج عنهم "وحدة الكيتر" بالقوة 100 التي انتشرت صورها مؤخرا.