محمد يونس.. الرجل الذي أنقذ بنغلاديش مرتين

رغم ميلاده في أسرة غنية لأب صائغ عام 1940، فإن يونس شعر بالفقراء من خلال والدته صوفيا خاتون التي كانت على الدوام تجمع الصدقات لمساعدة الفقراء.

كبر يونس ودرس الاقتصاد في الولايات المتحدة، ثم عاد مجددا ليدرّس الاقتصاد في الجامعة بمسقط رأسه شيتاغونغ، لكنه ركز إلى جانب عمله الأكاديمي على مكافحة الفقر الذي تفاقم بسبب المجاعة الكبرى عام 1974.

يحكي يونس عن تلك الفترة: "كان الفقر المدقع سائداً، في كل مكان، ولم أتمكن من تجاهله".

يشرح: "كان من الصعب عليّ تدريس نظريات اقتصادية جميلة في قاعات التدريس الجامعية، كان علي أن أفعل شيئاً على الفور لمساعدة الناس من حولي".

بماله الخاص، كانت مبادرته الأولى التي شكلت نواة "بنك الفقراء"، فأقرض صانعي السلال الفقراء، الذين لا يستطيعون الحصول على قروض مصرفية تقليدية، حسب ما تذكر مؤسسة نوبل.

بمرور السنين، تحولت مبادرته إلى "مصرف غرامين" الذي أسسه عام 1983، واستمر في النمو، وحصل من خلاله على جائزة نوبل للسلام عام 2006.

يقول عن فكرة هذا البنك الذي أنقذ الملايين من أبناء بلده: "أنشأنا عالما خاليا من العبودية، عالما خاليا من الجدري، عالما خاليا من الفصل العنصري. إن تأسيس عالم خال من الفقر سيكون أعظم هذه الإنجازات".

الفوز بجائزة نوبل زاد من شعبية يونس، الذي فكر في إطلاق حزب قبل أن يتخلى بسرعة عن الفكرة بعد ردود أفعال "خشنة" من النخبة الحاكمة، فنظرت إليه رئيسة الوزراء شيخة حسينة باعتباره منافسا محتملا، لتطلق ضده حربا في ساحات المحاكم.

وجد يونس نفسه أمام مئات القضايا وتعرض لحملة عدوانية قامت بها منظمة إسلامية تديرها الدولة، والتي اتهمته بالترويج للمثلية الجنسية، قبل إجباره على التخلي عن مصرف غرامين في 2011، بقرار من أعلى محكمة في البلاد، واتهمته حسينة بأنه "يمتص دم الفقراء".

وفي يناير 2024، حُكم على يونس وثلاثة من زملائه في مجموعة غرامين تيليكوم، إحدى الشركات التي أسسها، بالسجن ستة أشهر إثر إدانتهم بانتهاك قوانين العمل.

ونفى الأربعة التهم، قائلين إنها ذات دوافع سياسية، قبل إطلاق سراحهم بكفالة في انتظار الاستئناف، ليسافر بعدها يونس إلى فرنسا. وبعدها حصل على براءة من محكمة الاستئناف.

استقل يونس الطائرة من مطار رواسي في باريس ليل الأربعاء 7 أغسطس، متوجهاً إلى بلاده، قائلاً إنه "يتوق إلى العودة".

وعلى صفحات مجلة إيكونوميست، كتب يونس عن "التحرير الثاني" متعهدا ببذل كل ما في وسعه لضمان "تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في الأشهر المقبلة"، وأنه ينبغي على الشباب "ألا ينشغلوا بتصفية الحسابات، كما فعل كثر في حكوماتنا السابقة".

وفي بيان قبل عودته المرتقبة إلى بنغلاديش من فرنسا وبعد فرار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة وحل البرلمان قال يونس"أناشد الجميع بشدة الحفاظ على الهدوء، رجاء الامتناع عن جميع أنواع العنف".

وتابع "استعدوا لبناء البلد. إذا سلكنا طريق العنف سيُدمّر كل شيء"، مشيداً "بالطلاب الشجعان" والملايين من أفراد "الشعب" الذي منحه "الثقة المطلقة".