"مقاطعة إلا ربع".. كهرباء تركية تشحن الجيش الإسرائيلي

في الوقت الذي فرض فيه أردوغان مقاطعة على المنتجات من إسرائيل في أبريل، وهدّد بغزوها في يوليو، مددت وزارة الدفاع الإسرائيلية عقدا مع محطة كهرباء، يملك ربعها رجل أعمال تركي مقرّب من الرئيس التركي، بحسب "والا".

والتزمت تركيا الصمت حيال هذا الأمر، في حين تحاول وزارة الدفاع الإسرائيلية التهرب من المسألة، بالقول إن شركة الكهرباء تلك "إسرائيلية ونعمل وفق القانون".

أما رجل الأعمال المقصود، فهو أحمد زورلو، رئيس شركة "زورلو القابضة" التي تعمل في مجالات المنسوجات والأجهزة الكهربائية والطاقة والبنية التحتية والعقارات والخدمات المالية، وتمتلك مراكز تسوّق ضخمة، ويقع مقرها الرئيسي في إسطنبول.

وفي عام 2004، دخلت "زورلو" في شراكة مع شركة "دوراد" الإسرائيلية للطاقة، لإنشاء وصيانة محطة كهرباء "دوراد"، بتكلفة مليار دولار.

وأقيمت مراسم التوقيع الرسمية في أنقرة، بمشاركة وزير الطاقة الإسرائيلي ونظيره التركي. وفي يناير 2005، دخلت "زورلو" مالكا مشاركا لمحطة الطاقة، عندما استحوذت على 25% من الأسهم.

محطة "دوراد" هي إحدى أكبر محطات توليد الطاقة في إسرائيل، وتقع جنوب عسقلان، وتعمل بالغاز الطبيعي والديزل، وهي مملوكة جزئيا للدولة بنسبة 37.5%، ومنذ عام 2004، توفر الكهرباء للجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع.

وباعت شركة "زورلو إنيرجي"، في مايو 2024، حصتها في محطتي رمات نقب للطاقة وأشدود للطاقة لشركة "مجموعة أديلت"، لكنها احتفظت بحصتها في محطة الطاقة التي تزود الجيش بالكهرباء.

وخلال يوليو 2024، أي بعد نحو شهرين ونصف الشهر من فرض المقاطعة التركية، جُدِّدت الاتفاقية، ووافق عليها بالإجماع مجلس إدارة "دوراد"، وصوّت ممثلو شركة "زورلو" التركية لصالح ذلك القرار، مع المساهمين الإسرائيليين الآخرين.

مع شنّ إسرائيل حربها على غزة، دخلت جماعة الحوثي على خط المواجهة، وفرضت حصارا بحريا على إسرائيل، عبر ملاحقة السفن المتّجهة لإيلات.

هذا الأمر أثّر في قدرة إسرائيل على استيراد النفط، لكن ظهرت دولة أخرى مُنقذة لإسرائيل من تلك الأزمة، وهي أذربيجان.

وارتفعت واردات إسرائيل النفطية من أذربيجان بنسبة 55%، في النصف الأول من العام 2024، إذ يصل لإسرائيل عبر تركيا، على الرغم من الحظر التركي والعقوبات الاقتصادية، بحسب القناة "12" الإسرائيلية.

وبلغ حجم تلك الواردات نحو 1.583 مليون طن، بقيمة 989 مليون دولار، وفقا لبيانات مكتب الجمارك الأذري، لتحتل إسرائيل المركز الثاني بعد إيطاليا، كأكبر مستورد للنفط من أذربيجان التي تحدّ تركيا من الشرق وإيران من الجنوب.

النفط الأذري يصل إلى إسرائيل عبر خط أنابيب "باكو - تبليسي - جيهان" (BTC)، لينتهي به المطاف في تركيا، ويُحمَّل من هناك على ناقلات نفط من تركيا إلى ميناء حيفا.

ولا يشمل الحظر التركي، الذي يمنع استخدام الموانئ التركية في تصدير المنتجات لإسرائيل، ناقلات النفط البحرية.

أما السبب في أن تركيا لا تضر بالإمدادات النفطية لإسرائيل، فإنه لا يكمن في مصلحة تل أبيب، بل في مصلحة باكو عاصمة أذربيجان، بحسب القناة الإسرائيلية، إذ يتمتع الرئيس الأذري، إلهام علييف، بعلاقة قوية مع الرئيس التركي أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وتربط تركيا وأذربيجان فكرة "أمة واحدة ودولتان".

تزعم صحيفة Globes الإسرائيلية أن البضائع التركية ما زالت تتدفق على الأسواق الإسرائيلية، بل إن بعض تلك الواردات ارتفعت بشكل كبير للغاية، رغم المقاطعة والحظر.

هذا التدفق يحدث عبر ثغرة يستعملها الإسرائيليون للحصول على البضائع التركية، من خلال استغلال الوضع الاقتصادي المنهار في الضفة الغربية، بسبب الحرب وابتزاز بعض الفلسطينيين لاستيراد البضائع بأنفسهم نيابةً عن إسرائيل، بحسب المصدر.

وتضيف الصحيفة أن الواردات، المسجّلة في يوليو من تركيا لفلسطين، بلغت 119.6 مليون دولار، مقارنة بـ9.3 مليون دولار فقط في يوليو من العام الماضي، وارتفع استيراد الصلب والأسمنت بنسبة 1180%.

تتيح تلك الثغرة الاستمرار في استيراد البضائع بخط مباشر من الموانئ التركية للموانئ الإسرائيلية، ما دام أن المستورد فلسطيني.

وعندما تصل البضائع إلى إسرائيل، ينتقل الحق في إدارة تلك البضائع إلى ساعٍ إسرائيلي، نظرا لعدم وجود سعاة فلسطينيين، ويُوجِّه ذلك الساعي البضائع لأي مكان يريده.

يشمل ذلك الاستيراد كل شيء تقريبا، من السيارات والأسمنت والصلب ومنتجات المناجم، حتى الأطعمة والمشروبات.

يأتي ذلك على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية أشارت إلى أنها تدرس حظر الواردات التركية أو فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على تلك البضائع.

وتقول الصحيفة إن القضية الفلسطينية مهمة وحاسمة بالنسبة لقاعدة ناخبي أردوغان، لذلك فإن رئيس تركيا لا يريد الوصول لوضع يقطع فيه العلاقات التجارية مع الفلسطينيين أيضا لتطبيق العقوبات على إسرائيل بشكل فعلي، ويفضّل بدلا من ذلك أن يغض الطرف.

يحصل الإسرائيليون أيضا على البضائع التركية من خلال طرف ثالث، إذ يتم استيراد المنتجات التركية لبلد ثالث، وإعادة شحن البضاعة إلى إسرائيل، بحسب الصحيفة.

على سبيل المثال، يمكن طلب إرسال البضائع لميناء بيرايوس في اليونان، ليتم تفريغ البضائع على الرصيف، ومن ثمّ تبادل سندات الشحن، وتحميل تلك البضاعة على سفينة أخرى متجهة لإسرائيل.

لكن ذلك الحل مُكلِّف ماديا، ويستغرق وقتا أطول بكثير مقارنةً بالثغرة الأولى، وتقول الصحيفة إنه يتعين على المستوردين، الذين اعتادوا نقل البضائع في غضون أسبوع، الانتظار لمدة شهر تقريبا، وتكبد 30% إضافية لتكاليف الشحن، بالإضافة لتكلفة إفراغ حمولة السفينة وتحميل البضائع على سفينة أخرى.