5 عقبات أمام "الصفقة".. هل يشتري نتنياهو الوقت بالمفاوضات؟

هناك العديد من الأطراف التي ترغب في إتمام الاتفاق، فعلى سبيل المثال نقلت شبكة سي إن إن عن مصدر إسرائيلي مطلع قوله إن يحيى السنوار "يريد التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار" وأنه أرسل رسالة بهذا المفاد عبر الوسطاء المصريين والقطريين إلى المسؤولين الإسرائيليين في الأيام الأخيرة.

لكن مسؤولا في حماس، أكد لاحقا أن الحركة لن ترسل وفدا لمحادثات 15 أغسطس، ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال أن السنوار أبلغ وسطاء إنه إذا كانت إسرائيل جادة بشأن المفاوضات، فعليها أولا وقف عملياتها العسكرية في غزة.

وأضاف المصدر الإسرائيلي للشبكة الأميركية أن البيت الأبيض أوضح لإسرائيل أنهم يعتقدون أن الوقت قد حان للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار لتجنب حرب إقليمية أوسع.

"منتدى أسر الرهائن والمفقودين" في إسرائيل أيضا، دعا نتنياهو وحماس لإنهاء صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار، وقال المنتدى في بيان: "الصفقة هي السبيل الوحيد لإعادة جميع الرهائن إلى ديارهم. الوقت ينفد. الرهائن ليس لديهم المزيد من الوقت ليضيعوه. يجب توقيع الصفقة الآن".

أما بخصوص موقف نتنياهو، فتفيد سي إن إن بأن هناك أجواء من "عدم اليقين" تحيط بنوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي الحقيقية تجاه الصفقة.

فمن جهة، أخبر حلفاء نتنياهو مسؤولين حكوميين أن رئيس الوزراء مستعد لإبرام صفقة، بغض النظر عن التأثير على ائتلافه الحاكم.

لكن من جهة أخرى، المنظومة الأمنية الإسرائيلية لا تزال متشككة إلى حد كبير في استعداد نتنياهو للتوصل لصفقة، إما بسبب تهديدات وزراء اليمين المتطرف بحل الحكومة أو بسبب حرص نتنياهو على كسب الوقت والتهرب من المصير الذي ينتظره إذا انتهت الحرب.

صحيفة هآرتس كشفت أن الرئيس الأميركي جو بايدن تيقن مؤخرا أن نتنياهو "يكذب عليه" فيما يتعلق بصفقة التبادل، وأنه يُظهر "عدم امتنان" للدعم الأميركي السخي له خلال الحرب، وأضافت أن بايدن أخبر نتنياهو خلال محادثتهما الأخيرة: "توقف عن الهراء والكذب علي".

وأوضحت الصحيفة في تقرير ثان أن نتنياهو عمل بشكل ممنهج على إفساد جميع مفاوضات تبادل الأسرى والتهدئة منذ شهر يناير الماضي، سواء عبر تقييد صلاحيات الوفد المفاوِض، أو تسريب معلومات استخباراتية حساسة للإعلام وتزييف الحقائق وقلبها والكذب المتعمد لتأليب الرأي العام ضد الاتفاق.

لكن الأمر المختلف في جولة المفاوضات الجديدة هي الوعود بأن يواجه نتنياهو "جبلا من الضغوط" للموافقة على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن بحسب سي إن إن، وتضيف الشبكة نقلا عن مصدر إسرائيلي أن المفاوضات ما زالت جارية مع وفود فنية تعمل "على مدار الساعة" قبل اجتماع قمة الخميس في دولة قطر.

الصفقة التي طرحها الرئيس الأميركي، جو بايدن، في شهر مايو والتي صاغتها المنظومة الأمنية الإسرائيلية نفسها وصادق عليها مجلس الأمن في مطلع يوليو، وقبلتها حركة حماس في بيان أصدرته مساء الثلاثاء 13 أغسطس، أضاف إليها نتنياهو 5 عقبات تجعل التوصل لاتفاق من الأهداف الصعبة، بحسب صحيفة معاريف.

• العقبة الأولى: بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا بين رفح ومصر، ما يعني استمرار إغلاق معبر رفح وتحكم إسرائيل به.

• العقبة الثانية: تفتيش أي نازح يحاول العودة لشمال غزة، للتأكد أنه لا ينتمي لأي فصيل مسلح، وهو ما يعني أن يبقى لإسرائيل تواجدا عسكريا داخل غزة يقسمها لنصفين، ويعني أيضا أن عودة أكثر من مليون نازح للشمال ستستغرق أشهر طويلة، أو سنوات وسيكون بإمكان الجيش اعتقال أشخاص عشوائيا بذريعة أنهم ينتمون لحماس أو فصائل أخرى.

• العقبة الثالثة: إصرار نتنياهو على العودة للحرب بعد انقضاء المرحلة الأولى من الصفقة، أي بعد 6 أسابيع من الهدوء فقط، بينما تقول معاريف إن السنوار يريد أن تنتهي الحرب بمجرد توقيع الاتفاق من دون الإعلان عن ذلك رسميا، بحسب معاريف.

• العقبة الرابعة: احتفاظ إسرائيل بحق الفيتو ورفض الإفراج عن أسرى فلسطينيين بعينهم ونفي آخرين لقطر أو تركيا، بينما يريد السنوار الإفراج عن مروان البرغوثي وأحمد سعدات وغيرهم من كبار القادة.
• العقبة الخامسة: طلب إسرائيل قائمة مسبقة بأسماء جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء في غزة، وهو ما تقول حماس إنه من الصعب تنفيذه في ظل استمرار الحرب بينما يمكنها تقديم تلك القائمة وقت التهدئة.

بسبب تلك العقبات وغيرها، شككت حماس في مشاركتها في الجولة المقبلة من المفاوضات، وقالت الحركة إنها طلبت من الوسطاء أن تكون الصفقة مبنية على محادثات وقف إطلاق النار السابقة التي طرحها بايدن "بدلا من السعي إلى جولات أخرى من المفاوضات أو طرح مقترحات جديدة توفر غطاء لعدوان الاحتلال وتمنحه مزيدا من الوقت لمواصلة جرائم الإبادة ضد شعبنا".

وأكّد مصدر مقرب من حماس لفرانس برس، الأربعاء، أنّ الحركة لن تعيد التفاوض حول ما تم الاتفاق عليه في وقت سابق.

وقال إنّ الوفد "لن يغيّر في شيء مما سبق ... على (الإسرائيليين) أن يحضروا للموافقة أو لا يأتوا على الإطلاق".

العديد من الصحافيين الإسرائيليين مثل باراك رافيد فسروا رد حماس على أنه امتناع عن حضور اجتماع يوم الخميس ورفض للجولة الجديدة. لكن صحيفتي معاريف وهآرتس تعتقدان أن رد حماس الخشن مجرد "تكتيك للضغط" على الوسطاء وإسرائيل للتنازل عن عقبات نتنياهو الخمس.

بينما تفسر صحيفة يديعوت أحرونوت ذلك الرد على أنه انتظار من السنوار لدخول حزب الله وإيران على خط المواجهة، وتقول إن إسرائيل تراهن على أن وفد حماس سيأتي للمفاوضات يوم الخميس ولن يقاطعها.

وتقول هآرتس إن حماس وجهت رسائل لممثلي الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك الموجودين في القطاع، مفادها أنهم مستعدون لإبداء المرونة في بعض الشروط في الصفقة وأن الحركة مستعدة للتوصل لاتفاق.

وأوضحت حماس أنها قد توافق على ترحيل وإبعاد بعض الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم، كما أنها قد تكون مرنة في الجداول الزمنية للانسحاب الإسرائيلي من القطاع.

لكن كبار مسؤولي الحركة أكدوا أن المهم بالنسبة لهم هو أنه في نهاية الصفقة لن تتمكن إسرائيل من استئناف القتال، وأنها لن تتهرب من تنفيذ المبادئ المتعلقة بالإفراج عن الأسرى، مثل إطلاق سراح السجناء القدامى وكبار السن.

في محاولة منه لوصف كيف يلقي الرئيس بايدن اللوم على حماس في فشل المفاوضات، قال المفاوض الإسرائيلي السابق دانييل ليفي: "وكأننا نعيش في واقع بديل، مصدر معلوماتنا الوحيد فيه هو بروباغندا البيت الأبيض".

فبينما يعي بايدن جيدا أن نتنياهو يكذب عليه بحسب هآرتس، إلا أن إعلانه رسميا أن إسرائيل هي الطرف الرافض للتهدئة قد يوجب عليه اتخاذ إجراءات ضد الحكومة الإسرائيلية للضغط عليها كمنع شحنات الأسلحة، وهو ما لا يريد فعله، ولذلك يقوم بلوم حماس كخيار أسهل للتضليل.

صحيفة هآرتس تقر بأن إدارة بايدن "حرصت حتى الآن على توجيه أصابع الاتهام إلى حماس فقط في ما يتعلق بالجمود في المحادثات".

لكن الصحيفة تضيف أن البيت الأبيض والوسيط المصري والقطري أوضحوا الآن أنهم لن يترددوا في إلقاء المسؤولية على إسرائيل علانية بإفشال الصفقة إذا عاد نتنياهو للألاعيب في محادثات 15 أغسطس.

وقالت الصحيفة إن أولى علامات هذا التغيير في السياسة الأميركية هو اتخاذ البيت الأبيض خطوة واضحة للمرة الأولى باتهام وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش بـ"المخاطرة بحياة المختطفين، بمن فيهم أولئك الذين يحملون الجنسية الأميركية".

ونقلت هآرتس عن دبلوماسي أميركي كبير قوله: "حتى الآن، كان خط الإدارة هو إلقاء اللوم على حماس فقط، وخاصة يحيى السنوار. الآن يلومون سموتريش بالفعل، وإذا فشلت المحادثات بسبب سلوك حكومته، فسيكونون على استعداد للقول للمرة الأولى إن ذلك أيضا بسبب نتنياهو".

وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أعلن رفضه أي صفقة للتبادل والتهدئة ويريد استمرار الحرب، ووصف الصفقة المقترحة بأنها "صفقة استسلام".

وكتب ستموتريش على منصة إكس: "أدعو رئيس الوزراء إلى عدم الوقوع في هذا الفخ وعدم الموافقة على الحياد، حتى ولو قليلا، عن الخطوط الحمراء التي حددها مؤخرا".

أما وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، فأرسل لنتنياهو رسالة مفادها أنه ما زال ثابتا على موقفه الرافض لإنهاء الحرب وأنه سينسحب من الحكومة في حال قبول نتنياهو الصفقة المقترحة.

لكن القناة 12 تقول إن هناك ثغرة حاليا تسمح لنتنياهو عقد الاتفاق وتجاهل سموتريش وبن غفير، وهي دخول الكنيست بالفعل العطلة الصيفية لثلاثة أشهر، مما يجعل من الصعب أو حتى من المستحيل على وزراء اليمين المتطرف حل الحكومة الحالية خلال تلك المدة.

وتضيف القناة الأكثر مشاهدة في إسرائيل أن تقديرات الطبقة السياسية هي أن بن غفير وسموتريش قد ينسحبان من الحكومة بشكل مؤقت إذا تم توقيع الاتفاق، ولكنهما سيعاودان الانضمام للكابينت مرة أخرى في الشتاء بعد عودة الكنيست من العطلة.