هل أصبحت غزة كابوسا يطارد هاريس؟

منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، ساهم مؤثرو مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدون لفلسطين في تشكيل آراء الشباب على وجه الخصوص، خاصة من يعارض العملية الإسرائيلية في القطاع المحاصر، والرافضين تأييد بايدن لها.

يوجه هؤلاء المؤثرون الآن أدواتهم للضغط على هاريس، ومن بينهم أحمد الدين، الذي يحظى بـ1.1 مليون متابع على إنستغرام، ويحفل حسابه بمنشورات تستهجن موقف هاريس من الحرب، وتتهمها بدعم العنف في قطاع غزة.

تحدث أحمد الدين لصحيفة وول ستريت جورنال، وقال إن فلسطين، تشكل "اختبارا حاسما " لهاريس، مؤكدا أنها إذا أرادت استعادة الناخبين فعليها أن تقدم "شيئا جديد". وما يعتبره المؤثر تصرفات قد تمنح هاريس الأفضلية هو مطالبتها على سبيل المثال بوقف مبيعات الأسلحة الأميركية لإسرائيل.

بعض المؤثرين، يعتقدون أن ثمة أمل في هاريس، وذلك بعدما أظهرت على مدار الأشهر الماضية تعاطفا مع الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ويرى هؤلاء أن سلوك المرشحة الديمقراطية قد يعني أنها أكثر انفتاحا على تبني سياسات أكثر حزما ضد إسرائيل، لكن مؤثرين آخرين غير متفائلين بما يمكن أن تُقدم عليه هاريس.

تقول المؤثرة روزي بيراني، للصحيفة الأميركية إن هناك إجماعا متزايدا، على أن سياسية هاريس لن تختلف عن بايدن فيما يتعلق بإسرائيل.

تترجم بيراني إحباطها إلى منشورات، فشاركت على إنستغرام صورة لمصحف ملطخ بالدماء في غزة، وقالت "لا إدانة من بايدن أو هاريس، تذكروا هذه الصورة عندما تدخلوا صناديق الاقتراع في نوفمبر".

ويلقي مسؤولون في الإدارة الأميركية باللوم على مواقع التواصل الاجتماعي فيما يواجهون من صعوبات متعلقة بتوصيل رسالتهم للشباب بشأن موقفهم من إسرائيل.

في مارس الماضي، استطاعت هاريس أن تحقق سبقا حين أصبحت أول مسؤولة في الإدارة الأميركية تدعو صراحة إلى "وقف إطلاق النار في غزة، كما تحدثت حينها عن المعاناة الإنسانية في القطاع، وشُح المساعدات، وأكدت أنه "لا أعذار" لحكومة بنيامين نتنياهو فيما يخص بذل المزيد من الجهد لزيادة تدفق المساعدات.

لكن عمليا، أكدت هاريس "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" والذي لطالما تمسك به بايدن، كما أنها تعارض الأصوات المنادية بحظر الأسلحة عن إسرائيل، وفي اتساق مع آراء كبار مساعدين بايدن، يعتقد مساعدو حملة هاريس أن حملة اليسار المنددة بدعم الإدارة الأميركية لإسرائيل، تقتصر في واقع الأمر على أقلية من الجمهور، ولا تُعبر عن معظم الأميركيين.

ويعتقد مساعدو الحملة كذلك أن هناك حالة من "الحماسة" و "الوحدة الحزبية" منذ أصبحت هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي.

بالطبع الوحدة ليست خالصة، وشبح غزة يطارد هاريس حتى قاعة المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، بالتحديد على يد "الحركة الوطنية لعدم الالتزام".

تأسست الحركة في الأصل خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، وذلك لحشد أصوات عقابية ضد بايدن بسبب موقفه من الحرب في قطاع غزة. والآن تُكمل الحركة المسيرة، لكنها تضع نُصب أعينها هاريس.

فتؤكد مندوبة غير ملتزمة من رود آيلاند، تُدعى جون روز، أنها سوف تحضر المؤتمر، وسوف تعمل على الضغط على هاريس من أجل الحصول على دعمها لوقف إطلاق النار، وحظر الأسلحة عن إسرائيل، وأضافت "سنجعل أصواتنا مسموعة في شيكاغو".

وفي خضم بضعة الأيام الهامة جدا بالنسبة لهاريس، تطالب الحركة بوضع غزة على الطاولة، وأمام أعين حضور المؤتمر بحسب شبكة CNN، فتسعى لدفع المؤتمر إلى تنازلات سياسية، في مقدمتها حظر الأسلحة بالطبع، بالإضافة إلى المطالبة بتخصيص وقت في المؤتمر لكي تتحدث طبيبة أطفال عادت للولايات المتحدة بعد فترة من التطوع في غزة.

وفيما لم يعلق المؤتمر الوطني حول تلك المطالبات، قال مصدر للشبكة الأميركية مشارك في التخطيط للمؤتمر، إن هناك "عدم يقين" من جانب الحزب بشأن المطالبات التي يعتقدون أنها "غير قابلة للتنفيذ" في الظروف الحالية، لكنه أضاف أنه رغم ذلك، هناك شعور متبادل بـ"حسن النية" بين الطرفين.

إلا أن حسن النية وحده لا يضمن لهاريس تأييد جيمع أفراد الحركة، فبينما يتنفس بعضهم الصعداء بعد إعلان بايدن انسحابه من السباق، يعتقد آخرون أن التقدم الذي أحرزته حملة هاريس على بايدن محدود، وأنها تحتاج المزيد لتستعيد الأصوات قبل نوفمبر.

تقول الرئيسة المشارك للحركة، ليكسيس زيدان، وهي أميركية من أصل فلسطيني "لا أستطيع أن أخبر مجتمعي إنني أشعر أو أظن أن نائب الرئيسة هاريس أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين، لذا سنصوت لها. هذا لن ينجح، الناس يريدون التصويت لشيء ما.. يريدون أن يشاهدوا نهاية للجنون، يريدون التصويت لشخص سينهي ذلك".

الحركة الوطنية لعدم الالتزام، ليست التجمع الوحيد الذي يعكر صفو لحظة هاريس الاستثنائية، فهناك العشرات من المندوبين من أصول مسلمة ومؤيدين لهم، حانقين على إدارة بايدن، هاريس فيما يخص التعامل مع إسرائيل ولديهم مطالبهم الخاصة، كمجموعة "مندوبين ضد الإبادة الجماعية"، التي قالت إنها ستمارس حقها في التعبير عن الرأي بحرية خلال أيام المؤتمر الثلاثة، بحسب وكالة رويترز.

وفي حين لم تعلن المجموعة تفاصيل ما تود فعله، إلا أنها قالت إنها تود طرح تعديلات خلال المؤتمر على برنامج الحزب، إذ تريد إضافة أدبيات في البرنامج تدعم إنفاذ القوانين التي تحظر تقديم مساعدات عسكرية للأفراد والقوات التي ترتكب انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان، ويريد المندوبون كذلك استخدام حقهم في الحديث خلال المؤتمر.

وتدعو مسودة برنامج الحزب التي صدرت في يوليو الماضي إلى "وقف فوري ودائم لإطلاق النار" بالإضافة إلى إطلاق سراح الرهائن، لكنها لا تتطرق إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص في غزة، أو أي خطط لتقليل شحنات الأسلحة الأميركية المرسلة إلى إسرائيل.