تزييف وقرصنة.. كيف تتدخل روسيا وإيران في انتخابات أميركا؟

نشرت شبكة من عشرات المواقع الإلكترونية التي تحاكي مواقع إخبارية محلية، في وقت سابق هذا الشهر، ادعاء كاذبا بأنّ الحزب الديمقراطي كان وراء محاولة اغتيال دونالد ترامب في يوليو.

وتعود ملكية هذه المواقع إلى جون مارك دوغان وهو جندي مشاة أميركي سابق فرّ إلى روسيا أثناء ملاحقته في فلوريدا بتهم الابتزاز والتنصّت، بحسب فرانس برس.

واستشهد التقرير المنشور بتسجيل صوتي لما يُفترض أنها محادثة خاصّة بين الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وأحد الاستراتيجيين الديمقراطيين. ويقول فيها صوت يشبه صوت أوباما إنّ "التخلّص من ترامب" من شأنّه أن يضمن "النصر ضدّ أي مرشح جمهوري".

وقالت منظمة "نيوزغارد" لمراقبة المعلومات المضلّلة، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرّا لها، إنّ الصوت تمّ إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، مستشهدة بأبحاث تستخدم أدوات كشف متعدّدة، وبمداخلة من خبير في الشؤون الرقمية.

ويبدو أنّ الصوت المزيّف أُرفق بمقال بعنوان "ديمقراطيون بارزون يقفون وراء محاولة اغتيال ترامب، أوباما يعرف التفاصيل"، وذلك على موقع غامض هو DeepStateLeaks.org.

وتعتبر شركة ميتا أن روسيا لا تزال المصدر الرئيسي لشبكات المتصيدين التي تم تعطيلها على فيسبوك وإنستغرام، تليها إيران مباشرة.

ووزعت شبكة دوغان المكوّنة من 171 موقعا إخباريا مزيّفا بأسماء تبدو شرعية مثل Atlanta Beacon وArizona Observer، التسجيل الصوتي المزيّف، مستشهدة بموقع DeepStateLeaks كمصدر. غير أنّ "نيوزغارد" قالت إنّ المقالات المنشورة على هذه المواقع بدت كأنّها نسخ أعيدت كتابتها بناء على القصة ذاتها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

حدّدت منظمة "نيوزغارد" 1270 وسيلة إعلامية مليئة بالأخبار المضلّلة، وهي مواقع إخبارية تقدّم نفسها على أنّها مستقلّة. ويشمل ذلك مواقع حزبية يديرها اليمين واليسار فضلا عن شبكة دوغان الروسية.

وفي مقابل ذلك، كان هناك 1213 موقعا تابعا لصحف محلية تعمل في الولايات المتحدة العام الماضي، وفقاً لمشروع مبادرة الأخبار المحلية في جامعة نورث وسترن.

وأفاد تقرير سابق صادر عن "نيوزغارد" بأنّ "احتمالات أن ترى موقعا إخباريا مزيّفا يدّعي تغطية الأخبار المحلية أصبحت الآن أكثر من 50%".

ويأتي انتشار المواقع المزيّفة بالتزامن مع الانحدار السريع للصحف المحلية، إذ أغلقت العديد منها أبوابها أو سرّحت عدداً كبيراً من موظفيها نتيجة الأزمات الاقتصادية المتفاقمة.

وحدّدت جامعة نورث وسترن 204 مقاطعات من أصل 3 آلاف مقاطعة في الولايات المتحدة، على أنّها "صحارى إخبارية"، أي أنّه لا توجد فيها "صحف أو مواقع رقمية محلية أو إذاعات عامّة".

وفي هذا السياق، أشارت ماكينزي صادقي المحلّلة لدى "نيوزغارد" لوكالة فرانس برس إلى أن المواقع المزيّفة "تستغل الصحارى الإخبارية" من خلال الإسراع في ملء الفراغ الذي خلّفته وسائل الإعلام التقليدية.

وأضافت "يمكنها أن تضلّل الناخب بسهولة خلال سنة انتخابية، عبر نشر محتوى حزبي يصعب تمييزه عن محتوى الصحافة الموثوقة".

قال تقرير صادر عن غوغل بشأن التهديدات الإلكترونية، إن مجموعة قرصنة تعرف باسم APT42 مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، حاولت اختراق شخصيات ومنظمات رفيعة في إسرائيل والولايات المتحدة، بمن في ذلك مسؤولون حكوميون وحملات انتخابية.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه حملة كامالا هاريس عن تعرضها لهجوم من قراصنة إلكترونيين أجانب، وذلك بعد أيام من زعم حملة دونالد ترامب تعرضها لاختراق من قبل إيران. كما كشفت شركة غوغل أنها تواصل رصد محاولات لاختراق حسابات شخصية لأفراد مرتبطين بالرئيس جو بايدن.

وأشارت غوغل إلى أنها أحبطت محاولات من APT42 لاختراق حملتي بايدن وترامب عام 2020.

ووفقاً للتقرير، شملت قائمة أهداف مجموعة القرصنة الإيرانية في مايو ويونيو 2024 محاولات لاختراق حسابات البريد الإلكتروني الشخصية لنحو 10 أشخاص مقربين من بايدن أو ترامب، إلا أن شركة غوغل تمكنت من إحباطها.

وذكرت غوغل أيضا أن المجموعة اخترقت حساب "Gmail" شخصيا لمستشار سياسي مؤثر.

في الإطار ذاته، حجبت شركة ميتا عددا من الحسابات عبر تطبيق "واتساب" تعتقد أنها مرتبطة بمجموعة قرصنة إيرانية استهدفت مقربين من بايدن أو ترامب.

وكشف التحقيق أن هذا النشاط جاء عبر "إيه بي تي 42" إذ استهدفت مدافعين عن حقوق الإنسان في إيران وإسرائيل وسياسيين في الولايات المتحدة وباحثين وصحافيين متخصصين بالشأن الإيراني حول العالم، بحسب فرانس برس.

وتعمل مجموعة القرصنة APT42 من خلال جمع معلومات عن الأهداف ووضع خطط "تصيّد" لخداع الضحايا من أجل الكشف عن كلمات المرور الخاصة بحساباتهم مثل البريد الإلكتروني "Gmail".

على سبيل المثال، يتظاهر القراصنة بأنهم مؤسسة أبحاث أو جهة اتصال موثوقة لجذب الضحايا إلى عقد اجتماعات فيديو مزيفة، حيث تكون هناك حاجة إلى استخدام كلمات المرور لتسجيل الدخول للمشاركة.

وبينما جعبة القراصنة لا تخلو من تقنيات كثيرة للاختراق، إلا أن البعض منهم يختار أساليب "الهندسة الاجتماعية" التي تدفع الضحية للنقر على رابط مفخخ أو تسجيل الدخول إلى نسخة طبق الأصل عن صفحة ويب حقيقية.