"مسابح" من رحم العطش.. فاصل من المرح لأطفال سوريا

في مياه المسابح المؤقتة، حصل الصغار على هدنة قصيرة من حرارة الصيف، فَعَلَت قهقهاتهم وهم يقفزون في المياه، من مختلف الأعمار، ويمرحون في فرصة راحة نادرة.

بعضهم انشغل بالرقص على أنغام الموسيقى، التي يبثها مكبر للصوت، فتسود بهجة غير متوقعة.

على مقربة، يجلس محمد عزالدين، وهو نازح يبلغ من العمر 38 عاما، وله 5 أطفال، يراقبهم في حين يلهون في المياه بصحبة جيرانهم.

يشعر عزالدين أن التجربة إيجابية، إذ يقول لوكالة "فرانس برس": "أتمنى أن يتكرر هذا النشاط كل أسبوع، لأن الجو حار والأطفال بحاجة للترفيه عن أنفسهم واللهو.. بينما يعيشون في ضغط داخل مخيم محصور".

تلك التجربة غير اعتيادية أيضا من وجهة نظر الأب، الذي يؤكد أن أطفاله لم يرتادوا مسابح من قبل، فيشرح الأمر قائلا: "أكثر ما يمكننا فعله هو وضعهم في وعاء بلاستيكي مملوء بالمياه"، ذلك أيضا استثناء، إذ إن المياه ليست متوفرة طوال الوقت، كما يقول الأب.

تعاني مئات مخيمات النازحين في شمال سوريا وشمال غربها، من نقص حاد في المياه، يرده نازحون ومنظمات محلية وعاملون إنسانيون إلى توقف منظمات عدة عن تقديم خدماتها، جراء تراجع تمويل الجهات المانحة.

وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، يحتاج 4.1 مليون شخص في شمال غرب سوريا، يمثلون 80% من السكان، إلى دعم في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة خلال العام الحالي، لكن هذا القطاع هو "الأقل تمويلا"، بحسب المكتب.

ذلك الشح في المياه، يسري أيضا في مخيم "كفر ناصح" الذي يؤكد قاطنوه أنه منذ عام ونصف العام، لم تصلهم إمدادات مياه مجانية.

تؤوي المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في إدلب ومحيطها، أكثر من 5 ملايين نسمة، الجزء الأكبر منهم نازحون، بحسب الأمم المتحدة.

ومنذ سنوات، يعتمد قاطنو المخيمات المكتظة على مساعدات غذائية وطبية ولوجستية وإمدادات مياه، توفرها منظمات محلية ودولية في ظل فقر مدقع.

حبيبة حمدوش، جدة ستينية، تسكن مخيم النزوح منذ 6 سنوات، ومنحتها المسابح المؤقتة فرصة كي تشاهد 15 طفلا من أحفادها يلهون في المياه، في حين تلامس درجة الحرارة 45 درجة مئوية في أوقات الذروة، فتبدي الجدة امتنانها وتقول: "الأطفال يستمتعون بالمسابح التي تستطيع أن تجلب السعادة لهم وتخفف عنهم الحرارة".

إلا أن الجميع في المخيم متأثر بارتفاع درجات الحرارة وشح المياه، فتقول الجدة: "نحن كبار وصغار نريد المياه؛ لأنها شريان الحياة.. والمخيمات عطشى".

وتتحسّر الجدة على أطفال المخيم، إذ إنهم محرومون من كل شيء، فهم لا يعرفون ما هي المسابح، وبعضهم لم يرَ مسبحا من قبل، ولا يعلمون كيف يسبحون حتى.

وتوضح أن عددا من أحفادها كانوا صغارا قبل نزوحهم من محافظة إدلب المجاورة، ونشأوا على العطش والجوع والخيم والشمس، مضيفة: "ليفرح الله من أفرحهم".

ما أن ينهي الأطفال السباحة حتى يجلسوا حول طاولات بلاستيكية، وضعها فريق المتطوعين لتناول العصائر والفواكه، بينما تعلو الابتسامة وجوههم.

ويقول أيمن أبوتيم، وهو المسؤول عن فريق "ضع بسمتك"، لوكالة "فرانس برس": "هنا لا يعرفون ما هو المنتجع أو الرحلة إلى المسبح، لذا جلبنا المسبح إليهم".

ويُضيف: "لا يحتاج الطفل إلى مساعدات فقط، هو أيضا بحاجة إلى الترفيه واللعب والسباحة".