لماذا يريد الجيش الإسرائيلي "هدنة غزة" أكثر من نتنياهو؟

تصف صحيفة معاريف الأمر بـ"المشكلة التي لا يتحدث عنها أحد في غزة"، وهي أن الجيش الإسرائيلي يعاني من أزمة في المعدات بما في ذلك الزي العسكري وأزمة أخرى في المركبات المدرعة التي باتت مهترئة وتناقصت أعدادها وأصابتها أعطال.

الصحافي آفي أشكينازي يقول إن القتال الطويل في غزة وجبهة الشمال يفرض ضريبته على التشكيلات في الجيش الإسرائيلي، لدرجة لجوء الضباط إلى "الاقتصاد في استخدام قطع الغيار"، بجانب إعدادهم تقارير عن نقص في الزجاج الأمامي الأساسي للمركبات القتالية المدرعة.

كذلك قسم التكنولوجيا واللوجستيات أصابه الإنهاك بعد عمل أكثر من 10 أشهر على إدارة الكفاءة اللوجستية للوحدات، وهي المدة الأطول في تاريخ إسرائيل.

الجيش يعطي الأولوية، الآن، للحصول على قطع الغيار، وهو ما أدى لنقص في أمور أخرى مثل أزياء الجنود العسكرية، رغم إبلاغهم منذ أشهر عن نقص حاد في إمدادات الزي العسكري.

تكشف صحيفة معاريف أنه في بعض الحالات، يُطلب من الجنود الذهاب بزي عسكري ممزق، بسبب نقص الوحدات في إمدادات الزي العسكري. ويقول مقاتلون في أحد ألوية الاحتياط في غزة إن "الأدوات مهترئة بالفعل. يعمل الجنود على مدار الساعة، وهم غير قادرين على التعامل مع جميع الأعطال في المعدات، التي يتم إرسالها للصيانة، لكن معظمها ليست في حالة جيدة".

وتنقل الصحيفة عن آباء بعض الجنود الذين يقاتلون في خان يونس قولهم "لقد تم وضعهم للقتال داخل مدرعة نمر معطوبة لا يعمل مكيف الهواء الخاص بها. ويعد مكيف الهواء في مثل هذه المدرعة ضروريا لسلامة الجنود الذين يُطلب منهم التحرك داخل عربات مدرعة".

وتشرح والدة أحد الجنود: "الجيش يقلي جنوده في الأطباق"، في إشارة لسخونة الجو داخل المدرعة المغلقة.

يكشف أشكينازي في تقريره أنه في ظل النقص الحاد في المعدات والمركبات، لا يقوم الجيش الإسرائيلي بإلغاء استخدام الأدوات القديمة، بل يحاول تجديدها ويجبر الجنود على استخدامها.

وتنقل معاريف عن مصادر عسكرية قولها إن وقف إطلاق النار في غزة قد يساعد الجيش الإسرائيلي على رفع مستوى كفاءة الأدوات المختلفة: "هذا سيجعل من الممكن إجراء المعالجات اللازمة على الأدوات التي تضررت أو تآكلت بسبب القتال الطويل".

من البنود التي ما تزال عالقة في مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى، تمسك نتنياهو ببقاء الجيش الإسرائيلي في "محور نتساريم" الذي يفصل شمال غزة عن جنوبه، وتقييد عودة النازحين.

إسرائيل أقامت تلك المنطقة العازلة بطول 8 كيلومترات وعرض 4 كيلومترات، أي بما يقارب مساحته 10% من مساحة قطاع غزة، ونصبت فيها حواجز وكمائن تفتيش وأماكن لتمركز القوات والآليات المسلحة لمنع مرور أي شخص من الجنوب نحو الشمال.

لكن رغم إصرار نتنياهو على المحور، إلا أن جنوده وضباطه المتواجدين هناك لهم رأي آخر، ويريدون الخروج من هذه المنطقة في أقرب فرصة.

فبحسب موقع والا الإسرائيلي، يشكوا جنود الفرقة 252 في محور نتساريم من مشكلات صحية خطيرة في تلك المنطقة بسبب انتشار الجرذان التي تأتي للبحث عن الطعام، وتغزو أماكن إقامتهم.

أحد الجنود قال "كانت هناك حالات استيقظنا فيها على جرذ يركض على وجوهنا، المنطقة بأكملها تحولت إلى فوضى عارمة".

ويشتكي الجنود أيضا من قيام الكلاب الضالة بمهاجمتهم أثناء أنشطتهم، ويقول أحدهم "لقد تعرضت لهجوم من قبل مجموعة من الكلاب في أحد المرات التي خرجت فيها خارج الملجأ".

الجنود يقولون إن قطعان من الكلاب الضالة التي لم يتم تطعيمها تهاجمهم، وهو ما دفع بعضهم لاستخدام الذخيرة الحية ضد تلك الكلاب. وفي إحدى الحالات، رأى الجنود كلبا يحمل جمجمة بشرية من جثة أحد الفلسطينيين الذين قتلوا في الحرب، بحسب تقرير للموقع.

ويشكو جنود الفرقة المقاتلة من تكدس القمامة، وهو أحد العوامل التي تجذب الكلاب الضالة والقطط والجرذان نحوهم، ما يزيد اجحتمال إصابتهم بأمراض.

تحدث جنود في الفرقة المقاتلة من غياب المراحيض في منطقة نتساريم، ما يدفعهم لقضاء حاجتهم في أكياس أو زجاجات، يقول أحدهم: "يخاف الجندي من مرض الزحار (دوسنتاريا) أكثر من مقاتلي حماس".

بحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن قادة قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي يحذرون من أن نسبة حضور الجنود والضباط في انخفاض حاد، خاصة أولئك الذين انخرطوا في القتال بعد السابع من أكتوبر.

دخول الحرب شهرها التاسع وامتداد فترات الاحتياط لأشهر فاقمت أزمة تهرّب الإسرائيليين عن الخدمة في قوات الاحتياط بعد تعرض من انخرطوا في الخدمة لخسائر مادية ونفسية كبيرة.

تقول القناة 12 إن نسبة حضور الإسرائيليين لخدمة الاحتياط عند استدعائهم لا تتجاوز 60% وأن تلك النسبة آخذة في الارتفاع.

قائد كتيبة في الاحتياط يكشف للقناة 12 أن بعض الجنود وضباط الاحتياط لديهم أسباب مختلفة تدفعهم للامتناع عن العودة للخدمة مع طول أمد الحرب، وبعد أن أمضى بعضهم شهورا في القتال وهو ما أثر سلبا على أعمالهم الخاصة ووظائفهم وعائلاتهم.

"بعضهم أصيب بجروح، وزوجة أحدهم في خطر، وآخر انهار منزله وسيطلّق زوجته. لا توجد طريقة لإقناعهم بالخدمة بعد أن أمضوا بالفعل 140 يوما في صفوف الاحتياط".

ولسد العجز، لجأت كتائب الاحتياط لتجنيد متطوعين عبر مجموعات فيسبوك أو مجموعات مخصصة على واتساب، بحسب تقرير القناة 12.

بعد 7 أكتوبر أصدر الجيش أمرا باستدعاء قوات الاحتياط، فلبى النداء نحو 360 ألف ضابط وجندي للقتال في غزة.

صحيفة معاريف تقول إنه عندما يقوم قادة الجيش بزيارة الجنود في الميدان، فإن جميعهم يرددون نفس العبارة "الصعوبات"، سواء الصعوبات في العمل أو في الحياة الزوجية، أو في الدراسة الأكاديمية بسبب طول فترات الانخراط في الجيش.

وبالنسبة للمصابين، فيصل عددهم إلى حوالي 1000 جندي شهريا، بين إعاقات بدنية أو نفسية ويخضعون للعلاج، وتتوقع وزارة الدفاع الإسرائيلية أن يصل عدد المعاقين إلى حوالي 20 ألف جندي بحلول نهاية العام الجاري.