ما الذي يخسره ماسك بصداقة ترامب؟

خلال الحوار الأخير، الذي ظهر خلاله دونالد ترامب على منصة إكس رفقة إيلون ماسك، بدا أن الرجلين ينعمان بانسجام ما، لكن الانسجام أتى بعد علاقة عاصفة مضطربة، بدأت خلال ولاية ترامب الأولى في البيت الأبيض.

حينها عمل مالك تسلا ضمن المجموعة الاستشارية للأعمال في البيت الأبيض، لكنه استقال من منصبه واحتج على انسحاب الرئيس آنذاك من اتفاقية باريس للمناخ.

على منصة إكس، سخر ماسك جزءا من جهده للسخرية من ترامب، خاصة في ما يتعلق بتقدمه بالعمر، وأنه غير مناسب لخوض فترة رئاسية جديدة.

ترامب على الجهة الأخرى، رد الصفعات بطريقته الخاصة، واتهم ماسك بالكذب، ووصفه بأنه "فنان هراء" و"عديم القيمة" من دون دعم الحكومة الأميركية.

إلا أن الرجلين، استطاعا ترميم العلاقة بشكل ما، إلى حد عمل ماسك على دفع دوائر قادة الأعمال إلى تأييد ترامب أو على الأقل عدم تأييد المرشح الديمقراطي وقتها، جو بايدن.

وفي أعقاب محاولة اغتيال ترامب، أعلن ماسك أنه يؤيده تماما في الانتخابات الرئاسية.

في منتصف أغسطس، كان ترامب قد تعافى من إصابته في محاولة الاغتيال وبات جاهزا لاستحواذ على الأضواء، وهذه المرة كان مصدر الضوء، منصة إكس، وبالتحديد خاصية سبايسيز، التي تبث الحوارات مباشرة إلى الجمهور.

وانضم ترامب إلى ماسك في حوار مفتوح أثار الكثير من الجدل، وبدأ بمشكلة تقنية، أرجعها مالك منصة إكس ذاته لهجوم إلكتروني، يستهدف محاولة حجب اللقاء، فقرر أن يثني على رفيقه بطريقته الخاصة ويقول في بداية الحوار: "هذا الهجوم الضخم يُظهر أن هناك معارضة كبيرة لمجرد أن يستمع الناس إلى ما يقوله الرئيس ترامب".

خلال الحوار، بدا أن كلا الرجلين يسبح على موجة أثير واحدة، فبينما تحدث ترامب عن وعد "أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة"، أيده ماسك في قوله، وشبه تدفق المهاجرين على الحدود الأميركية بأفلام "الزومبي" ونهاية العالم.

وعندما جنح ترامب إلى الحديث عن هاريس وعدم أحقيتها في الترشيح بديلا عن بايدن، سار ماسك في المسار ذاته، ووصف هاريس بأنها مرشحة "اليسار المتطرف".

اكتسب ماسك صديقا جديدا بالطبع، لكن تحليل حديث لصحيفة بوليتيكو، يشير إلى أن علاقته الوطيدة بترامب قد تجلب عليه العداوات أيضا وتؤثر على أعماله.

فيقول المحلل، تيفي تروي، أن منتجات ماسك بحاجة إلى مشترين، سواء كان هؤلاء المشترين أفراد أو عقود حكومية، وقد يعزف المشترون عن التوجه لماسك في حال لم تعجبتهم أجندته السياسية.

وفي حال جاءت إلى السلطة إدارة هاريس في نوفمبر، ربما تحظى شركات ماسك بعقود حكومية أقل في إطار انتقامي.

ويدلل تروي على دقة الموقف الذي وضع ماسك نفسه فيه، بما حدث لمؤسسة مجلة تايم الأميركية، هنري لوس، الذي بذل كل ما في طاقته لمحاولة دعم الحملة الترويجية للمرشح الجمهوري دوايت أيزنهاور، وسخر مجلته الأثيرة في سبيل ذلك.

فمن جهة بدأ فريق المجلة ذاته يضيق بلوس، إذ وصفوا آنذاك أنهم يعملون لدى المتحدث باسم أيزنهاور، إلا أن لوس رد عليهم بغلظة، مؤكدا أنهم قد يقيل أي منهم، ما أدى لانخفاض شعبيته.

أما بالنسبة لجمهور القراء فقد تراجعت سمعة صحيفة تايم، بسبب تأييدها التام لسياسة الرئيس، وبين عموم المثقفين، بدأ يُنظر للمجلة نظرة دونية كأنها مجلة متوسطة المستوى.

هناك عقبة أخرى قد تحيل حياة ماسك إلى جحيم، خاصة ما إذا قبل عرض قدمه ترامب، وأصبح جزءا من إدارته؛ وهي أعضاء مجلس الشيوخ.

فإذا عمل ماسك وزيرا بالفعل، سيكون عليه السعي دائما للحصول على قبول أعضاء مجلس الشيوخ، وهو الأمر الذي سوف يشكل عقبة في طريقه، بالإضافة إلى ذلك قد يطلب الشيوخ من ماسك التخلص من أصوله التي قد تسبب شبهات تضارب المصالح، كالتخلص من شركة تسلا ما إذا انضم لوزارة النقل، أو التخلص من سبايس إكس إذا انضم لوزارة الدفاع، كما يشير تحليل نشرته شبكة سي إن إن.

وتشير الشبكة إلى أنه وفقا للقانون، لا يمكن لشخص أن يعمل في مجال حكومي قد يؤثر على شؤونه المالية، ما يجعل وضع شركات ماسك في خطر.

وفي العادة، يتخطى المرشحون للمناصب الرسمية هذه العقبة من خلال التخلص من أسهمهم وممتلكاتهم المثيرة للجدل، إلا أن إقدام ماسك، وهو أكبر مساهم في تسلا على سبيل المثال، على بيع أسهمه في الشركة قد يؤدي إلى انهيار أسعار الأسهم وحدوث تداعيات كبيرة.

ويقول المدير الإداري لشركة Wedbush Securities، دان إيفز، للشبكة الأميركية، إن آخر شيء "يود الشارع رؤيته"، هو ماسك إلى جوار ترامب في البيت الأبيض، مؤكدا أن سيناريو عرض منصب وزاري على الملياردير كارثي، ولا يرغب مساهمو تسلا في رؤيته.

فيما يبدو أن مساهمي تسلا منزعجين بالفعل، بسبب أنشطة ماسك العشوائية، خاصة حجم الوقت الذي يمضيه على منصة إكس لمشاركة "الميمز".