"ديليفري المحاصرين".. طفل ينقذ المرضى بدراجته في جنين

انهى كريم الصف التاسع الأساسي لتوه وهو ينتظر بداية السنة الدراسية الجديدة ليصبح ابن الصف العاشر وصاحب الـ15 سنة. الظروف المعيشية جعلت منه طفلا يعمل خلال العطلة فمن قبل الاجتياح الأخير وكريم جرار يعمل داخل بسطة في مستشفى جنين الحكومي.

خلال اليوم الأول من الاجتياح والحصار الذي أطبقته إسرائيل على المستشفى، نفذت المواد التموينية من داخل المستشفى، فتجرأ كريم وخرج من بين الآليات العسكرية عبر دراجته الهوائية ليجلب الماء والمواد التموينية اللازمة له وللمرضى في الداخل.

"كريم الديليفري" عبر لبلينكس عن فرحته بالمساعدة التي يقدمها للآخرين، وقال: "ينادونني داخل المستشفى كريم البطل". عمل كريم منذ بدء الاجتياح على توصيل الحليب والمياه والفوط للأطفال والنساء والمرضى المحاصرين في المستشفى.

يمر كريم بين الآليات العسكرية مرات عدة، وفي كل مرة يتم تفتيشه، وأحيانا يلقي الجنود أغراضه على الأرض. ابتسم كريم خلال مقابلته مع بلينكس وهو يسرد لنا أول مرة خرج فيها لشراء المواد التموينية من بين الجيبات العسكرية، وقال: "في المرة الأولى ارتبكت وخفت المرور من بين الآليات العسكرية، وتعرضت للتفتيش، لكن في المرات التي تلتها لم تعد هذه المشاعر تنتابني".

"بطل الديليفري" كما يصفه المرضى المقيمون في المستشفى يقول لبلينكس: "علشان السيارات ممنوع تتحرك أنا بروح على البسكليت بشتغل وبساعد الناس والمرضى والمحتاجين والأطفال هذا مصدر رزقي".

رحلة كريم من بعد اجتياز الجيبات العسكرية أمام المستشفى ليست سهلة، فهو يقطع مسافة بعيدة جدا ليجد سوبرماركت مفتوح ليشتري الأغراض. وتنتشر الآليات العسكرية والجنود الإسرائيليون في أغلب أحياء وشوارع مدينة جنين وهذا ما يشكل خطرا على حياة سائق الديليفري كريم.

"ما يزيد الطين بلة" على حد تعبير كريم أن الإنترنت مقطوع والكهرباء أيضا، وهذا ما يعرقل مهمته نظرا لصعوبة التواصل مع الناس ليعرف أماكن تواجد الإسرائيليين ويبتعد عنها. هذا بالإضافة إلى صعوبة الحركة في الشوارع التي تم تجريفها وتجميع التراب في وسطها لتصبح أشبه بالجبال.

بدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحه لمدينة جنين بإغلاق مداخل المستشفيات وعزلها عن محيطها ووضع دوريات دائمة للجيش على بواباتها، هذا ما حدث في مستشفى جنين الحكومي المعروف باسم مستشفى الدكتور خليل سليمان، وكذلك في مستشفى الرازي الخاص ومستشفى ابن سينا الخاص.

يفتش الجيش الإسرائيلي كل سيارة إسعاف تدخل إلى المستشفى ويمنع دخولها حتى يتأكد من هوية المسعفين والمصابين، ويقول المحيطون بالمستشفى إن الجيش يطلب هويات المصابين كي يتأكد أنهم مدنيون، لذلك لم يتم إسعاف أي مقاتل فلسطيني خلال المعارك الدائرة لأن إسرائيل لا تسمح بذلك.

ووسط هذا التضييق على مستشفيات المدينة، اختتم كريم مقابلته مع بلينكس قائلا، حتى لو استمر الحصار لسنة "سأظل أساعد الناس حتى النفس الأخير".