السيسي وأردوغان يتصافحان.. الاقتصاد يداوي جراح السياسة

هذه الزيارة الأولى للسيسي إلى تركيا منذ توليه السلطة في مصر. وكان نظيره أردوغان قد زار القاهرة في شهر فبراير الماضي وللمرة الأولى أيضا، منذ 12 عاما.

وتقول وكالة "الأناضول" شبه الرسمية إن الرئيسين سيوقعان نحو 20 اتفاقية في مجالات الدفاع، والطاقة، والسياحة، والصحة، والتعليم، والثقافة.

وسيتم ذلك في أعقاب عقد السيسي وأردوغان اجتماع "مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى".

تضيف الوكالة أن الهدف من الاتفاقيات هو زيادة حجم التجارة إلى 15 مليار دولار، بعدما كان في السابق 10 مليارات دولار.

وتشير أيضا إلى أن جدول أعمال الرئيسين سيشمل تنفيذ مشروعات مشتركة وتمهيد الطريق أمام استثمارات كبيرة في قطاع الدفاع.

العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا كانت تدهورت منذ عام 2013، وبعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي.

ومنذ تلك الفترة، وقف كل من أردوغان والسيسي على طرفي نقيض.

ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل وصلت الحالة إلى حد إطلاق تصريحات عدائية من جانب أردوغان مستهدفا بها السيسي.

وبعد العام 2020، بدأ البلدان محادثات استكشافية لبحث القضايا الإشكالية على رأسها ملف جماعة الإخوان.

ووصلت نقاشاتهم المتبادلة إلى نقطة المصافحة التي جرت أولا في قطر بين السيسي وأردوغان ومن ثم الزيارات المتبادلة التي حصلت قبل 7 أشهر.

يرى خبير العلاقات الدولية المصري الدكتور أيمن سمير، أن ما يجمع تركيا ومصر "مساحة سياسية مشتركة" إلى جانب الاقتصاد.

ويستعرض في حديثه لبلينكس الأولويات المشتركة وهي:

• الرؤية الموحدة بخصوص الحرب الإسرائيلية في غزة، وضرورة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وحل الدولتين.

• إحداث نوع من الهندسة الجديدة لإقليم الشرق الأوسط، بمعنى تصفير المشكلات وتبريد الصراعات وتهدئة التوترات.

• تعزيز المكاسب التي يحصل عليها كل طرف من الآخر.

ويقول سمير "تركيا دولة مهمة في الشرق الأوسط ومصر كبيرة ومحورية ولها تأثير كبير، وتاليا كل طرف يستطيع أن يتكئ على الآخر في تحقيق سلسلة من المكاسب السياسية".

وفي ما يتعلق بالاقتصاد، يشير سمير إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لم تنقطع رغم القطيعة السياسية التي حصلت منذ 2012.

ويوضح أن مصر لديها اتفاقية تجارة حرة مع تركيا منذ 2007، ولم تتوقف.

كما يجمع مصر وتركيا "تبادلات تجارية كبيرة تصل إلى 8 مليارات دولار". ويشير سمير إلى أن "مصر هي أكبر شريك تجاري لتركيا في أفريقيا"، وأن "تركيا خامس شريك تجاري بالنسبة لمصر".

يعتبر الباحث السياسي والاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن "زيارة السيسي إلى أنقرة تمثل بداية حقبة جديدة".

ويقول لبلينكس "الأولوية الآن هي المصالح المشتركة بين البلدين. الاقتصاد هو المحور الأساسي الذي تسعى إليه مصر وتركيا من أجل تثبيته كنقطة ارتكاز".

كما يضيف كاتب أوغلو "الاقتصاد هو الصيغة السحرية لمعالجة آثار القطيعة التي عصفت بالعلاقات الثنائية".

وتريد تركيا الاستفادة من السوق المصرية، وتعتبره مفتاح المنطقة الأفريقية، وتراه إنتاجيا بعمالة بسيطة.

وفي المقابل تريد مصر الاستفادة من تركيا كدولة محورية إقليمية كبرى لديها صناعات متعددة على رأسها الدفاعية، وفق الباحث التركي.

قبل زيارة أردوغان الأخيرة إلى القاهرة، قال وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، إن بلاده "وافقت على تزويد مصر بطائراتها المسيرة".

وأشار إلى أن الصفقة تأتي في "إطار تطبيع العلاقات بين البلدين". وذكرت وسائل إعلام تركية حينها أن فيدان كان يقصد طائرات "بيرقدار".

ولم يصدر أي تعليق مصري حول الاتفاقيات الدفاعية وفكرة شراء طائرات مسيرة، حسب ما يوضح الخبير المصري، أيمن سمير.

لكنه يقول "بتقديري.. سيكون هناك تعاون مصري تركي في مجالات أمنية كثيرة وليس في موضوع الطائرات لأن البلدين كبيران ولديهما مصالح كبيرة في الإقليم العربي والشرق المتوسط وأفريقيا".

"تركيا لديها قاعدة في الصومال ومصر ستشارك في قوات حفظ السلام هناك"، وتاليا التعاون الأمني والتنسيق سيكون هدفا رئيسيا في زيارة السيسي لتركيا، بحسب الخبير المصري.

ويضيف كاتب أوغلو أن أبرز اتفاقية سيتم توقيعها هي "التعاون الاستراتيجي المشترك".

وفي حين لا يستبعد إبرام صفقات عسكرية ودفاعية، يعتقد أن التركيز الأكبر سيكون على ملف ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.