أثرياء الحرب.. إسرائيليون يبيعون البطاطا لغزة

نقص الأيدي العاملة الآسيوية، ومنع دخول العمال الفلسطينيين، وخطورة الوضع الأمني في الشمال وغلاف غزة، 3 أسباب أدّت لتدهور قطاع الزراعة الإسرائيلي بشكل كبير.

مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بلغت 1000 دونم أحرقت في الشمال، بفعل التصعيد العسكري مع حزب الله، بينما أتلف بعض المزارعين محاصيلهم بأيديهم؛ لأنه لا يوجد عمال يجرؤون على دخول الأراضي في ظل اندلاع الحرب.

وتنقل صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن رئيس مجلس الفاكهة، راني بيرنز، قوله: "لقد دمّرت بنفسي 90 طنا من الفاكهة، لأنني لم أجد طريقة لقطفها، ولست الشخص الوحيد الذي فعل ذلك".

كيلو البطاطا في مدينة غزة وصل سعره إلى ما بين 150 و200 شيكل، بينما كيلو البندورة تجاوز 320 شيكلا، وكيلو البامية 350 شيكلا، وكيلو الخيار 55 شيكلا، وكيلو الباذنجان من 40-50 شيكلا.

هذه الأسعار الفلكية، التي تضاعفت 50 مرة وأكثر، جعلت غزة المدينة الأغلى في العالم، بسبب سياسة التجويع المتعمّد كسلاح حرب تنتهجه إسرائيل.

ويقيّد الجيش الإسرائيلي عدد الشاحنات المسموح لها بدخول القطاع، ويفرض حظرا عشوائيا على العديد من السلع، ويقصف عناصر الشرطة ولجان الطوارئ المحلية التي تعمل على حماية المساعدات، ليتيح المجال أمام أعمال السرقة والفوضى، كما يقيّد حركة القوافل الإغاثية داخل قطاع غزة، ويفرض قيودا أكثر تشدّدا على شمال القطاع.

صحيفة "إسرائيل هيوم" تقول إنه بالإضافة للأسباب السابقة، فإن العديد من المزارعين الإسرائيليين يفاقمون المشكلة ببيع بضائعهم لقطاع غزة.

في العادة، نحو 20% من إنتاج الفاكهة في إسرائيل يبيعها الإسرائيليون لغزة، بواقع 70 شاحنة يوميا، وفقا ليديعوت أحرونوت. لكن حتى في الحرب وفي ظلّ القيود الصارمة التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على القطاع، ما زال المزارعون الإسرائيليون يتربّحون من الحصار على غزة، بإرسال 15 شاحنة يوميا.

كيلو البطاطا في إسرائيل يباع حاليا بنحو 4-4.5 شيكل، ليحصل المزارع على ربح بمقدار 2-2.5 شيكل للكيلو الواحد. لكن في مدينة غزة، يبلغ سعر حبّة البطاطا الصغيرة الواحدة 22 شيكلا، ويصل الكيلو لـ200 شيكل، بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية، وهو ما قد يفسّر إقبال المزارعين على تصدير منتجاتهم للقطاع، رغم نقصها في السوق المحلية.

سكرتير اتحاد مزارعي الخضار، مئير يعفارة، حاول طمأنة الإسرائيليين بالقول إن البطاطا يمكن زراعتها أيضا في فصل الخريف، وتخزينها في غرف التبريد، لضمان عدم وجود نقص والإبقاء على سعر معقول لها.

ويبرّر سكرتير جمعية مزارعي البطاطا، أورين بارنيا، بيع المحاصيل لغزة، رغم النقص وحالة الحرب مع القطاع، بالقول "هذه دولة حرة"، والقرار يعود للتاجر الإسرائيلي في المقام الأول، ليتصرف في محصوله كيفما شاء.

تقول "إسرائيل هيوم" إنه بعد ورود معلومات لوزارة الزراعة عن بيع البطاطا بكميات كبيرة لغزة، "تواصلت مع جمعية المزارعين، لطلب تنظيم كميات البطاطس المباعة لغزة، والتأكّد من امتلاء الرفوف في إسرائيل".

كيبوتس بئيري إحدى البلدات الإسرائيلية في غلاف الغزة التي تعرّضت لهجوم في السابع من أكتوبر، وقُتل فيها أكثر من 100 إسرائيلي.

مَشاهد الدمار والحريق في الكيبوتس جعلتها ركنا أساسيا في البروباغاندا الإسرائيلية لحشد دعم دولي للحرب، وعكفت تل أبيب على اصطحاب أي زائر للبلاد لبئيري، لاستدرار مشاعر التعاطف مع إسرائيل، كما فعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع الملياردير الأميركي إيلون ماسك، في 28 نوفمبر الماضي.

لكن نفس هذا الكيبوتس، يتربّح من القطاع المحاصر عبر بيع محاصيله الزراعية للفلسطينيين المحاصرين في القطاع.

القناة 12 الإسرائيلية، قالت في شهر يوليو، إن أحد جنود الاحتياط الإسرائيليين في مدينة رفح، أصابته الدهشة عندما رأى لافتة معلّقة على حمولة إحدى الشاحنات الداخلة لغزة، تشير إلى أن أكوام البطاطا المحملة على متن المركبة جاءت من كيبوتس بئيري.

تقول القناة إن بعض سكان الكيبوتس، الذين تأثروا بشكل كبير بسبب هجوم 7 أكتوبر، طالبوا بعدم بيع بضاعتهم لغزة "بأي شكل من الأشكال"، بالإضافة لمطالبة العديد من الإسرائيليين بمنع دخول العمال الفلسطينيين لإسرائيل بشكل كامل.

زعمت القناة أن الشاحنة، التي شوهدت في رفح، لم تأتِ مباشرة من الكيبوتس، وأنه من غير الواضح ما إذا كان أحد التجار الإسرائيليين اشترى البطاطا من بئيري وباعها لغزة.