إسرائيل تعبّد فيلادلفيا.. بقاء أم منطقة عازلة؟

يحدّد الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، أحمد عادل، لبلينكس، دلالتين رئيسيتين لإقدام إسرائيل على هذه الخطوة كالآتي:

• أي قوات تمهد طريقا، يعني أنها ستستخدمه لمدة طويلة.
• رصف الطريق يعني تجهيزه لتحمّل معدات ثقيلة الحجم.

ويشير عادل إلى أن ذلك يعني أن إسرائيل تخطّط للبقاء في الممر لفترة طويلة، لا تقل عن 6 أشهر.

في سياق متصل، يشير المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدج لندن، الدكتور أندرياس كريغ، في حديثه لبي بي سي، إلى أن إسرائيل تحاول فرض سياسة الأمر الواقع بالبقاء في محور فيلادلفيا، مؤكدا أن أفعالها لا تنبئ بالانسحاب من المحور ولا القطاع في وقت قريب.

ويستشهد كريج بطريق تم بناؤه في وقت سابق من هذا العام، من قبل القوات الإسرائيلية عبر شمال غزة، عرف باسم ممر نتساريم، وقال: "إذا نظرت إلى الاستثمارات التي تم إجراؤها في الممر، فمن الواضح أنهم لا ينوون الانسحاب في أي وقت قريب، فقد أقاموا حواجز خرسانية وقواعد عمليات أمامية بأبراج وجدران، لا يمكنك بناء مثل هذه الأشياء إذا كنت تخطط للانسحاب".

وفي حديث سابق لبلينكس، عدّد رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الدكتور سيد غنيم، عدة سيناريوهات لتنفيذ إسرائيل خطتها بفرض السيطرة العسكرية على القطاع، كان أبرزها تركيز إسرائيل على وسط وجنوب غزة، مع استمرار السيطرة على طريق صلاح الدين، الواصل بين شمال القطاع وجنوبه.

وأشار غنيم إلى احتمالية تركيز إسرائيل على إنشاء منطقة عازلة عند "ممر فيلادلفيا"، المتاخم للحدود المصرية، وكذلك "ممر نتساريم" وسط القطاع، مع عدم تخليها عن شارع صلاح الدين، الواصل من معبر إيريز الإسرائيلي شمالا، إلى معبر رفح الفلسطيني جنوبا في رفح.

الموقف الإسرائيلي اتضح أخيرا مطلع سبتمبر، بإعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفضه التام الانسحاب من محور فيلادلفيا، حتى في حال التوصل لصفقة تبادل أسرى، وأضاف أن إسرائيل ستركز الآن على إضعاف "القدرات الحكومية" لحماس.

ويزعم نتنياهو أن المحور بمثابة "شريان حياة" لحماس، وأن وجود إسرائيل فيه سيخنق حماس وسيمنع تدفق الأسلحة إليها، وهو الأمر الذي رفضته مصر في بيان لوزارة الخارجية، واعتبرت فيه تصريحاته بأنها محاولة لعرقلة التوصّل لوقف إطلاق النار بقطاع غزة ولصفقة تبادل الأسرى، ولعرقلة الوساطة المصرية القطرية الأميركية.

خلال الفترة ما بين 26 أغسطس و5 سبتمبر، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية، الملتقطة على فترات منتظمة، رصفا جديدا على طول جزء من الطريق، يمتدّ لمسافة 6.4 كيلومتر إلى الداخل من الساحل، على طول السياج الحدودي.

أعمال الرصف ظهرت في فيديو نشره ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي، على موقع "إكس"، في 4 سبتمبر 2024، يوضّح أعمال البناء التي أقيمت ليلا، على طول امتداد السياج الحدودي.

وظهرت في الفيديو، أعمال رصف الطريق ووضع طبقة الإسفلت بعرض كافٍ، لمرور سيارتين كبيرتين.

أعمال الرصف تلك تتم في قلب المحور الذي يضم معبر رفح مع مصر، وهو المعبر الوحيد في غزة الذي كانت إسرائيل لا تسيطر عليه بشكل مباشر، قبل اقتحامه في مايو الماضي، وهو مفتاح لتسليم المساعدات.

المحور في حد ذاته، الذي يعد شريان حياة للقطاع، يبلغ طوله 12.6 كيلومتر، ويمتد على الحدود المصرية من معبر كرم أبوسالم جنوبا، حتى البحر الأبيض المتوسط شمالا.

المشهد الأبرز في هجوم 7 أكتوبر، كان للمسلحين الذين اقتحموا مستوطنات الغلاف على ظهر عربات "تويوتا" بيضاء، قبل عودتهم بالأسرى، ما أثار أسئلة عن مصدرها، وسط اتهامات بأن هذه السيارات هُرّبت عبر الأنفاق.

لكنّ تحقيقا نشرته صحيفة "معاريف"، قال إن المركبات التي هاجمت مستوطنات سديروت وأوفاكيم، حصلت عليها حماس، عبر ميناء أشدود الإسرائيلي، وتم إدخالها بصورة رسمية عبر معبر كرم أبوسالم، الواصل بين إسرائيل وغزة.

وعن تصنيع الصواريخ التي تقصفها حماس، تقول الصحيفة إن حماس تنتج صواريخها وقذائفها محليا، في معامل تصنيع بمدينتي غزة وخان يونس، بفضل "ماكينات" مصنوعة في إسرائيل.

وتضيف أن حماس في العادة تشتري تلك المخارط من مصانع ومعامل إسرائيلية تم إغلاقها أو ترغب بتجديد آلاتها، وأن حماس تستورد هذه الآلات كـ"نفايات حديدية" إلى غزة، قبل تحويلها إلى معدات لصناعة الصواريخ والذخائر.

أما الأنفاق، فرغم الرقابة الإسرائيلية على مواد البناء، التي تدخل القطاع منذ 2014، من خلال تقديم من يريد استخدام الأسمنت لوثائق حول أماكن الاستخدام والكميات المطلوبة، تقرّ "معاريف" بأن حماس بنت أنفاقها في غزة بخرسانة، حصلت عليها من إسرائيل عبر معبر كرم أبوسالم.