كيف يستعد ترامب وهاريس لمناظرة الثلاثاء؟

ترامب معتاد على الشاشة، فهو وجه برنامج The Apprentice الذي ينتمي إلى طائفة تلفزيون الواقع، كما أنه ظهر في أفلام سينمائية، وبالطبع لديه باع في الظهور في المناظرات التلفزيونية، منذ أن حوّل دفته إلى السياسة بعد عالم الأعمال والإعلام.

ومن بين لحظاته الشهيرة، إعلانه في مناظرة في عام 2016 أن منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، يجدر بها أن تكون "في السجن".

ولكن يبقى السؤال المطروح الآن، كيف سيتصرف ترامب في مواجهة منافسته الجديدة كامالا هاريس، الذي ينعتها بشكل متكرر بـ"الماركسية" و"الشيوعية"؟

لم يكشف ترامب سوى معلومات ضئيلة جدا عن الاستراتيجية التي سيتبعها خلال المناظرة، إذ قال ببساطة خلال لقاء مع ناخبين مطلع سبتمبر: "سأدعها تتكلم"، مضيفا: "يمكنكم الحضور مع كل الاستراتيجية التي تريدون، لكنه يتعيّن عليكم التكيف مع الأجواء" خلال المناظرة.

وفي الوقت الذي يرى فيه ترامب بأنه ليس بحاجة إلى تحضيرات خاصة، فإنه يقر بأن لديه "اجتماعات حول المسألة، نناقش الأمر، لكن لا يمكن القيام بالكثير".

لكن هناك استراتيجية غير مباشرة، بدأ ترامب بالفعل ممارستها فيما يخصّ مناظرة الثلاثاء، وهي "الدفاع بالهجوم".

الهجوم ليس على هاريس فقط، وإنما على الجهة المستضيفة للمناظرة، شبكة "إيه بي سي"، إذ يزعم الرئيس السابق أن إعلامييها متحيّزون ضده، وأن الشبكة وفّرت بشكل مسبق نسخة من أسئلة المناظرة لكامالا هاريس، بحسب صحيفة "بوليتيكو".

وقال ترامب لشبكة "فوكس نيوز" عن "إيه بي سي": "أعتقد أنهم سيئون، وأعتقد أن الكثير من الناس سوف يشاهدون المناظرة ليروا كم هم سيئون وغير عادلين".

إلا أن تلك الاستراتيجية ليست جديدة على ترامب، فقد مارسها مِن قبل في أثناء العد التنازلي لمناظرته مع جو بايدن في يونيو، إذ تتبع مشرف المناظرة جيك تابر بحديثه اللاذع، ووصفه بأنه "جيك المزيّف"، مؤكدا أنه سوف يعمل لصالح الرئيس الأميركي، لكن في أعقاب المنافسة التي فاز بها ترامب، أبدى الرئيس السابق موقفا مغايرا تجاه فريق المناظرة، ووصفه بالعادل.

وهذه السياسة مألوفة بالنسبة إلى ترامب، الذي يفضّل قبل المناظرات التشكيك في المشرفين، ومحاولة إظهار خصومه كأشخاصٍ يخرقون القواعد، وترجّح الصحيفة أن ترامب يستخدم تلك الاستراتيجية لمحاولة خفض التوقّعات بالنسبة إلى أدائه، بما يسمح له بقلب الطاولة ما إذا لم يُبلِ بلاءً حسنا.

من جهة أخرى، يمارس الرئيس السابق الضغوط على مشرفي المناظرة بهذه الطريقة، ليدفعهم في سبيل معاملته بشكل استثنائي.

على الجهة الأخرى، هاريس مدربة على الأخذ والرد في المناظرات، ومِن أبرز المناظرات التي خاضتها تلك التي كانت قبل الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في يونيو من عام 2019، وكان من بين منافسيها حينها، الرئيس جو بايدن.

وجذبت هاريس ليلتها الانتباه، حين أخذت على بايدن معارضته في السبعينيات لبرنامج يهدف إلى تشجيع الاختلاط والحد من الفصل العنصري، ونقل تلاميذ في حافلات إلى مدارس بعيدة، وهو برنامج استفادت منه هاريس نفسها حين كانت طفلة، وأسكتت هاريس بايدن بقولها "تلك الطفلة -تقصد في الحافلة- كانت أنا".

لكن هذا الرد لم ينجح في إنقاذ حملتها التي أوقفتها قبل موعد الانتخابات التمهيدية، إلا أنه سلّط الأضواء، ولو بصورة مؤقتة، عليها.

وبرزت هاريس في مناظرة أخرى دارت في 7 أكتوبر 2020، بينها وبين المرشّح لمنصب نائب الرئيس على بطاقة ترامب، مايك بنس، ونهرت منافسها بسطوة هادئة قائلة له مرّتين "السيد نائب الرئيس، إنني أتكلم".

لكن سجل هاريس حافل بمواقف غير موفّقة أيضا، ففي عام 2019، عجزت عن الرد على هجمات مرشّحة أخرى في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، هي تالسي غابارد، حول حصيلتها كمدعية عامة.

وأفادت تقارير إعلامية مؤخرا بأن غابارد، التي انتقلت إلى الجناح الجمهوري من الساحة السياسية الأميركية، تعمل حاليا على تحضير ترامب لمواجهته المرتقبة مع هاريس.

على الرغم من أن علاقة ترامب بنائبه السابق مايك بنس، لم تعد على خير ما يرام، فإنه استعاد مواجهته مع هاريس مؤخرا، ووصف موقفها، حينذاك، بـ"الكريه"، وردّد المرشح الجمهوري هذا الوصف بالتحديد في تعليقٍ على جلسة استماع في الكونغرس في 2018، حين وجّهت هاريس انتقادات لاذعة إلى بريت كافانو، مرشّح ترامب للمحكمة العليا، في وقت كانت فيه سيناتورة.

وحظي سجالهما الحاد في ذلك الحين، بتغطية إعلامية وافية، واقتبست منه مشاهد أخيرا في مقطع فيديو تم بثه خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي الذي شهد الإعلان الرسمي لترشيحها للسباق الانتخابي.

ولأن حديثه غير نمطي، فالوقت الذي يمضيه ترامب في الاستعداد للمناظرة غير نمطي أيضا، إذ ظل طوال عطلة نهاية الأسبوع في نادي الغولف الخاص به في بيدمينستر، بنيوجيرسي، إذ تخيّر الاستعداد للمناظرة عن طريق جلسات لمراجعة السياسات، برفقة مساعديه.

وخلال الفترة الأخيرة، يعتقد أن ترامب عقد ما يصل إلى 6 جلسات من هذا النوع، ليتمكّن من الإلمام بسجل هاريس السياسي، والتفاصيل المتعلقة بحملتها الرئاسية في عام 2020.

هاريس على الجهة الأخرى، أمضت الأيام الأربعة الماضية في فندق أومني ويليام بن، في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، إذ تحضر نائبة الرئيس ما تصفه صحيفة "واشنطن بوست" بـ"معسكر مناظرة".

ما نقلته الصحيفة أن مساعدي هاريس نظّموا لها أجواء لمحاكاة منصّة المناظرة، كما يقف في مواجهتها بديلا، لتأدية دور ترامب، يلاحقها بالهجوم والتعليقات القاسية، كما أنها تُعد العدّة أيضا بتعرّضها لكم كبير من الأسئلة، المتوقّع أن تحاصرها على المنصة الفعلية.